نورسات الاردن / د. جلال فاخوري
أشرقت أثينا بوجهها الزاهي على العالم منذ وجد، ودخلت في صناعة التاريخ منذ القدم ودخلت السياحة الإستعمارية منذ أن شاطرت حروبها مع الرومان وقبل ذلك. فكانت ذات فلسفة إغريقية لا تزال تلعب دوراً بازراً في الثقافة العالمية. أثينا بلد الفكر المتقدم والتصور الحالم عن الكون والحياة. حلم أثينا الثقافي والفلسفي أحنى ظهور العالم احتراماً وتقديراً وأثنى بالأعناق إلى الساق تقبيلاً وهياماً.
نعم إنها أثينا الفكر والحضارة، إنها أوغاريت التاريخ والتقليد المستوحى من سحر الشرق القديم. اليوم أثينا تحترق وتُعاني وتَقتلع قلوب كل من يعرف الدور التاريخي لأثينا. أثينا اللاهوت الفكري المتجدد وفلسفة العقل الواعي منذ القدم، وروعة أثينا أن قرنَت بين لاهوت الروح وفلسفة المادة، وكانت مبدعة في الفكر الإغريقي الذي لا تزال الفلسفة تتناوله ببساطة وعظمة.
أثينا اليوم ومن ورائها اليونان الأم تحترق بجمال أثارها وروعة جزرها وقدم تاريخها واشراقة فكرها على العالم. أثينا ومن ورائها اليونان الآثرة تاريخياً تمّر بأزمة شرسة تأكل الأخضر واليابس وتُحيل اليونان الأخضر والأزرق إلى رماد. اليونان بحاجة إلى نجدة عالمية لكي لا تندثر أثارها وأفكارها وتاريخها وعراقتها. اليونان البلد العظيم الذي ترك لنا في سوريا والعراق يوماً أعظم الآثار البشرية فممالك الفينيق القديم في سوريا ولبنان والشواهد التي أورثها لنا تاريخ اليونان القديم شاهداً على عظمة ما كان عليه اليونان من قوة وفكر وفلسفة وآثار حروب طاحنة. فالجزر والشواطئ اليونانية هي عرائس البحر المتوسط وحيث كان القديسون يترددون على اليونان وخاصة بولس الرسول رسول المسيحية إلى الأمم، وحيث تعتبر بلاد الأغريق أهم المحطات المسيحية التي أسهمت بعظمة في نشر العقيدة المسيحية، فأثينا تمتاز أولاً، بطابع حضاري تاريخي هو عظيم بحد ذاته وأعني تاريخ البشرية والآثار اليونانية. ثانياً، كون اليونان مركز الإشعاع الديني العالمي. ثالثا، الآثار الفلسفية والفكرية التي أعطتها للعالم. أفلا تطمح أثينا أن ينقذها العالم من الحرائق؟