بركات القيامة المجيدة بقلم القس سامر عازر
لم تكن قيامة المسيح أمرا عاديا بل معجزة المعجزات، المعجزة التي تولد الإيمان في القلوب بقدرة الله وسلطانه على الموت ومنحه الحياة والخلود.
قيامة المسيح شكلت حجر الأساس في العقيدة المسيحية وفتحت أبواب الإيمان والرجاء والمحبة، فما هو غير مستطاع عند الناس مستطاع عند الله، ولذلك نؤمن في ظل التحديات والمشاكل الكثيرة أن قدرة الله تمكننا من إجتياز أصعب الظروف وأحلكها والتغلب عليها بالصبر والإيمان والثقة بأن أبواب السماء لا يمكن تقفل في وجوهنا، بل هناك دوما أبواب خير وسلام تفتح لنا من حيث لا ندري.
وقيامة المسيح جرّت بركات عديدة على تلاميذ المسيح وعلى الكنيسة:
فأول الأشياء أنّ القيامة أحيت في قلوبهم الفرح من جديد بعد الحزن والغم الشديدين، وهذا الفرح يلازم المؤمن في كل ظروف حياته لأنه فرح يسمو على المادة وعلى جميع الأحزان مهما عظمت.
ثانيا، أن القيامة نزعت الخوف من القلوب، فقيامة المسيح بددت المخاوف من قلوب التلاميذ خلف الأبواب المغلقة، فماذا أصعب من الموت؟! فإذا كان قاهر الموت معهم وفي وسطهم فمن ماذا بعد يخافون، إذ لا شيء يقدر أن يفصلنا عن محبة المسيح، فحتى الموت أصبح جسرا للعبور من العالم الفاني إلى العالم الباقي الأسمى والأهم، فسطوة الموت والخوف من الموت لم يعد رهبة للمؤمن، “فطوبى للذين يموتون في الرب لكي يستريحوا من أتعابهم وأعمالهم تتبعهم” .
ثالثا، أن القيامة تمنح السلام، ولا سلام أقوى من سلام النفس مع الله واطمئنانها. فبدون سلام النفس هناك عذاب أليم وخوف وقلق واضطراب يفسد جمال الحياة واستقرارها، ولا يمكن للواحد منا أن يتمتع بقيمة الحياة وجمالها دون سلام القلب الداخلي. فهذا السلام يمنح النفس الثقة والشجاعة والعزم على تأدية الرسالة العظمى في الحياة. وكما قال القديس أوغسطينوس أن نفوسنا لن تنعم بالسلام إلا بقربك يا رب السلام. ودعاؤنا الاديبالكبير جبران خليل جبران، أن نعيش الحياة لا نصفها، وأن نعيش المحبة لا نصفها، فلا نعيش أنصاف حياة ولا انصاف محبة ولا نسعى لأنصاف حلول، بل أن نختبر معنى الحياة بكافة جوانبها ونعيش المحبة بكامل أبعاد وان نعمل لأجل حلول كاملة ومشرّفة. عندها فقط يتحقق قصد الله فينا.
رابعا، أن القيامة تؤكد لنا نيل نعمة الروح القدس لأننا نصبح هياكل مقدسة للروح القدس وروح الله القدوس يسكن فينا، فيصبح جسدنا هيكلا مقدسا للرب، وتصعد من حياتنا رائحة البخور الذكية وتكون صلواتنا مسموعة لدى الآب السماوي. والروح الله القدوس الذي يقودنا ويرشدنا هو يعينا وينير دروبنا في إتخاذ القرارات الصائبة في حياتنا والمنسجمة مع إرادة الله القدوس، ولذلك يقول الكتاب المقدس، “كل الذين ينادون بروح الله فأولئك هم أبناء الله”.
خامسا، أن القيامة تؤكد لنا نيلنا غفران الخطايا، فقيامة المسيح هي الختم على صحة أقواله وتعاليمه السماوية، “وطوبى لمن غفر اثمه وستررت خطيئته”. الذنوب والخطايا هي ثقل كبير يشدنا للأسفل، لكن نيل الغفران يقيمنا من جديد فنقدر أن نمشي ولا نتعب، نركض ولا نعيا، ونلبس أجنحة النسور.
سادسا، أن القيامة تدعونا لشرف حمل رسالة القيامة ونورها للعالم الذي يحتاج إلى نور الحياة والمحبة والسلام المصالحة. رسالة القيامة هي رسالة إحياء الأمل والرجاء في القلوب وبث العزم والإرادة بالعمل الجاد والمخلص لبناء عالم أكثر إنسانية ينعم بقيم العدل والسلام والمحبة.
لقد أبرزت القيامة أثر المسامير في يدي المسيح ورجليه وأثر طعنة الحربة في جنبه، وهذا دليل حسي ثابت وأكيد على قيامة المسيح، ما جعل حتى توما أن يؤمن بحقيقة قيامة المسيح وبأنه هو الرب القائم من بين الأموات، وبأن درب القيامة الحقة إنما يمر عبر درب الآلام والجراحات، فمهما كانت تضحياتنا كبيرة فهي دروب لحياة القيامة. نهاية طرق الآلام الغلبة الإنتصار. شكرا لله!
Comments are closed.