الإمتلاء من الروح القدس بقلم القس سامر عازر
روح الله القدوس هو الروح المحيي فينا أروحانا، والمجدد فينا قوانا الخائرة، والباعث فينا رجاء بأنّ الحياة لا تسير نحو المجهول وبأنها ليست عبثية، بل حياة تسير وفق الغاية التي خلقها الله لأجلها لتحقيق الحب الحقيقي والجمال والسلام.
لذلك يحتاج عالمنا على الدوام أن يمتلأ من نعمة روح الله القدوس، لنعيش كأبناء النور وأبناء القيامة. وربما هذه هي هي رسالة الكنيسة المسيحية المقدسة الجامعة الرسولية الممتلئة بنور المسيح وقوته، والتي عاشت شاهدة للحق الإلهي طيلة القرون الماضية منادية بكل قيم المحبة والعدالة والمصالحة والسلام حتى في أوقات بدت أحياناً صعبة وقاسية وخطرة، ومع ذلك فلا يمكن للكنيسة الحقه أن تستكين أو تصمت أمام أهوال العالم وشروره، فعالمنا يحب الظلمة أكثر من النور مع أن النور قد أتى إلى العالم، ولكن العالم الشرير يرفض النور ويخشاه، لأنَّ النور يُعرّيه ويكشف عورته وفساده، فيهرب إلى الظل وإلى العتمة للإختباء، تماماً كما إختبأ أدم في جنة عدم خوفا من أن يراه الله. وحالة آدم هذه لا زالت تنعكس في عالمنا اليوم، فالعالم أصبح من الخطية عريان وما يخشاه هو النور لأن النور يكشف حقيقته كما تكشف صور الأشعة الحديثة بأحدث التقنيات العيوب الموجودة داخل أجسامنا.
ولكن الله لم ولن يتركنا لنهلك، ولذلك أعد لنا طريقاً للخلاص، ودعوته لنا ليس لكي يديننا بل لكي يخلصنا لنعود إليه كما عاد الإبن الضال فيكون هناك فرح غامر وسعادة حقيقية، وحياة جديدة ممتلئة نعمة. فكم يحتاج العالم اليوم أن يمتلأ من النور الإلهي لأنه وحده القادر أن يغيّر حياتنا ويجددها ويقودها لتعمل الأعمال التي ترضي الله وتسّر قلبه. ومن لا يقبل عمل روح الله القدوس في حياته فإنه يحرم نفسه من نور المحبة الإلهية ويحرم نفسه البركة الإلهية، وهذه هي أكبر خطية عندما نحرم أنفسنا من قبول نعمة روح الله القدوس في حياتنا وكما بوصف الكتاب المقدس “التجديف على الروح القدس”، فمن لا يفتح قلبه وعقله لعمل روح الله القدوس في حياته فإنه يدين نفسه قبل أن يدينه الله.
ففي عيد العنصرة أو عيد حلول الروح القدس على التلاميذ والكنيسة، نحتاج أن نمتلأ كلَّ يوم من نعمة الروح القدس لكي يوجهنا لنعمل الأعمال الصالحة والصحيحة ونتخذ القرارات الصائبة بكل أمانة ومسؤولية حتى ولو جرّت علينا المتاعب. فأعمَالُنا تكشف عمق ما بداخلنا، والتي لا نخشى أن تنكشف للنور لأنها ستزداد بهاء وقوة وإشراقة.
Comments are closed.