عِيدُ ٱلْقِدِّيسَيْنِ بُطْرُسَ وَبُولُسَ بقلم الخوري شوقي كرم
ذِكْرَى رِسَامَتِي ٱلْكَهَنُوتِيَّةِ ٱلسَّابِعَةِ وَٱلثَّلَاثِينَ
“وَإِنْ كَانَ لا بُدَّ مِنَ ٱلِٱفْتِخَارِ، فَأَنَا أَفْتَخِرُ بِأَوْهَانِي!”
ربّي يسوع! فِي تَأَمُّلِي فِي مَسِيرَةِ حَيَاتِي ٱلْكَهَنُوتِيَّةِ لِسَبْعٍ وَثَلَاثِينَ سَنَةً، فِي ضَوْءِ قِرَاءَاتِ عِيدِ ٱلْقِدِّيسَيْنِ بُطْرُسَ وَبُولُسَ ٱلْعَظِيمَيْنِ، لَمْ أَجِدْ نَفْسِي غَرِيبًا عَنِ ٱلْوَاقِعِ ٱلَّذِي تَدْعُو فِيهِ شَخْصًا مَا لِيَكُونَ مِنْ خَاصَّتِكَ، وَلَا بَعِيدًا عَنِ ٱلطَّرِيقَةِ ٱلَّتِي تُحَقِّقُ فِيهَا مَا لِأَجْلِهِ دَعَوْتَهُ.
فَمِنْ حَيْثُ ٱلِٱخْتِيَارُ، فَأَنَا مِثْلُ بُطْرُسَ وَبُولُسَ، لَمْ أَكُنْ أَبَدًا مُسْتَحِقًّا خِيَارَكَ وَدَعْوَتَكَ. وَمِنْ حَيْثُ تَجْدِيدُ عَهْدِكَ مَعِي عَلَىٰ مَرِّ هٰذِهِ ٱلسِّنِينَ، فَيُمْكِنُنِي أَنْ أَقُولَ مَعَ بُطْرُسَ: أَنَا مُسْتَمِرٌّ بِفَضْلِ مَغْفِرَتِكَ لِكُلِّ نَقْصٍ فِي حُبّي لَكَ وَلِاخوَتِي؛ وَيُمْكِنُنِي أَنْ أَشْهَدَ مَعَ بُولُسَ: “أَنَا أَفْتَخِرُ بِأَوْهَانِي”، لِأَنَّ فِيهَا ٱخْتَبَرْتُ قُوَّةَ نِعْمَتِكَ وَعَظَمَةَ فَعَّالِيَّتِهَا.
صَحِيحٌ أَنَّكَ ٱخْتَرْتَنِي، مِثْلَ بُطْرُسَ، لِأَكُونَ صَخْرَةً بِإِيمَانِي، تَبْنِي عَلَيْهَا كَنِيسَتَكَ، وَهٰذَا مَا سَعَيْتُ إِلَيْهِ وَأَسْعَىٰ إِلَيْهِ ٱلْيَوْمَ: أَنْ أَبْنِيَ، بِإِيمَانِي وَرَجَائِي وَمَحَبَّتِي، مَنْ تُرْسِلُنِي إِلَيْهِمْ، أَنْ أَبْنِيَهُمْ عَلَيْكَ، أَنْتَ ٱلصَّخْرَةُ ٱلْحَقَّةُ، وأَنْ أَخْتَفِي!
وَلَكِن، هَيْهَاتَ أَنْ أَصِلَ إِلَىٰ مَا وَصَلَ إِلَيْهِ بُولُسُ – مُلْهِمِي فِي رُوحَانِيَّتِي ٱلْكَهَنُوتِيَّةِ – مِنْ غَيْرَةٍ رَسُولِيَّةٍ، وَثَبَاتٍ فِي ٱلشَّهَادَةِ لَكَ، رَغْمَ كُلِّ مَا أَصَابَهُ مِنْ آلَامٍ، مِنْ إِخْوَتِهِ وَأَبْنَاءِ كَنِيسَتِهِ وَمِنَ ٱلْأُمَمِ! وَهَيْهَاتَ أَنْ أَصِلَ إِلَىٰ شَجَاعَةِ بُطْرُسَ وَحِكْمَتِهِ فِي تَدْبِيرِ كَنِيسَتِكَ!
هَيْهَاتَ! أَقُولُهَا بِأَسًى، لَا لِأَنَّنِي لَسْتُ قَادِرًا – بِقُوَّةِ نِعْمَتِكَ – أَنْ أَصِلَ كَمَا وَصَلَا، بَلْ لِأَنَّنِي غَالِبًا مَا كُنتُ أَتَعَثَّرُ بِٱلْآلَامِ ٱلَّتِي تُصِيبُنِي، رَغْمَ مَعْرِفَتِي بِأَنَّهَا جُزْءٌ لَا يَتَجَزَّأُ مِنْ مَسِيرَةِ ٱتِّبَاعِكَ وَٱلِٱقْتِدَاءِ وَٱلتَّشَبُّهِ بِكَ، وَلَمْ أُسَارِعُ إِلَىٰ ٱلتَّسَلُّحِ بِنِعْمَتِكَ فِي مُوَاجَهَتِهَا، بَلْ أَتَّكَلتُ غَالِبًا عَلَىٰ عِلْمِي وَخِبْرَتِي لِأَنْتَصِرَ عَلَيْهَا.
