البابا: لنوصل الرسالة إلى مختلف الثقافات من خلال مقترحات تتماشى مع ذكاء الكائن البشري وتحترم هوية كل شعب
خطاب البابا إلى أعضاء “مجموعات أخويات القديس توما الأكويني”.
استقبل البابا فرنسيس ظهر يوم الجمعة في الفاتيكان أعضاء “مجموعات أخويات القديس توما الأكويني”، التي تحتفل بالذكرى السنوية الستين لتأسيسها وسلم ضيوفه خطاباً توقف فيه عن الإرث الذي تركه لنا القديس توما الأكويني وتحدث أيضا عن أهمية التربية.
قال البابا إن الجماعة أبصرت النور في العام ١٩٦٢ برغبة من الأخ الراحل أنيبال فورسبيري، تحركه الرغبة الكبيرة في تطبيق تعالم المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني، مضيفا أنه يود أن يرفع الشكر لله على الثمار التي نتجت عن دعوته وخدمته.
بعدها لفت البابا إلى أن المجمع دعا إلى يقظة حيال الحقوق والواجبات التي تترتب على العلمانيين حيال الرسالة التبشيرية، إذ إنهم مدعوون إلى حمل نور الإنجيل إلى واقعنا المعاصر، بالشراكة مع رعاة الكنيسة، تدفعهم المحبة المسيحية. وأضاف فرنسيس أن الجماعة تقبلت رسالة المجمع وأطلقت العديد من المشاريع للكرازة بالإنجيل وسط الشبان والعائلة، وأنشأت عدداً كبيراً من المدارس والجامعات في مختلف أنحاء العالم.
انتقل الحبر الأعظم بعدها إلى الحديث عن السياق التاريخي الذي عاش فيه شفيع الجماعة القديس توما الأكويني، والذي واجه هو أيضا تحديات عدة. وقد اكتشف أن قسماً كبيرا من كتابات الفيلسوف الإغريقي أرسطو يتلاءم مع الوحي المسيحي، وتمكن أن يُظهر – في القرن الثالث عشر – وجود تناغم طبيعي بين الإيمان والعقل، وأضاف البابا أنه عندما ندرك هذا الغنى، الضروري من أجل تخطي الأصولية والتعصب والأديولوجيات، ينفتح أمامنا الباب لنوصل رسالة البشرى السارة إلى مختلف الثقافات، من خلال مقترحات تتماشى مع ذكاء الكائن البشري وتحترم هوية كل شعب.
هذا ثم أكد البابا أن القديس توما الأكويني ترك لنا شهادة أخرى ألا وهي علاقته الوطيدة مع الله، التي تجلت من خلال السجود ليسوع الحاضر في القربان. وقد وضع أناشيد إفخارستية جميلة جداً ما تزال تُستخدم لغاية اليوم في الليتورجية الكنسية. ولفت فرنسيس هنا إلى أهمية الصلاة واتحاد القلب مع الرب، لأنه بهذه الطريقة يتغذى روحنا ويتقوى وتبلغ القدرات البشرية كمالها كالذكاء، ونصبح قادرين على رؤية الأوضاع من منظار مختلف. وأضاف أن الإيمان والعقل، وعندما يسيران يداً بيد هما قادران على إعطاء دفع قوي لثقافة الكائن البشري، وإضفاء معنى على العالم، وبناء مجتمعات أكثر إنسانية وأخوة ومتشبعة من الله.
بعدها ذكّر البابا ضيوفه بالإرشاد الرسولي “فرح الإنجيل” وقال إن التحدي الذي يواجهه اليوم أعضاء الجماعة، على صعيد الكرازة بالإنجيل، لاسيما وسط المدن المتعددة الثقافات والديانات، يتطلب منهم تواضعاً كبيراً كي يعرفوا كيف يقتربون من الجميع، دون استثناء أحد، حتى الأشخاص الذين لا يتقاسمون معنا الإيمان والقيم. وهنا – مضى يقول – لا بد من الدخول في حوار مع الأشخاص ومع أحلامهم وقصصهم، وجراحهم ومتاعبهم، لأن كل ما هو بشري يستأهل أن يُعانق من قبل محبة الله ورحمته.
لم تخلُ كلمات البابا من الحديث عن التعليم، وقال إن هذا النشاط هو وجه من أوجه أعمال الرحمة الروحية، مضيفا أن التربية تعطي معنى لعناصر الحياة، ولا تقتصر على تقاسم المعارف وتنمية القدرات، إذ إنها تساعد على استخراج أفضل ما يوجد لدى كل شخص، كي يشع بنور المسيح في هذا العالم. ولفت البابا إلى أن الرب يجعلنا نشارك في نوره وطبيعته ولهذا السبب إن كل تلميذ له ينير العالم ويبدد العتمة ويبدل الواقع.
في ختام كلمته إلى أعضاء “مجموعات أخويات القديس توما الأكويني” قال البابا إنه يوكل ضيوفه إلى حماية العذراء مريم، التي تعلّمنا أن نكون مبشرين بالإنجيل وسط الثقافة والشبان والعائلات، حاملة لنا الحنان الإلهي. وسأل الرب، الذي هو نور العالم، أن يجعل ثمار الجماعة تتكاثر بشكل يعود بالفائدة على العائلة البشرية برمتها.
Comments are closed.