ما أعمق هذا السر الذي يُنجزه يسوع ويوصله إلينا وإلى كل إنسان بالخبز المقدّس والكأس المباركة:” الخبز الذي أنا أُعطيه هو جسدي ليحيا العالم”. قيلت هذه الجمله في أحد الأيام على ضفاف بحيرة طبريا للجموع : وكأنّ يسوع أمضى حياته على الأرض يفكّر كيف سيغدو خبزة يأكلها الناس ، وماء يشربه الناس وكأن الغاية القصوى من مجيئه إلى الأرض، أن يغدوَ طعاما يدخل الإنسان كي يؤَلّهه.
فهو يذوب في الإنسان، في كلّ شرايينه كي يُذيب الإنسان فيه. قال ألبيرتوس الكبير:” لقد خصّنا المسيح بحب حتى إنه وحّدنا به فصار واحدا منا إلى درجة الدخول في عروقنا”.
أين نحن المسيحيين من كل هذه الكنوز في ديننا المسيحي؟ أخشى من أننا عميان! نعم عميان، نعيش إيماننا ولكن دون وعي تام. نفهم يسوع ببعض كلماته المعزّية والمُوَجّهة ولكننا لا نرى كل يسوع.لا تنظروا إلى جانب واحد من يسوع.
إفتحوا أنظاركم وقلوبكم وحياتكم ليسوع. من كلمة ” في البدء كان الكلمة ثمّ الخلق ثمّ التجسّد والفداء ثمّ التجسّد الثاني بالروح القدس في الإفخارستيا زاد المسافرين إلى الحياة الأخرى في الملكوت السماوي معه وتأليهنا بواسطته… نعم هذه هي رحلة يسوع المسيح وهي أعظم رحلة قطعها كائن في الوجود: انطلق من قلب الثالوث الأقدس وعاد إلى الثالوث الأقدس حاملا إيّانا معه وعائدا بنا مارا بكل أسرار الحياة والموت والألم والمجد.
هذا هو القربان الأقدس الذكرى الأبدية الحيّة لتجسيد الإله وتأليه الإنسان و المسيرة من الثالوث إلى الثالوث.
هذا ما أحدثه يسوع في تلاميذه الحزانى ، قبل ذهابه عنهم. كلهم أكلوا جسده وشربوا دمه. ولكنهم عرفوا جيدا أنهم لم يأكلوا خبزا عاديا ولم يشربوا خمرا عاديا، بل أكلوا جسد المعلّم وشربوا دمه. ونحن كذلك ، ربما لم نفهم جميع ما قيل لنا الآن ! لا بأس ! يكفيكم المشاركة بجسد الرب ء يُفهمكم كل شيء .