نورسات الاردن
كان هذا المكان الأول الذي أراد البابا بلوغه، وكان ذلك في ٨ من تموز يوليو عام ٢٠١٣ تدفعه الرغبة بأن يحمل التعزية والقرب من المهاجرين واللاجئين الذين وصلوا إلى الجزيرة. وإنما أيضًا لكي يدعم جماعة لامبيدوزا الملتزمة في استقبال الوافدين الجدد. ومن لامبيدوزا، أطلق البابا دعوة للعالم للتغلب على اللامبالاة تجاه الأشخاص الأشدّ ضعفًأ. في المقابلة مع باولو بيشيغاتو المسؤول عن القسم الدولي لكاريتاس إيطاليا، قراءة لتلك الزيارة التاريخية.
منذ ثماني سنوات قام قداسة البابا فرنسيس بزيارة الى جزيرة لامبيدوزا، وكانت الزيارة الأولى له كبابا خارج الفاتيكان. حدث لا ينسى كشف للعالم عن فكرة الكنيسة لدى البابا فرنسيس وعما ستكون عليه حبريّته. ولكنَّ ذكرى هذه الزيارة تأتي هذه السنة خلال فترة وجود البابا فرنسيس في مستشفى “Gemelli” وبالتالي لم يتمكن من الاحتفال بها كما حدث خلال السنوات الماضية بقداس إلهي مكرس للاجئين. ففي الثامن من شهر تموز يوليو عام ٢٠٢٠ احتفل قداسة البابا فرنسيس بالقداس الإلهي في كابيلا بيت القديسة مارتا بالفاتيكان بحضور موظَّفي قسم اللاجئين والمهجرين التابع للدائرة الفاتيكانية التي تعنى بالتنمية البشرية المتكاملة. والسنة التي قبلها ترأس قداسة البابا فرنسيس القداس الإلهي على مذبح بازليك القديس بطرس، مع مشاركة اللاجئين والمهجرين والعاملين الذين يلتزمون معهم. لقد شعر البابا بواجب الذهاب الى تلك الجزيرة التي تعتبر رمزًا للمعاناة والرجاء للكثيرين، متأثراً بالأخبار المتكررة حول وفاة المهاجرين في البحر، التي أصبحت مادة غير صالحة للأعلام.
من هناك تحدث البابا فرنسيس عن “عولمة اللامبالاة” وعن عدم قدرتنا على ذرف الدموع على النساء والرجال والأطفال ضحايا البحر وعن أنانيّتنا. “شوكة في القلب” هي بالنسبة للأب الأقدس المأساة التي تحصل في البحر المتوسط. لقد أرادت الزيارة الى لامبيدوزا أن توقظ الضمائر لكيلا يتكرر هذا الأمر مرة أخرى: ولكننا نعلم أن الأمر لم يكن كذلك. وفي ذلك اليوم صلى قداسة البابا طالباً من الله “المغفرة على اللامبالاة تجاه الإخوة والاخوات”، “المغفرة للذين جلسوا وانغلقوا في رفاهيتهم التي تحملهم الى تخدير القلب”. “مغفرة للذين بسبب قرارتهم على الصعيد العالمي، قد خلقوا أوضاعًا تسببت بهذه المآسي”، لكي يتحلى العالم بالشجاعة لاستقبال أولئك الذي يبحثون عن حياة أفضل”.
إن زيارة البابا فرنسيس الى جزيرة لامبيدوزا قد شكّلت مسألة ارتداد للكنيسة والعالم، وحول هذا الموضوع تحدّث إلى موقع فاتيكان نيوز السيد باولو بيشيغاتو المسؤول عن القسم الدولي لكاريتاس إيطاليا إنطلاقًا من كلمات الأب الأقدس وتصرفاته في تلك الزيارة في الثامن من تموز عام ٢٠١٣ وقال: إن كلمات البابا فرنسيس لا تزال الآن آنيّة، وعلى الرغم من وجود وباء كورونا لكنَّ ظاهرة الهجرة ولاسيما عدد اللاجئين يستمر بالتزايد في كل سنة؛ واللاجئون هم اللذين أُجبروا على ترك منازلهم لاسيما بسبب الحرب والانتهاكات الخطيرة لحقوق الانسان. وبالتالي وبشكل ما عبّر البابا عن إدراكه الكامل بأن هذا هو الدليل بأنَّ العديد من الأمور في العالم ليست على ما يرام. إن ظواهر الهجرة هي إشارة تدل على خطر كبير للإنسانية إن كنا نريد أن نفهم ذلك أم لا. ولهذا السبب حذر الأب الأقدس من اللامبالاة ومن الاعتياد على الأمور التي تتعلق بالوفيات في البحر والمأساة التي تحدث في العالم لأنَّ هذا هو الواقع، وإنما علينا أن نتنبّه لهذا الأمر وأن نتصرّف لكي نغيّر هذا الواقع.
تابع السيد باولو بيشيغاتو المسؤول عن القسم الدولي لكاريتاس إيطاليا مجيبًا على سؤال حول الأمور التي نضجت في الكنيسة حول هذا الموضع منذ ذلك الحين وقال إن تلك الزيارة هي رمز لرؤية الأب الأقدس للكنسية واعتقد بأنها قد تغيرت بشكل كبير. إنّه تغيير داخلي وعميق وروحي لتصوُّرنا لكوننا كنيسة وكذلك أيضًا لأن رسالته كانت ثابتة في المحتوى والنمط، لنفكر على سبيل المثال أيضا في موضوع الحنان أو بموضوع اللطف الذي ظهر بوضوح في الرسالة العامة الأخيرة “Fratelli tutti” وفي هذه الصداقة الاجتماعية. وبالتالي أعتقد بأن هناك نوع من التحول الداخلي، ويبادر إلى ذهني القديس بولس عندما يتحدث عن “لبس المسيح”، والبابا فرنسيس يحملنا على هذا الدرب لكنيسة التي تذكّرنا بالجماعات المسيحية الأولى، كنيسة في رسالة، تنطلق وتذهب الى جميع أنحاء العالم وتكون على حقيقتها بشكل كامل.