عظة المدبر البطريركي الأرشمندريت بولس نزها في عيد القديسين بطرس وبولس


اليوم تُقيم الكنيسة جمعاء تذكار القديسين الرسولين هامتي الرسل بطرس وبولس، شفيعي كرسي بطريركيتنا أنطاكيا مدينة الله العظمى، والكرسي الرسولي في روما.

استشهد هذان الرسولان في روما في عهد الإمبراطور نيرون،
عام 67 م.

بطرس: في اللغة اليونانية يعني “الصخرة”، هو سمعان بن يونا من بيت صيدا (الجليل)، متزوج وله أخ هو الرسول أندراوس، وكانا يعملان في صيد السمك. استشهد مصلوبًا ورأسه إلى أسفل.

بولس: يعني “الذي يكفّ” أو “الصغير”. اسمه الأصلي “شاول” من مدينة طرسوس (تركيا حاليًا). كان ذا ثقافة عالية، وينتمي إلى مذهب الفريسيين. قُطع رأسه بالسيف لأنه كان مواطنًا رومانيًا.

الكنيسة المقدسة تُكرّم هذين الرسولين معًا. وأي مديح يعلو على مديح الرب نفسه لهما؟

قال الرب لبطرس:
“أنت الصخرة وعلى هذه الصخرة سأبني كنيستي، وأبواب الجحيم لن تقوى عليها… أتحبني؟ إرعَ خرافي… ثبت إخوتك”.

وسمّى بولس:
“الإناء المصطفى”.

على رئاسة بطرس وخلفائه الأحبار الرومانيين، وعلى تعليم بولس وسائر الرسل وخلفائهم الأساقفة، قامت كنيسة المسيح وستبقى، لأن مخلصنا وعدنا:
“ها أنا معكم حتى انقضاء الدهر”.

ولا بد لهذه الكنيسة أن تعود يومًا فتضم كل أبنائها في الوحدة الجامعة، وتكون رعية واحدة وراعٍ واحد.
في عيد القديسين بطرس وبولس، نتأمل في نقطتين رئيسيتين من الإنجيل والرسالة، تتعلقان بـ الإيمان والمحبة:

1- الثبات في الإيمان:

يُحدثنا الإنجيل عن إعلان الإيمان من قِبل بطرس الذي يمثل كل واحد منا:
“من تقول الناس إني أنا؟”
فأجاب بطرس:
“أنت المسيح ابن الله الحي” (متى 16: 16).

هذا الاعتراف العفوي لم يأتِ من بطرس ذاته، بل من الآب السماوي، ولهذا قال له يسوع:
“أنت الصخرة وعلى هذه الصخرة سأبني كنيستي” (متى 16: 18).

اعتراف بطرس بالإيمان بيسوع يُبين أساس خدمته ورسالته بين المؤمنين، وهي ممكنة بنعمة من السماء:
“ليس اللحم والدم كشفا لك هذا، بل أبي الذي في السماوات”.

لكن عندما تكلم الرب عن موته وقيامته، رفض بطرس ذلك:
“حاشَ لك يا رب! لن يصيبك هذا”،
فأجابه يسوع بكلام قاسٍ:
“اذهب خلفي! فأنت شكٌّ لي” (متى 16: 23).

كلٌّ منا يمكن أن يكون حجر عثرة إن استسلمنا للمنطق البشري وتركنا الإيمان.

الإيمان بيسوع هو نور حياتنا كمسيحيين وكخدّام في الكنيسة.

2- الثبات في المحبة:

في الرسالة، نسمع كلمات بولس المؤثرة:
“جاهدت الجهاد الحسن، وأتممت شوطي، وحافظت على الإيمان”
(2 تيموثاوس 4: 7).

بولس لا يتحدث عن معارك بشرية، بل عن معركة الاستشهاد.
سلاحه الوحيد هو المسيح:
“أنا قوي بالذي يقويني”.

وهكذا بذل حياته كلها من أجل المسيح وكلمته. كما قال الرب عنه:
“هذا لي إناء مختار يحمل كلمتي إلى المسكونة كلها”.

وضع بولس نفسه في المقدمة، بذل ذاته بالكامل من أجل الإنجيل، وكان أمينًا لخدمة الكنيسة.

نحن أيضًا مدعوون لأن نحيا في محبة المسيح، وننقلها للجميع دون تفرقة،
“فليس عبد ولا حر، فالمسيح للجميع وفي الجميع”.

قال البابا الراحل فرنسيس للأساقفة والكهنة:

> “لديكم الواجب ذاته: أن تذوبوا في الإنجيل، دون ادّخار أي جهد من أجل خدمة شعب الله المؤمن”.


الاعتراف بالرب يُهيّئ النفس، وبذل الذات في سبيل محبته يجعلنا خدّامًا للوحدة.
إخوتي، الميراث الذي يأتمن عليه القديسان بطرس وبولس هو كل واحد منا،
لنحيا بالإيمان، ونعترف بالرب يسوع مخلّصًا وفاديًا،
ولنثبت في المحبة كي يعرف العالم المسيح ويُقبل إليه:

“أنظروا كيف يحبّون بعضهم بعضًا”.

Comments are closed.