سبت لعازر العظيم بقلم القس سامر عازر

في مثل هذا اليوم والذي يسبق أحد الشعانين تكشفت عدة أمور هامة تستدعي الوقوف عندها:

أولا، أنَّه من بيت لعازر في بيت عنيا/العيزرية، ومعنى الإسم لعازر “الله قد أعطى العون” انطلق يسوع في اليوم التالي نحو المدينة المقدسة في مستهّل أسبوع الآلام ابتداء من أحد الشعانين. وهذا يروي لنا الكثير بأنَّ الإنسان يبحث عن السلام الداخلي والراحة القلبية والسكينة في بيت محبيه ومريديه، وقد لا يكونوا هؤلاء من عائلته او أقربائه، لكن دفء محبتهم تجذبه إليهم، فقد لا يجد المرء هذا الدفء عند الكثير من الأقارب والأصدقاء، إذ أصبحت الكثير من البيوت اليوم خالية من دفء المحبة والراحة النفسية وسلام القلب، والإنسان عادة ما يبحث في أزماته وضيقاته عن بيوت غامرة بالمحبة ومليئة بصدق المشاعر وفواحة بعطر التقدير والترحيب والإهتمام.

ثانيا، بيت لعازر وأختيه مريم ومرثا هو بيت الكرم وحسن الضيافة، فواجب الضيف أولوية وجب القيام بها لأنَّ الضيف هو شخص عزيز يضيف للبيت روحا جميلة وبركة خاصة وأثرا يصعب نسيانه. فما أجمل الصداقة النقية الصادقة غير القائمة على المصالح والمانحة للقلب بهجة وسعادة لا توصف.

ثالثا، المقاربة بين عمل مريم وعمل يهوذا الإسخريوطي. فهذا الرجل ليس فقط خائنا ومسلما لسيده بقبلة غش، بل لصا وناهبا لأموال الصندوق المؤتمن عليه لخدمة الفقراء والمحتاجين والذي لم يرق له أن تهدِر مريم قارورة الطيب غالي الثمن وتسكبه على رجلي المسيح في دلالة وإشارة سماوية على تكفين يسوع بعد أيام قلائل. فأين هذا القزم يهوذا من هذه الفتاة مريم في عظمة إيمانها وجزيل وعطائها، حيث قدمت ما ادخرته لنفسها تكريما لمن قدس بيتهم بحضوره وباركه بكلمات الحياة والنصيب الصالح، وعرفانا لمن سبق وأقام أخاها لعازر من القبر بعد أن أنتن اربعة أيام بداخله.

رابعا، حقْد رئيس الكهنة على لعازر لم يكن لسبب إلا لأن السيد المسيح أجرى معه معجزة حقيقية/ آية جعلت كثيرون يبحثون عن المسيح ويؤمنون به. وهكذا، فكثيرون يسعون اليوم للإساءة لنا لا لشر اقترفناه بل لخير فعلناه وأمانة أديناها وواجب مقدس قمنا به يمجد اسم الله القدوس. فالغيظ من لعازر ما زال يملأ قلوب أعداء الإنسانية من تمجّد الله في حياتنا، فيبحثون عن طرق للإساءة لنا تماما كما سعوا حتى لقتل لعازر.

خامسا، إقرار الفريسيين بعجزهم عن فعل أي شيء أمام عظمة المسيح هو إقرار بعجز العالم أن يقف في طريق الحق الإلهي وتحقيق مقاصد الله في الحياة. لذلك علينا أن نثق أن القوى البشرية مهما علت وتجبرت تقف عاجزة أن تحول دون تنفيذ إرادة الله ومقاصده.

Comments are closed.