نورسات الاردن
” تشكل العدالة والسلام ووحدة العائلة البشرية أمرًا أساسيًّا إذا أردنا أن نحافظ على تعددية الأطراف المثمرة وعلى نظام غذائي يقوم على المسؤولية” هذا ما كتبه قداسة البابا فرنسيس في رسالته إلى الأمين العام للأمم المتّحدة بمناسبة انعقاد مؤتمر ما قبل القمة حول المنظومات الغذائية
بمناسبة انعقاد مؤتمر ما قبل قمة الأمم المتحدة حول المنظومات الغذائية وجّه قداسة البابا فرنسيس رسالة إلى الأمين العام للأمم المتّحدة أنطونيو غوتيريس كتب فيها أحيي بحرارة جميع الذين يشاركون في هذا اللقاء المهم، والذي يسلط الضوء مرة أخرى على أن أحد أكبر التحديات الحالية هو التغلب على الجوع وانعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية في عصر فيروس الكورونا. لقد واضعنا هذا الوباء أمام ظلم منهجي يقوض وحدتنا كعائلة بشرية. إن إخوتنا وأخواتنا الأشدّ ضعفًا، والأرض، بيتنا المشترك الذي يصرخ من أجل الضرر الذي سببناه له بسبب الاستخدام غير المسؤول وسوء استخدام الخيور التي وضعها الله فيه، يطالبوننا بتغيير جذري.
تابع الأب الأقدس يقول لقد طورنا تقنيات جديدة يمكننا بواسطتها أن نزيد قدرة الكوكب على إعطاء الثمار، ولكننا ما زلنا نستغلُّ الطبيعة لدرجة تعقيمها، ووسّعنا هكذا لا فقط الصحاري الخارجية فقط وإنما الصحاري الروحية الداخلية أيضًا. نحن ننتج طعامًا كافيًا للجميع، لكن الكثيرين يبقون بدون خبزهم اليومي. وهذا الأمر يشكل فضيحة حقيقية، جريمة تنتهك حقوق الإنسان الأساسية. لذلك، من واجب الجميع أن يقتلعوا هذا الظلم من خلال الإجراءات الملموسة والممارسات الجيدة، ومن خلال السياسات المحلية والدولية الجريئة. من هذا المنظور، يلعب التحول الدقيق والصحيح للمنظومات الغذائية دورًا مهمًا، يجب أن يتمَّ توجيهه لكي تكون قادرة على زيادة المرونة، وتقوية الاقتصادات المحلية، وتحسين التغذية، والحد من هدر الطعام، وتوفير أنظمة غذائية صحية تكون في متناول الجميع وتكون مستدامة بيئيًا وتحترم الثقافات المحلية.
أضاف الحبر الأعظم يقول إذا أردنا ضمان الحق الأساسي في مستوى معيشي لائق واتمام التزاماتنا من أجل تحقيق هدف القضاء على الجوع، فإن إنتاج الغذاء لا يكفي. وإنما هناك حاجة إلى ذهنيّة جديدة ونهجًا جديدًا متكاملاً ولتصميم منظومات غذائية تحمي الأرض وتحافظ على كرامة الشخص البشري في المحور؛ وتضمن غذاءً كافياً على مستوى عالمي وتعزز العمل الكريم على المستوي المحلّي؛ وتطعم عالم اليوم بدون أن تؤثِّر على المستقبل.
تابع البابا فرنسيس يقول وبالتالي من الجوهري استعادة مركزية القطاع الريفي، التي يعتمد عليها إشباع العديد من الاحتياجات الإنسانية الأساسية، ومن المُلحِّ أن يستعيد القطاع الزراعي دورًا أولويًّا في عملية صنع القرارات السياسية والاقتصادية، الموجّهة إلى تحديد إطار عملية “الانطلاق” بعد الجائحة التي يتم بناؤها. لذلك يجب في هذه العملية اعتبار المزارعين الصغار والعائلات الزراعية روادًا متميِّزين؛ إذ لا ينبغي التغاضي عن معارفهم التقليدية أو تجاهلها، في حين أن مشاركتهم المباشرة تسمح لهم بأن يفهموا أولوياتهم الحقيقية واحتياجاتهم بشكل أفضل. وبالتالي من الأهمية بمكان أن يتمَّ تسهيل حصول المزارعين الصغار والزراعة العائليّة على الخدمات الضرورية لإنتاج وتسويق واستخدام الموارد الزراعية. تشكّل العائلة عنصرًا أساسيًّا في المنظومات الغذائية، لأننا في العائلة نتعلم أن نستمتع بثمار الأرض دون أن نسيء إليها ونكتشف أفضل الأدوات لكي ننشر أساليب حياة تحترم الخير الشخصي والجماعي. وبالتالي ينبغي على هذا الاعتراف أن يترافق بسياسات ومبادرات تلبي احتياجات النساء الريفيات بشكل كامل، وتعزز عمالة الشباب وتحسن عمل المزارعين في المناطق الأشد فقرًا وبعدًا.
أضاف الأب الأقدس يقول نحن ندرك أن المصالح الاقتصادية الفردية والمغلقة والمتضاربة – وإنما القوية – تمنعنا من تصميم نظام غذائي يستجيب لقيم الخير العام والتضامن وثقافة اللقاء. لذلك تشكل العدالة والسلام ووحدة العائلة البشرية أمرًا أساسيًّا إذا أردنا أن نحافظ على تعددية الأطراف المثمرة وعلى نظام غذائي يقوم على المسؤولية. إن الأزمة التي نواجهها حاليًا هي في الواقع فرصة فريدة لكي ندخل في حوارات حقيقية وجريئة وشجاعة، ونعالج جذور نظامنا الغذائي غير العادل. وبالتالي وفي هذا اللقاء تقع على عاتقنا مسؤولية تحقيق حلم عالم يتدفق فيه بوفرة الخبز والماء والأدوية والعمل ويصلون أولاً إلى الأشخاص الأكثر عوزًا. إنَّ الكرسي الرسولي والكنيسة الكاثوليكية سيضعان نفسيهما في خدمة هذا الغرض النبيل، وسيقدمان مساهمتهما، من خلال توحيد القوى والإرادات، والأعمال والقرارات الحكيمة.
وخلص البابا فرنسيس إلى القول أطلب من الله ألا يبقى أحدًا في الخلف، وأن يتمكن الجميع من تلبية احتياجاتهم الأساسية. أتمنى أن يضعنا هذا اللقاء لتجديد المنظومات الغذائية في مسيرة من أجل بناء مجتمع مسالم ومزدهر، ونزرع بذور السلام التي تسمح لنا أن نسير في أخوة حقيقية.