أجرت صحيفة Avvenire الإيطالية مقابلة مع بطريرك القسطنطينية المسكوني برتلماوس الأول تطرق خلالها إلى مجموعة من المسائل الكنسية، من بينها المسيرة المسكونية، كما تناول موضوع الاضطهاد الذي يعاني منه المسيحيون في منطقة الشرق الأوسط.
أكد برتلماوس أن رسالة الكنيسة تتمثل في الشهادة للإنجيل، لافتا إلى أنه ناضل وما يزال يناضل من أجل تحقيق الاستقرار والوحدة وسط الكنائس الأرثوذكسية، وبغية تعزيز الحوار بين الثقافات والأديان وبين الكنائس المسيحية، مذكراً أيضا بأنه تبنى العديد من المبادرات لصالح البيئة الطبيعية والسلام والتضامن في العالم كله، فضلا عن الجهود الرامية إلى ضمان احترام حقوق الإنسان الأساسية وفي طليعتها الحق في الحرية الدينية. ولفت أيضا إلى أنه يولي أهمية كبرى لمسألة تعزيز وحدة المسيحيين.بعدها أشار غبطته إلى أنه خلال العام المنصرم صادفت الذكرى المئوية الأولى للرسالة العامة التاريخية الصادرة عن البطريركية المسكونية بشأن وحدة المسيحيين، واعتُبرت الوثيقة بمثابة “الشرعة الدستورية” للحركة المسكونية التي انطلقت لاحقاً. وعلى أساسها، وبالتعاون مع الكنائس البروتستانتية، أبصر النورَ المجلس المسكوني للكنائس في العام 1948. وأوضح أن هذا الأمر ساهم في إحداث تقارب بين المسيحيين الذين باتوا يعرفون بعضهم جيداً اليوم ويُطلقون مشاريع مشتركة في مجال التضامن، ويصيغون نصوصا لاهوتية مشتركة ويمدون يد المساعدة إلى المسيحيين المحتاجين.في سياق حديثه عن الحوار المسكوني، قال البطريرك برتلماوس الأول إن هذا الحوار ينبغي أن يتم على مستويات ثلاثة: أولا على مستوى الاتصالات الأخوية الشخصية، والمبادرات المشتركة والتعاون بين قادة الكنائس؛ ثانياً على صعيد الحوار اللاهوتي، والذي حقق انجازات هامة في زماننا الراهن؛ أما المستوى الثالث فهو “حوار الحياة”، والاتصال والتعايش والتضامن بين المسيحيين في المجتمعات المعاصرة حيث صار “المختلف” قريباً منا. هذا الحوار يقدّم فسحة للآخرين بعيدا عن الخوف من فقدان الهويات الخاصة.لم تخلُ كلمة غبطته من الإشارة إلى الرابط الذي يجمعه مع البابا فرنسيس، وكانت له لقاءات عديدة معه ساهمت في تسهيل الحوار الأرثوذكسي – الكاثوليكي. وقال إنه لدى انتخاب البابا في العام 2013 قرر المشاركة في احتفال بداية الحبرية في الفاتيكان، ومنذ ذلك التاريخ ربطته علاقات أخوية مع البابا فرنسيس، وحصلت حوالي عشرة لقاءات بينهما. ولفت إلى الاهتمامات والنوايا المشتركة حول العديد من القضايا الاجتماعية، شأن الاعتناء بالفقراء واللاجئين، وتعزير السلام والمصالحة، ودفع الحوار بين الأديان وحماية الخليقة.وذكّر برتلماوس بعدها باللقاء الذي جمعه مع البابا فرنسيس في القدس عام 2014 في الذكرى السنوية الخمسين للقاء التاريخي بين البابا بولس السادس وبطريرك القسطنطينية المسكوني آنذاك أثيناغوراس. وأضاف في هذا السياق أن الثقة المتبادلة بينه وبين البابا برغوليو، والرغبة المشتركة في تذليل العقبات في المسيرة المؤدية إلى الوحدة المنشودة، فضلا عن اللقاءات الشخصية والإعلانات المشتركة، كلها أمور ساهمت في تنمية العلاقات بين الكنستين. وأكد غبطته أن تحقيق الوحدة يتطلب حوارا صادقاً ونزيهاً، معربا عن قناعته بأن ما يهدد شهادة الكنيسة ليس الانفتاح والحوار إنما الانغلاق على الذات. |
في ختام حديثه لصحيفة Avvenire تطرق برتلماوس إلى الاضطهاد الذي يواجهه المسيحيون في الشرق الأوسط وذكر بأن المجمع المقدس أدان اضطهاد وقتل أفراد الجماعات الدينية وإرغامهم على تغيير معتقداتهم، فضلا عن التعرض لدور العبادة والرموز الدينية، معربا عن قلقه حيال أوضاع المسيحيين في الشرق الأوسط، ودعا حكومات المنطقة إلى توفير الحماية لهم في الأرض التي كانت مهداً للإيمان المسيحي.