الفكر الذي يجب أن يسودَ فينا بقلم القس سامر عازر
نقترب من نهاية فصل الصوم الكنسي الكبير مع نهاية الأسبوع المقدس وفجر القيامة المجيدة التي تذكرنا أن أوجاع الحياة مهما كانت كبيرة ومهما تجرعنا كأس المّر ومهما كانت طريقنا طريق آلام مضنية ومدمية، لكنها تفضى إلى تحقيق النصر والغلبة مع رسالة فجر القيامة التي نؤمن بها والتي علينا أن نحيا بموجبها رغم كثرة الأشواك والأهوال والضغوطات من حولنا، إذ ما يميز حياتنا هو قيمتنا الحقيقية بنظر الله لنقوم ونحيا في جِدّةِ الحياة المؤمنة بأن الله معنا رغم كل شيء في خضم صعوبات الحياة وتحدياتها ودائرة الحرب والدمار ورائحة الموت.
ومع قرب انتهاء فصل الصوم الكبير هذا، والذي هو حقيقةً دعوة لنُخِليَ ذواتنا من شهوة الأنا و العظمة والكبرياء وأن نرى أنفسنا في ضوء كلمة الله الحية بأننا خداماً نحمل رسالة سماوية خالدة تسمو بالنفس من موبقات الحياة وتدعو للسلام والوئام بين جميع الناس وتعمل على بث روح الأمل والرجاء في قلوب الناس وزرع بذور الخير في كل مكان، إذ لا يمكن أن تقاس حياتنا بقياس المادة والأرقام والحسابات الدنيوية بل تقاس بسموها وبأخلاقها وإنسانيتها وبعطائها في خدمة الإنسان والإنسانية.
وليس أدل على هذه العظمة من تلك الطاعة التي تمثل بها سيدنا يسوع المسيح آخذا صورة عبد وصائرا في شبه الناس. فلم ير في ذلك ضيرا أو انتقاصا من كرامته وشخصيته بل كان ذلك هدفا وضعه أمامه في سبيل خدمة الناس وكل الناس دون استثناء، وشفاء أمراضهم وأسقامهم وشفاء أرواحهم من سطوة الخطيئة ومن الفساد، ليعيشوا أحرارها في فكرهم وقلوبهم، مقدمين لله من القلب كما للرب وليس كما للناس.
ونحن بذلك مدعويين لنراجع حياتنا إن كان صومنا حقا عملية إخلاء من حياة الفراغ والعبثية والعبودية إلى حرية مجد أولاد الله في العطاء والخدمة والتضحية. هذا هو فكر المسيح في حياتنا وبغير ذلك لا تستقيم حياتنا ولا نستحق أن ندعى أبناء لله نحمل رجاء القيامة والفرح والسلام.
لذلك فإننا مدعوين اليوم في شرقنا الجريح أن نسير مع المسيح درب الآلام والجلجثة لنقدر أن نسهم في قيامة مجتمعاتنا نحو الحياة والحرية والسلام والكرامة الإنسانية. عالمنا يحتاج إلى فكر المسيح في التواضع والخدمة والتضحية لتنبت في وسطنا سنابلُ الحنطة التي تؤول إلى بناء مجتمعات متحابة، متعاضدة ومتكاتفة، تعيش بوئام وتبادلٍ للمنتجات الحضارية لتحقيق الأمن البيولوجي المتمثل في البقاء معا والعمل معا والتعاون معا كإخوة وأخوات لخير بلادنا ونهضتها وتقدمها.
Comments are closed.