الأحد الجديد بقلم الخوري شوقي كرم
“لكي تؤمنوا به، ولكي تكون لكم، إذا آمنتم، الحياة باسمه” (يو 20/31).
حين ظهر المسيح القائم من بين الأموات مساء أحد القيامة للرسل وغمرهم مرآه بالفرح، ونفح فيهم حياة جديدة بقوّة الروح القدس، لم يكن معهم الرسول توما. فقالوا له رأينا الربّ. فأجابهم قائلاً :”لن أؤمن ما لم أر موضعي المسمارين في يديه، وأضع إصبعي فيهما، ويدي في جنبه” (يو 20/25).
كيف يمكننا أن نفهم هذا الموقف المشكك بقيامة المسيح لرسول مثل توما ترك كل شيء وتبع يسوع وعاشره واختبره طوال ثلاث سنوات؟ لقد ظنّ توما أولاً أن الرسل رأوا المسيح كما رأى إبراهيم وموسى وإيليا الله، رؤية روحيّة. فشك بهذه الرؤيا التي يمكن أن تكون ضربًا من الوهم، وأكد لهم أن ما يهمّه هو أن يرى ويلمس يسوع الإنسان الذي اختبره، يسوع الذي من لحم ودم، والذي جلد وصلب ومات. ومحبّة يسوع ورغبتو بخلاص كلّ إنسان، جعلتو يتحنّن على توما ويعطيه اللي طلبو ليكون مؤمن لا غير مؤمن، لينعم بالخلاص الّلي حقّقو.
ولو سأل كل واحد منّا نفسه، حتى وإن كان مؤمن دون أن يرى، أليس لديه الرغبة والتوق ليلمس إنسانية يسوع الحقة، إنسانيته المصلوبة والقائمة من بين الأموات، ويصرخ مثل توما: ربي وإلهي. الجواب مبلى! وكونوا على ثقة إنو يسوع ببشريتو الممجدة لن يبخل على أي منّا كما لم يبخل على توما بالمجيء للقائه ليعطينا وَفْقَ رغبة قلبنا لنكن مؤمنين لا غير مؤمنين. لهذا، إذا كنا أنريد حقًّا أن نرى يسوع؟
فالعلامة الأهم لحضوره الحيّ بيننا هي جراحه التي تفجرّت منها ينابيع المغفرة والحياة لنا: من جراح جنب يسوع على الصليب ولدت الكنيسة وأسرار الكنيسة لتكون العلامة الحيّة لحضوره الدايم بيناتنا وبقلب العالم حبًّا بنا ولأجل خلاصنا! لهيك بكلّ مرّة منشترك بسر من أسرار الكنيسة، منلتقي بيسوع الحيّ، ليوحدنا بموتو وقيامتو ويعطينا حياتو ويجدّد الحياة فينا.
والعلامة التانية لحضور يسوع بيناتنا هني المحتاجين والمجروحين اللّي حبّ يتماهى معن! من يتألم ولا يتألم يسوع؟! من يجوع ويعطش ولا يجوع ويعطش يسوع؟! من يقهر ويُزلّ ولا يُقهر ويُزل يسوع؟! من يحزن لفقدان عزيز على قلبه ولا يحزن يسوع؟ وهذه الجراح حملها وسيبقى يحملها في جسده الإنساني الممجد حتى منتهى الدهر، علامة محبته وتضامنه مع البشرية المجروحة. فإن كنا نريد أن نراه ونلمسه ونتأكد من أنه حيّ، فها هو معنا في وجه كل موجوع ومتألم ومحتاج ومشرّد ومحزون: “كل ما فعلتموه مع أحد إخوتي هؤلاء الصغار فمعي فعلتموه”. “من رأى أخاه، رأى الله” كان يقول المسيحيون الأوائل. هذه هو إيماننا، وعلى نوره يمكننا أن نُحبّ ونخدم إخوتنا المجروحين والمحتاجين الذي يأتي المسيح القائم من بين الأموات لخلاصهم.
Comments are closed.