“لا بد من رفع الإجراءات العقابية التي تزيد من تفاقم الأوضاع المعيشية للمواطنين السوريين الذين لم يعد لديهم ما يأكلون كما يفتقرون إلى وسائل التدفئة وسط البرد القارس”، بهذه العبارات عادت الكنيسة في سورية لتُسمع صوتها على لسان رئيس أساقفة حلب للروم الملكيين الكاثوليك المطران جان كليمان جانبار، الذي دعا أيضا إلى مساعدة الجماعات المحلية على البقاء حيثما توجد، وعلى متابعة العيش في البلد الذي وُلدت فيه.
جاءت كلمات سيادته خلال مقابلة أجراها معه الفرع البريطاني لهيئة مساعدة الكنيسة المتألمة منددا بالعقوبات الغربية المفروضة على سورية والتي ساهمت في جعل المواطنين يعيشون في حالة من الفقر المدقع، في بلد يعاني من حرب دمويةمنذ أكثر من عشر سنوات، ومن أزمة اقتصادية خانقة. قال سيادته إن الناس يتفقرون إلى الطعام والتيار الكهربائي وما يكفي من المحروقات والغاز ليدّفئوا بيوتهم خلال فصل الشتاء. كما أن المواطنين لا يمكنهم الحصول على قروض ليلبّوا احتياجاتهم. لقد فقدوا كل شيء.ورأى المطران جانبار أن العقوبات الغربية المفروضة على دمشق تزيد من تفاقم الأوضاع وحسب، ولن تأتي بغايتها ألا وهي إضعاف النظام السوري. وأضاف أن هذه العقوبات أدت إلى نتيجة واحدة: فهي تؤلم الناس، وتزيد من فقرهم وبؤسهم، ولن تؤثر إطلاقاً على الحكومة أو على الطبقة السياسية. فهذه الإجراءات، مضى يقول، تحرم العائلات مما تحتاج إليه كي تعيش بكرامة. وتوجَّه إلى المنظمات غير الحكومية الساعية إلى مساعدة المواطنين السوريين قائلا: إذا أرادت هذه المنظمات أن تساعدنا فلتساعدنا على البقاء حيث نحن، وعلى الاستمرار في البلد الذي وُلدنا فيه.بعدها شدد رئيس أساقفة حلب للروم الملكيين الكاثوليك على ضرورة إقامة حوار مع الرئيس السوري بشار الأسد وقال بهذا الصدد: لا بد من قيام حوار متّزن، يُبقي الباب مفتوحا أمام رئيس البلاد والحكومة ليقولا كلمتهم، واعتبر أن الحكومات الغربية يمكنها أن تمارس الضغوط وتلبي المطالب لكن شرط أن تقبل بالبحث عن درب تقود إلى السلام وأن توافق على تغيير بعض تصرفاتها.تصريحات المطران جانبار هذه جاءت بعد أقل من شهر على النداء الذي وجهه إلى الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن، أمين عام مجلس كنائس الشرق الأوسط ميشال عبس، وبطريرك السريان الأرثوذكس مار اغناطيوس أفرام الثاني وبطريرك السريان الكاثوليك اغناطيوس يوسف الثالث يونان، وبطريرك الروم الملكيين يوسف عبسي. طلب القادة المسيحيون الأربعة من الرئيس بايدن “ردا ملحا” من أجل مساعدة السوريين والتخفيف من وطأة الأزمة الإنسانية التي تهدد بموجة جديدة من انعدام الاستقرار في الشرق الأوسط، وذلك بدءا من رفع العقوبات المفروضة على سورية.وذكّرت الرسالة بأن العاملين الإنسانيين متفقون على أن هذا النوع من “العقاب الجماعي ضد الشعب السوري كله يقود البلاد نحو كارثة لم يسبق لها مثيل”. وتطرق القادة المسيحيون الأربعة إلى التوصيات الأخيرة الصادرة عن المقرّرة الخاصة للأمم المتحدة بشأن التبعات السلبية للإجراءات العقابية الأحادية الجانب على حقوق الإنسان، وشددت على ضرورة أن تُرفع العقوبات عن سورية في أسرع وقت ممكن خصوصا لأنها تؤثر سلباً على الجهود الهادفة إلى مكافحة فيروس كورونا المستجد، إذ تقف عائقا في وجه المساعدات والتجارة والاستثمارات اللازمة لعمل القطاع الصحي. |
في غضون ذلك لم يتمكن مجلس الأمن الدولي من التوصل إلى اتفاق بشأن إعلان مشترك حول سورية، بعد دعوة الجماعة الدولية إلى رص الصفوف. هذا وتوّجه أنظار الكثيرين نحو الولايات المتحدة لمعرفة سياسة الرئيس الأمريكي بايدن، في وقت تستعد فيه بروكسيل لاستضافة المؤتمر الدولي الخامس حول مستقبل سورية والمنطقة، أواخر الشهر المقبل، مع التركيز على أوضاع النازحين السوريين.