الفلسطينيون يحملون الصليب

حمل السيد المسيح الصليب طوعاً وسار به إلى حيث أصبح صليبه إشارة فارقة على أوتوستراد الفداء والخلاص. حمل السيد والمعلم الصليب ليعلمنا أنّ الأوجاع والمعاناة والشّدة هي في صلب الحياة وجوهر وجودنا. حمل السيد الصليب ليرفع عن طريقنا العثرات والمآسي والتناقضات والتحديات والمعوّقات التي تجعل استمرار سيرنا في طريق مسدود هو شقاء يستوجب إزالة المعوقات.


حملُ السيد المسيح شقاءنا إشارة إلى أننا يجب أن نعرف الطريق لحمل كلٍّ منا صليبه وآلامه ” تعالوا إلي يا حاملي الأثقال وأنا أريحكم”. نعم، حمل الصليب يريح معاناتنا رغم ثقل حمل الصليب ” نيري خفيف وحملي لطيف”. السيد حمل آلامنا وأوجاعنا قبل ألفي عام، وكأنه حامل للصليب اليوم. فحملُ الصليب في ذلك الزمن هو دعم لآلامنا ومعاناتنا الحالية. فثورة المقدسيين اليوم كانت ولا تزال مدعومة من السيد المسيح، وحمل المقدسيين للآلام والأحزان والمعاناة هي مشاركة في دم المسيح الذي سفك قبل ألفي عام.


الفلسطينيون بثورتهم يحملون صليب الآلام انطلاقاً من أنّ صليب المسيح يجسّد آلام البشرية في كلّ زمان ومكان. فالمسيح بقيامته وهزيمته للموت قد هزم الشّر وانطلق نحو الحرية السماوية، وقد علّمنا درساً يجب أن لا ينسى في ضرورة نبذ الشرور والآحزان والمعاناة لننطلق نحو سماء الحرية، وهل من حرية أعظم وأجمل من الحرية مع الله؟ الفلسطينيون إذ يحملون صليب الآلام يدعمون نظرة المسيحية إلى الحرية في السماء مثلما دعمَ المسيح بحمله للآلام ثورة الفلسطينيين للإنعتاق نحو التحرر من الشرور، تماماً كما أعتق بعماده آدم بنهر الآردن، حيث أطلق السيد المسيح أولى سهام الحرية ولأول مرة في نهر الأردن. وقد أعتق المسيح آدم البشر مرة أخرى بقبوله الصلب والموت لأجل آدم الجديد.


فالتماثل بين ثورة الفلطسينيين على العذاب وثورة المسيح بإعتاق آدم قد قرّب المسافات الذهنية والوعي الحياتي على أنّ حمل الصليب المتماثل مع حمل الفلسطينيين للصليب يوحّد التاريخ ويقرّب الديانات وينصر الوعي الفكري على أنّ الفكر البشري ينبع من نبعٍ واحد، وهو ماء الحياة الذي خلقه المسيح لنا.

Comments (0)
Add Comment