نورسات الاردن
صديقي ….. صديقتي
بدأت رحلة دعوتي من عمر ثلاث سنوت بحلمٍ كَبًرَ مع الوقت، واستمرت على الرغم من جميع الظروف. برزت بذور دعوة كهنوتية مما استدعاني فانتسبت إلى إكليريكية سيدة العناية الصغرى في بطريركية الروم الملكيين الكاثوليك بدمشق، أتممت فيها ثلاث سنوات وحصلت فيها على شهادة البكالوريا الأدبية.
بعدئذٍ؛ بمعونة الله انطلقت إلى إكليريكية القديسة حنة الربوة في لبنان بهدف الدراسة وتنمية دعوتي وتحديد مشيئة الرب في حياتي، أتممت فيها ست سنوات متواصلة انكببت فيها على دراسة الكتاب المقدس، الليترجية البيزنطية، اللغات القديمة، الموسيقى، المرافقة الروحية، التنشئة الإنسائية، دراسة اللغة الفرنسية والعلوم الإنسانية واللاهوتية. سافرت إلى فرنسا تعرّفت من خلال سفري على أنماط مختلفة من الناس المثقفة.
بعد عودتي وإنهائي دروسي رفضت الرسامة لاختبار الحياة أكثر ولإيقاني أن رجل الدين عليه أن يُعايش الناس ويُحس بآلامهم وأفراحهم ألم يقل رب المجد “افرحوا مع الفرحين وابكوا مع الباكين”.
عملت سنوات طوال عاشرت فيها العمال والفلاحين والفقراء والأغنياء والأطباء والمهندسين وجميع شرائح المجتمع ….. تألمت معهم وفرحت معهم وكبرت معهم ونضجت أكثر واكتسبت من الوعي قدرًا كبيرًا، أحسست بآلامهم وأوجاعهم ومعاناتهم وصبرت أعوامًا طوال.
خلال هذه السنوات انكببت على القراءة فأقبلت ألتهم الكتب قرأت كتب التاريخ قديمها وجديدها تعرّفت من خلالها على تاريخ الشعوب وأيقنت أن لا شيء يدوم.
حلّقت في قراءاتي في أسرار الكون ومختلف مجالات الطبيعة. سافرت من خلال كتب الجغرافية الطبيعية حول العالم عبرت من خلالها الوديان وتسلّقت الجبال وطفت في مختلف الأمصار.
تعرّفت على التاريخ الإنساني والطب ومختلف العلوم الإنسانية. بمعونة الرب حزت من خلال هذه السنوات على قدرٍ ليس بقليل على الشهادات العلمية. عشت من خلال مطالعاتي أيضًا الكثير من المشاعر ….. أحببت ….. بكيت ….. عشت كل المشاعر والحياة بتفاصيلها.
لم أشعر من خلال هذه السنوات إلا بأني كالعصفور الذي يُغرّد حرًا طليقًا، الذي تعرّف إلى الله أكثر. تعلّمت أن الشهادات لا تعني شيء دون الخبرة ومعرفة الرب والحياة معه ….. تعلّمت أن الوعي لا يأتِ بالفطرة بل هو مكتسب لا نتعلمه إلا بالخبرة ولا علاقة للعمر به.
صديقي ….. صديقتي
لا تتأسفوا على شيء في حياتكم فكل دقيقة تمرّ، علينا بها أن نسبح فيها الرب ونشكره فهي خبرة واختبار “كل الأشياء تعمل للخير للذين يحبون الرب”.
يوسف عرموش