ليست القداسة وحدها عنوانًا عريضًا يتوّج تاريخ لبنان الأصيل، فها هي الشّهادة تتزاوج مع القداسة لتجعل من بلدنا الحبيب أرض البِرّ والصّلاح، أرض العطاء والإيمان.
ففي هذا اليوم المبارك، يشعّ تذكار الشّهداء الأساقفة تيرانيوس وسيلوانوس والكاهن زينوبيوس ورفاقهم اللّبنانيّين الذين استشهدوا في مدينة صور.
ينصّ التّاريخ أنّه في فينيقية لبنان، في أيّام ديوكلتيانوس الملك، استشهد الطّوباويّون بأمر فيتوريوس قائد العسكر، الواحد تلو الآخر، بأشدّ الأساليب التّعذيبيّة وأكثرها تعدّدًا.
بالمجلد الحادّ مُزّق جلد أجسادهم وللوحوش المفترسة طُرحوا بلا رحمة، غير أنّ الأذيّة لم تكن لهم نصيبًا إذ إنّ العناية الإلهيّة نجّتهم من أن يمسّهم سوء.
ولأنّ الشّهادة إكليل وتاج مرصّع بالإيمان ومذهَّب بالخلاص، بالنّار المقرون بالحديد سلّم الأساقفة والكاهن ورفاقهم أرواحهم الطّاهرة عام ٣٠٤.
صور، أرض الأصالة والتّراث والجمال والطّبيعة، تزيّنت في هذا اليوم المجيد بالشّهادة والقداسة والسّلام. هي التي رسّخت تاريخ الأبرار بحبر مغمّس بالدّماء والنّار، أحرقت ريشتها صفحات تاريخ الصّدّيقين فلفح عطر القداسة وأريج الإيمان مسكرًا لبنان والعالم.
لنذكر اليوم الشّهداء الأساقفة تيرانيوس وسيلوانوس والكاهن زينوبيوس ورفاقهم اللّبنانيّين في صلواتنا الصّادقة، فهنيئًا لنا نحن اللّبنانيّين لأنّنا خُلقنا من تراب أرض المجد والقداسة، هنيئًا لنا بأسلاف تخلّوا عن أرواحهم سبيلًا للخلاص، علّنا نسير اليوم على خطى أجدادنا الأبرار.