كلمات تلسع وتحفّز… الوجه الآخر للتنمّر بقلم الدكتورة باسمة السمعان
اعتدنا أن نربط كلمة “تنمّر” بالأذى النفسي، والسخرية الجارحة، والتقليل من شأن الآخرين. لكن هناك نوعاً مختلفاً من النقد الحاد، يمكن – إذا قُدِّم بحكمة وحب – أن يصبح محفزاً حقيقياً، ويُعرف بـ “التنمّر الإيجابي”.
التنمّر الإيجابي ليس إذلالاً، ولا تسلية على حساب مشاعر شخص آخر، بل هو مزيج من الدعابة والنقد البنّاء، يُستخدم لدفع شخص إلى تجاوز كسله أو تردده، وتحفيزه على بذل المزيد من الجهد. يشبه الأمر دفعة صغيرة على الكتف، تقول: “هيا، أنت تستطيع أكثر.”
الفارق بينه وبين التنمّر السلبي كبير. في الإيجابي، الرسالة موجهة إلى السلوك أو الأداء، لا إلى شخصية الإنسان أو شكله أو قيمته. والأهم أن تكون النية واضحة، والعلاقة قائمة على الاحترام والثقة، بحيث يتأكد الطرف الآخر أن الهدف هو مصلحته لا الإضرار به.
قد يأتي التنمّر الإيجابي في شكل مزحة ذكية:
“يبدو أن الكنبة صارت أقوى منك، متى ستعود إلى الجيم؟”
أو في صورة تحدٍّ محفّز:
“هل نرسل لك دعوة رسمية للانضمام إلى الاجتماع؟”
هذه العبارات، إذا قيلت بروح محبة، تستطيع كسر حاجز الكسل وإشعال المنافسة الإيجابية، خصوصاً حين يتبعها دعم حقيقي أو عرض للمساعدة.
لكن، حتى يظل هذا الأسلوب في الجانب المشرق، هناك خطوط حمراء لا يجب تجاوزها:
• ألا يُستخدم أمام جمهور يسبب إحراجاً للطرف الآخر.
• ألا يتحول إلى تكرار يرهق الشخص نفسياً.
• ألا يقترب من المظاهر الجسدية أو الصفات الشخصية الثابتة.
في النهاية، التنمّر الإيجابي هو فنّ في استخدام الكلمة، يجمع بين خفة الظل وصدق النية، فيحوّل النقد من طعنة في القلب إلى شرارة في الروح، تدفع الإنسان نحو الأفضل.
Comments are closed.