هلا تستعيد الإنسانية ذاتها؟
وكأني بعبارة لا استطيع أن أتنفس أصبحت شعاراً لكل مواطن في هذا العالم الواسع. والإنسانية بدأت تأخذ طريقها إلى الإضمحلال فالعدالة اختفت وحلّ محلها الظلم والقهر، والضمير بات في خبر كان، والإنسانية والإخلاقية أصحبت توحشاً شرسا، وكأني بقيم الإنسانية غدت من نصيب المخلوقات المتدنية غير الإنسانية، فهل غابت الإنسانية عن إنسان هذا العصر العفن؟ بل يجب طرح السؤال التالي: هل تستعيد الإنسانية ذاتها بعد أن غيبها موت الضمير وموته في الإنسان؟ وبعد أن قضت المادة والمصالح على روح الإنسانية هل نحن في عصر التوحش؟
نعم! إنه عصر الليبرالية اللاإنسانية التي تعترف بوحدة الضمير الإنساني ولا تعرف للإخلاق إلا الأنانية والمصالح الفردية. نعم! إنها الليبرالية التي أتاحت للأنانية فرصة واسعة من الجشع واللاضمير.
إنها الفردية التي تتقضي على كلّ وحدة مجتمعية فهي إنسانية الأنا لا النحن. فما معنى أن تغيب العدالة ويسلك القهر والظلم والجور محلها في العلاقات الإنسانية؟ وما معنى أن تضيع حقوق الإنسانية ويحّل محلها الجشع والطمع والقتل لأجل المصالح؟ وما معنى أن يعود العالم إلى العبودية والرّق لا يملك أدنى مراتب الحرية إلا الفردية؟ ومن المؤلم أنّ الإنسان بات يرسف في قيود العبودية سيما وأن الدول الكبرى التي تملك زمام الهيمنة على العالم بات يؤرق الإنسان ويشعر أنه إما أنه أمام شرطي يهدده بالهروات تارة والتجويع والترويع تارة أخرى؟
أم إبقائه جاهلاً ومريضاً وفقيراً لا يعرف للطب طريقاً؟
نعم! إنها الليبرالية اللاإنسانية التي تقتل في الإنسان كل شعور إنساني.
نعم! أننا بشر بلا إنسانية نتوق لإستعادة إنسانيتها وضميرنا وأخلاقنا وديننا وثقافتنا التي أصبحت غريبة عنا. لقد طلّقت الليبرالية القذرة جميع هذه القيم، طلقتها بالثلاثة. فلا عدالة ولا مساواة ولا اعتراف بالإخلاق ولا مواطنة حقيقية ولا حقوق إنسانية. أصبح الولاء للدولار واليورو الجنينه، وبات البترول وعوائده كابوساً على أنفاسنا. إنها صرخة الإنسانية التي فقدت إنسانيتها. أنا لا استطيع التنفس من عنصرية بغيضة واستعلاء قاتل وطبقية رأسمالية شرسة. هل نستعيد إنساتينا الغائبة أو المقيدّة بسلاسل التوحش الرأسمالي الليبرالي واللاإنساني؟
إن إنسانية هذا العصر لا تعدو كونها فوضى منظمة رسمتها الليبرالية دمّرت الإنسانية وإنسانيته. وهل يستقيم الحديث عن إنسانية بلا قيم ولا أخلاق؟ وهل تستوي الإنسانية باللا ولاء وإنتماء إلا للمصالح؟