دير الروم الأرثوذكس القائم منذ القرن الخامس موجود بالقرب من الجانب الشمالي للبحر الميت، وهو أحد أقدم الأديرة في صحراء يهودا ومن القلة المتبقية هناك. يُعرف باسم “دير حجلة” بالعربية وقد تأسس في عام 455 للميلاد على يد القديس جيراسيموس، وهو راهب من ليقيا في الأناضول، تركيا حالياً.
كان القديس جيراسيموس رئيسًا لديرٍ يحوي 70 راهبًا في المنطقة الواقعة شرق أريحا. كان راهباً محافظاً صارماً في زهده، وتعتبره الكنيسة أحد قادة الجيل الثاني لنساك صحراء يهودا الذين تبعوا المؤسسين الأولين من إفثيميوس وشاريتون.
يشكل لقاء القديس جيراسيموس بالأسد المحتوى الأساسي للوحات ومنحوتات الدير. فوفقًا للتقليد، التقى الراهب جيراسيموس بالأسد عندما كان في طريقه بالقرب من نهر الأردن، سمعه جيراسيموس يزأر من الألم بسبب شوكة كانت عالقة بين مخالبه. بمجرد أن أزال الراهب الشوكة، روض الأسد وانضم إلى مجتمع النساك في الدير. وغالبًا ما يظهر الأسد مع حمار وجمل، وهما أصدقاءه (للأسد) من الدير.
توفي القديس جيراسيموس في عام 475 وما زال مكان دفنه غير معروف الى الآن. وتقيم بطريركية الروم الأرثوذكس عيدًا سنويًا للقديس في ديره في صحراء يهودا في 4/18 مارس.
دير القديس جيراسيموس مبني بنمط اللافرا، أي أنه تم بناء مجموعة من الكهوف للنساك جنبا الى جنب مع الحفاظ على ابقاء مركز الدير بالمنتصف. كان الرهبان يجتمعون في المركز يومي السبت والأحد، بينما في بقية الأيام كانوا يعيشون في عزلة. تم إنشاء هذا الشكل من الأديرة (اللافرا) أيضًا في دير مار سابا الصحراوي وكذلك في أماكن أخرى من صحراء يهودا.
الهيكل الأصلي للدير بني في عام 460، ولكن تم تدميره خلال الفتح الفارسي عام 614، حيث ذبح جميع رهبان الدير. ويمكن رؤية رفاتهم داخل الدير محاطًا بإطارات زجاجية في سرداب في الطابق السفلي للكنيسة.
أعاد الصليبيون في وقت لاحق بناء الدير، ويعود تاريخ معظم الهيكل الحالي إلى القرن الثالث عشر. منذ ذلك الوقت، خضع الدير لعمليات إعادة بناء متكررة لأسباب مختلفة بما في ذلك الزلازل الدورية ومنها الزلزال الشديد عام 1837.
في عام 2009، خضعت المنطقة المحيطة بالدير لعمليات ترميم. والدير اليوم مكان نابض بالحياة حيث يستضيف آلاف الحجاج كل عام، ويضم نبعة مياه وعشرات من أشجار النخيل والتي كانت تسد احتياجات النساك والرهبان