في الذكرى السنوية الثانية للتوقيع على وثيقة الأخوة الإنسانية من أجل السلام العالمي والعيش المشترك في أبو ظبي من قبل البابا فرنسيس والإمام الأكبر شيخ الأزهر أحمد الطيب، أجرت إذاعة الفاتيكان إيطاليا مقابلة مع لاهوتي كاثوليكي وعالم مسلم توقفا عند أهمية هذه الوثيقة والدفع الذي أعطته للحوار ما بين الأديان، وأكدا أنها شكلت نقطة انطلاق جديدة وأن العالم بات اليوم متعطشاً للأخوة.
بعد التوقيع على هذه الوثيقة في مثل هذا اليوم لسنتين خلتا انطلق حوار معمّق بين اللاهوتي الكاثوليكي Brunetto Salvarani والعالم المسلم عدنان مقراني، اللذين أعدا مجلداً بعنوان “الأخوة الإنسانية وشكوك أخرى” صدر مؤخرا عن دار النشر Terra Santa. في مقابلتهما الإذاعية توقف الرجلان، الخبيران في مجال الحوار ما بين الأديان، عند آنية وثيقة أبو ظبي التي تضمنت دعوة ملحة لنعيد اكتشاف الأخوة ولنعزز معاً العدالة والسلام، مع ضمان الحقوق الإنسانية والحرية الدينية للجميع.
أكد عدنان مقراني، وهو أستاذ الدراسات الإسلامية والعلاقات الإسلامية – المسيحية في جامعة غريغوريانا الحبرية بروما، أن وثيقة الأخوة الإنسانية تشكل “خارطة طريق” للحوار بين الأديان، وللعلاقات الإسلامية – المسيحية ومستقبل البشرية برمتها. وأضاف أن الأخوّة هي حاجة ملحة، وضرورة حيوية بالنسبة للبشرية، لأننا نعيش أزمة عميقة جداً على مختلف الصعد، لافتا إلى أن حالة الفوضى التي نشهدها على المستوى العالمي تطلبت صوتاً نبوياً، صوتا نقدياً يجعلنا نتذكّر القيم الأساسية، وهذا ما فعله البابا فرنسيس.
في رد على سؤال بشأن الأصداء التي لاقتها وثيقة أبو ظبي في العالم الإسلامية، قال مقراني إن الكثير من الأشخاص يتطلعون إليها، لاسيما الرجال والنساء الملتزمين في الحوار بين الأديان وفي مسيرة الأنسنة. ولفت إلى أن الوثيقة قدمت بالطبع خطابا واضحاً، مشتركاً ومتقاسماً، كما قدمت خطة يمكننا أن نحققها معاً كرسالة ما بين الأديان. ورأى العالِم المسلم أن هذا الأمر يشكل بحد ذاته علامة نبوية هامة، لكن علينا قبل ذلك أن نقوم بنقد ذاتي، وأن ننظر معاً في ما يمكن أن نفعله بشكل ملموس من أجل تطبيق ما ورد في الوثيقة، مع أن المهمة ليست سهلة. وتوقف بعدها عند الرسالة العامة Fratelli tutti وقال إن البابا ذكّر فيها باللقاء الذي جمعه مع الإمام الأكبر أحمد الطيب في أبو ظبي ليشدد على أن الله خلق الناس متساوين في الحقوق والواجبات والكرامة، ودعاهم ليعيشوا كأخوة وأخوات.
أما البروفيسور Brunetto Salvarani وهو أستاذ مادة لاهوت الرسالة والحوار في كلية اللاهوت بإقليم إيميليا رومانيا الإيطالي، فرأى من جهته أن البابا، وخلال زيارته للإمارات العربية المتحدة لسنتين خلتا، قام بقفزة نوعية على صعيد الحوار، ليس الإسلامي – المسيحي وحسب، إنما الحوار بصورة عامة. وقال إن وثيقة الأخوة الإنسانية والرسالة العامة Fratelli tutti تسيران في الاتجاه نفسه وتقدمان نموذجا جديداً للحوار يقبل التعددية الدينية والثقافية في البيئات التي نعيش فيها. وأشار بعدها إلى أننا نتواجد جميعاً على متن الزورق نفسه، وهذا ما أكده البابا في أكثر من مناسبة لاسيما في السابع والعشرين من آذار مارس الماضي.
واعتبر اللاهوتي الكاثوليكي أننا مدعوون اليوم إلى التعمق في التفكير حول معنى علامات الأزمنة، كما كان يسميها البابا يوحنا الثالث والعشرون، كما لا بد أن نترك فسحة كبيرة للعمل المشترك. وختم البروفيسور سالفاراني حديثه لإذاعة الفاتيكان إيطاليا بالقول: إننا بحاجة إلى السير معا لأن إدراك محدوديتنا وهشاشاتنا لا يتعلق بهذا الدين أو ذاك، بل هو جزء من طابع الإنسان الكوني، كما كان يقول الكاهن Ernesto Balducci.