نور سات الاردن/ الدكتور جلال فاخوري
أيها المهر المطهّم التي يصعب انتقاؤها، أيتها الجميلة أصلاً ومنبتاً، أيتها الإسوارة الزمردة التي لا تتزين المدن إلا بها. يا عروساً يتمناها فوارس الرجال. يا حاضرة المدن التي تحتوي كبار المثقفين والمتعلمين لك في الروح مكانة الأحبة. تتأبَينَ على اللجام والقيد، أيتها المهر ذات التاريخ غير المزّيف، أيتها القهوة السمراء في فناجين الكرم والعطاء. أيتها الخالدة في التاريخ لما تحتوينه من آثار وقيم وأصالة.
كم جميل أن نراك توأماً لشقيقتك السلط على قائمة المعالم العالمية وعلى قائمة اليونسكو. في أحياؤك القديمة تفخرين بكنيسة الأرثوذكس البلد ذات التاريخ المجيد، على حدودك الغربية يقع وادي الأزرق الجميل بمنحدراته ومنعرجاته ومياهه العذبة وشلالها الرائع. وعلى ربوتك تهيمن الأنظار على منخفضك الوادع بسكانه الطيبين. فأنت التقليد والكرم والعرس والحداثة. تجمعين بين أحضانك جمال التقليد وحداثة التطور وفي طرقاتك القديمة تُنسج خيوط المحبة والعشق وبعد النظر والحكمة.
أيتها الهانئة برضى أهلوك وأحباؤك. كنت الطفلة الصغيرة التي كبرت وأصبحت عروس المدائن. نضجَت الفحيص حتى تطاولت من الكمالية إلى وادي الأزرق الذي يعانق نقب الدبور بالسلط. فردَت الفحيص أجنحتها فاتصلت بعمان. لم تعد الفحيص صغيرة، فهي كبيرة منذ ولادتها. يتنافس المحبون لها للإقامة بها نظراً لجمالها ووداعتها وأصالة سكانها. يسمون أهلك بصبيان الحصان الطامح للعالمية. يدرك المرء بمروره الطريق إلى الفحيص القديمة أصالة وأثار هذا البلد العريق.
الفحيص تنزف عطراً وزعتراً وزعفراناً. أحبك لأنك أهل لذلك وأقلدك طوق ياسمين والمودة والرضى. فجمال السلط حين يفيض عطراً على الفحيص وتمسح الفحيص عطرها على السلط يلتقيان في الروح والجسد والتوأمة.
حمى الله الفحيص كما حمى الله السلط.
الفحيص شامة على خدّ الزمن، وروضة غناّء في صحراء الأوجاع العصية.
دمت لنا يا فحيص العطر والجمال والوداعة والكرم والرجولة.