ما يريده المسيح وما نريده نحن بقلم القس سامر عازر

ليس غريبا أن يكون اشتهاؤنا بغير ما يريده المسيح، والسبب أننا ما زلنا مولودين من الجسد ولم نولد بعد من الروح، “فالمولود من الجسد جسد هو والمولود من الروح روح هو”، ولذلك يبقى اشتهاءنا أسير شهوات العالم وعلى رأسها شهوة القوة والتسلط والجبروت.

وليس بتلاميذ المسيح في مراحل تأسيسهم وتهيئتهم للخدمة بأحسن حال منا جميعا، فشهوة قلوبهم كانت للنفوذ والسلطة والجبروت، ولذلك أرادوا من المسيح أن يكون على “قد مقاسهم” ملبيا لهم رغباتهم وطموحاتكم وشهوات قلوبهم، إذ أراد كلا من إبني زبدي يعقوب يوحنا ان يجلسا كل واحد عن يساره والآخر عن يمينه في مجده.

يا للهول، فجموح قلبيهما كان لنيل سلطانا لا بل تسلطا يمارسان به جبروتهم على الناس ويستعلون عليهم ويسخرونهم لخدمتهم. هذا هو نهج العالم اليوم في البحث عن القوة والسلطان, لا لشيء سوى لتحقيق المكاسب المنافع واستعباد الناس لأجل تحقيق أهدافهم وشهوات قلوبهم.

لكن المسبح يريد منا عظمة من نوع آخر، عظمة تتجلى في طريق الخدمة والعطاء والتضحية. عظمة لا في عين الناس بل في عين الله، عظمة تتحقق بتحمل الأشواك واحتمال الآلام والسير لأجل سعادة الآخرين ونجاتهم وخلاصهم من براثن الشر والموت والهلاك والدمار، عظمة تتجلى بروح الإستعداد للخدمة مهما كان ثمنها كبيرا.

فهذه هي العظمة الحقيقية التي يريدنا المسيح أن نسعى لأجلها ونجّد في طريقها لانَّ مجدها أبدي وليس زمني زائف زائل. ولكن السؤال، هل يوجد أمثال هؤلاء العظماء حقا في عالمنا، أم هذا مجرد اشتهاء وطموح صعب المنال؟ لقد أثبت التاريخ أن هناك من يحملون هذا الفكر العظيم والسامي، ويسعون حقا لنيل شرف الجلوس عن يمين المسيح وعن يساره في مجده بتجرعهم ذلك الكأس الذي شرب منه المسيح نفسه مرارة وألما في سبيل من يحب، واصطباغهم بروح الخدمة التي اصطبغ بها المسيح، حيث لا تجد هذه الروح ضيرا أن تنحني لتغسل الأوساخ التي علقت من حولنا.

كم يحتاج عالمنا اليوم إلى قادة عظام في كل مناحي الحياة، قادة تملأ قلوبهم القوة والشجاعة لمناصرة الحق، وقادة يقفون في وجه الظلم والبطش وقول كلمة حق، وقادة يسعون لبناء عالم مؤنسن على الحب والفضيلة، وقادة تعمل أياديهم وتسعى أرجلهم لأجل خير الآخرين وسلامهم وسعادتهم.

لنتذكر أن ما يريده المسيح منا هو السعي لنيل العظمة الحقيقية والتي لن تتجلى إلا عن السير في طريق الخدمة الصادقة، “إن ابن الانسان لم يأتِ ليُخدم بل ليَخدِم وليبذل نفسه فدية عن كثيرين”

Comments are closed.