وَكَمَا أَنَّ بُطْرُسَ وَبُولُسَ لَمْ يَسْتَطِيعَا أَنْ يُوَلِّدَا مَا وَلَّدَاهُ مِنْ ثِمَارٍ رُوحِيَّةٍ وَفِيرَةٍ فِي مَسِيرَتِهِمَا ٱلرَّسُولِيَّةِ فِي مُخْتَلِفِ أَصْقَاعِ ٱلْأَرْضِ، دُونَ قُوَّةِ ٱلنِّعْمَةِ ٱلْإِلٰهِيَّةِ، وَٱنْقِيَادِهِمَا لِلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ، وَتَعَاوُنِ جَمَاعَةِ ٱلْمُؤْمِنِينَ مَعَهُمَا، فَأَنَا أَيْضًا أَشْهَدُ أَمَامَ ٱللَّهِ وَأَمَامَكُمْ جَمِيعًا، أَنَّنِي بِقُوَّةِ ٱلنِّعْمَةِ ٱلْإِلٰهِيَّةِ، وَٱلشَّرَاكَةِ مَعَ ٱلْعِلْمَانِيِّينَ، حَقَّقْتُ مَا حَقَّقْتُهُ فِي رِسَالَتِي مِنْ أَعْمَالٍ تَبْنِي ٱلْكَنِيسَةَ وَتُمَجِّدُ ٱللَّهَ.
وَعَلَيْهِ، أَشْكُرُ ٱللَّهَ عَلَىٰ أَفْرَادِ عَائِلَتِي ٱلَّذِينَ أَحَاطُونِي دَوْمًا بِمَحَبَّتِهِمْ وَعِنَايَتِهِمْ، وَوُقُوفِهِمْ إِلَىٰ جَانِبِي فِي كُلِّ ٱحْتِيَاجَاتِي. وأَشْكُرُ ٱللَّهَ عَلَىٰ كَهَنَةِ ٱلْإِكْلِيرِيكِيَّةِ وَطُلَّابِهَا، وَطُلَّابِ ٱلْجَامِعَاتِ ٱلَّتِي أُعَلِّمُ فِيهَا، لِأَنَّهُمْ يَحُثُّونَنِي عَلَىٰ ٱلتَّجَدُّدِ ٱلْفِكْرِيِّ وَٱلرُّوحِيِّ. وَأَشْكُرُ اللّه عَلَىَ كُلِّ كَاهِنْ رَافَقَنِي بِأُخُّوَتِه لِي، وَعلَى كُلِّ مُحسِنٍ لِي وَهَبَنِي مَحَبَّتِه وَعَطْفِهِ وَكَرَمِهِ لِأَعِيشَ بِكرَامَة. وَأَشْكُرُهُ عَلَىٰ ٱلْكَهَنَةِ وَأَعْضَاءِ ٱلْجَمَاعَاتِ ٱلرَّسُولِيَّةِ ٱلْعَامِلِينَ فِي رَعِيَّةِ ٱلسَّيِّدَةِ ٱلْوَرْدِيَّةِ – حَرَاجِل، وَعَلَىٰ أَبْنَائِهَا ٱلَّذِينَ، بِدُونِ تَعَاوُنِهِمْ وَمُشَارَكَتِهِمْ، لَمْ أَكُنْ لِأَسْتَطِيعَ أَنْ أُتَمّمَ رِسَالَتِي ٱلْكَهَنُوتِيَّةَ بَيْنَهُمْ، وَلَا أَنْ نُحَقِّقَ ٱلتَّغْيِيرَ ٱلَّذِي تَحَقَّقَ عَلَىٰ ٱلْأَصْعِدَةِ ٱلرَّعَوِيَّةِ كَافَّةً.
وَجَلُّ مَا أَطْلُبُهُ ٱلْيَوْمَ، هُوَ أَنْ تُصَلُّوا مِنْ أَجْلِي إِلَى ٱلرَّبِّ، لِيُنِيرَ ضَمِيرِي بِحِكْمَتِهِ، لِأَسْتَطِيعَ أَنْ أُمَيِّزَ دَوْمًا مَشِيئَتَهُ فِي حَيَاتِي، وَأَنْ أَتَبَنَّىٰ هٰذِهِ ٱلْمَشِيئَةَ، وَأَنْ أَعْمَلَ بِهَا لِمَا فِيهِ خَلَاصِي وَخَلَاصُكُمْ جَمِيعًا. لَهُ ٱلْمَجْدُ وَٱلشُّكْرُ، مِنَ ٱلْآنَ وَإِلَى ٱلْأَبَدِ. آمِينَ.
Comments are closed.