نورسات الاردن
من أعظم الأشياء في الفن أنه مفتوح دائما لتأويلات مختلفة. مع كل مرة ننظر فيها إلى اللوحة يمكننا اكتشاف رموز خفية وتفاصيل جديدة.
تعمد بعض أشهر الفنانين في العالم وضع رسائل سرية في لوحاتهم، سواء لتقويض السلطة أو تحدي الجمهور أو الكشف عن شيء ما خفي في أنفسهم. بعض اللوحات قديمة بحيث لا نتمكن من سؤال مبدعيها عما كانوا يفكرون فيه، مما دفع الخيال للانطلاق لفك تلك الشفرات الخفية، خاصة بعد التقدم التكنولوجي الذي ساعد على كشف هذه الرسائل السرية.
العشاء الأخير.. دافنشي
كل من قرأ كتاب “شفرة دافنشي” لـ دان براون أو شاهد الفيلم، سمع عن تلك اللوحة التي رسمها ليوناردو دافنشي أواخر القرن 15، والتي كانت موضع الكثير من التكهنات. قال براون في قصته “إن التلميذ على يمين يسوع المسيح في الواقع هو مريم المجدلية متنكرة”.
ولكن الرسالة السرية الأكثر إقناعا قد فك شفرتها خبير الفن الإيطالي جيوفاني ماريا بالا.
يدعي بالا أن دافنشي أخفى نوتات موسيقية بلوحة العشاء الأخير، في مواضع أيدي التلاميذ وأرغفة الخبز. وإذا قمنا برسم الأسطر الموسيقية الخمسة عبر تلك المواضع باللوحة، ثم قرأت من اليسار إلى اليمين تشكل لحن موسيقي صغير يشبه الترنيمة.
شرفة مقهى في الليل.. جوخ
لأول وهلة تبدو لوحة فنسنت فان جوخ التي رسمها عام 1888 وكأنها مثل ما يصفه العنوان ببساطة: شرفة مقهى جميل في مدينة آرل الفرنسية. لكن خبير الفن جوخ باريد باكستر اقترح نظرية جديدة لقراءة اللوحة يقول فيها إن اللوحة هي النسخة الخاصة بجوخ من لوحة العشاء الأخير.
تظهر النظرة القريبة إلى اللوحة وجود شخصية مركزية تصور نادلا بشعر طويل يقف منتصف اللوحة، ويحيطه 12 فردا. أحدهم يختفي في الظل مثل يهوذا. هناك أيضا ما يشبه الصلبان الصغيرة مخبأة في جميع أنحاء اللوحة، أكثرهم ظهورا يوجد في الشباك الموجود فوق رأس النادل الذي ربما يمثل المسيح في لوحة دافنشي.
موناليزا دافنشي
تعتبر الموناليزا التي رسمها دافنشي في القرن 15 واحدة من أكثر الأعمال الفنية شهرة في العالم، حيث تحمل أسرار أكثر بكثير من نصف الابتسامة الظاهرة. هناك بعض التكهنات بأن المرأة في اللوحة كانت حاملا في ذلك الوقت، بالنظر إلى وضعية ذراعيها ويديها فوق بطنها، والحجاب حول كتفيها والذي غالبا ما كانت ترتديه الحوامل خلال عصر النهضة الإيطالية.
أحدث الاكتشافات في الموناليزا تتركز حول عينيها، حيث ادعى الباحث الإيطالي سيلفانو فينستي وجود حروف وأرقام مرسومة على اللوحة بشكل مجهري، وقال إن حرف “إل” (L) فوق العين اليسرى من المحتمل أن يرمز لاسم الفنان. مع وجود بعض الرموز الخفية متمثلة في رقم 7 الذي ربما يشير إلى خلق العالم (حسب رواية العهد القديم) ورقم 2 يشير إلى ازدواجية الرجل والمرأة.
هناك بعض التكهنات بأن المرأة في لوحة “موناليزا” كانت حاملا
أرنولفيني.. فان إيك
عندما ننظر لأول مرة إلى لوحة جان فان إيك التي رسمها عام 1434 للتاجر جيوفاني دي نيكولا أرنولفيني وزوجته. نظن بداية أنها تصوير بسيط للتاجر وزوجته. تم الاحتفاء باللوحة لتمثيلها الحي والمفصل للزوجين وما يحيط بهما. لكن الأمر ليس دقة التفاصيل فقط.
عند النظر عن كثب إلى المرآة الدائرية المعلقة منتصف اللوحة نجد انعكاسا معقدا للغرفة أثناء مشهد الرسم، مع شخصين إضافيين يقفان بجوار المدخل. يعتقد مؤرخو الفن أن أحدهم هو فان إيك نفسه، بالإضافة إلى نقش لاتيني مكتوب على الحائط فوق المرآة وترجمته “كان جان فان إيك هنا. 1434”.
تقول التفسيرات المثيرة للجدل إن المشهد هو تمثيل للزواج، وصورة المرآة وتوقيع فان إيك المؤرخ، صممت لتكون اللوحة بمثابة سجل قانوني للزواج.
لوحة فان إيك التي رسمها عام 1434 للتاجر جيوفاني دي نيكولا أرنولفيني وزوجته
السفراء.. هانز هولباين الابن
تتميز لوحة السفراء التي رسمها هولباين عام 1533 بوهم مثير للإعجاب في قاعدتها. تسمى هذه الطريقة في الرسم “أنامورفوسيس”. وتشير إلى رسم صورة بصرية مشوهة بحيث تبدو طبيعية عند عرضها من اتجاه معين أو بعدسة مناسبة.
يوجد يمين اللوحة من الأسفل شكل بصري غير واضح، لكن عند النظر إليه من زاوية حادة يتحول إلى جمجمة، ويعتقد خبراء الفن أن اللوحة صممت لتعلق على سلم، بحيث يراها الأشخاص وهم يصعدون الدرج بشكل صحيح.
المثال الشائع للأنامورفوسيس هو إشعارات التحذير على الطرق، والتي ترسم ممددة بشكل طولي، بحيث يمكن للسائقين رؤيتها بشكل صحيح من منظورهم.
لوحة السفراء التي رسمها هولباين
عازف الجيتار القديم.. بابلو بيكاسو
رسم بيكاسو تلك اللوحة المؤلمة لمسن يحتضن غيتارا، أوائل القرن العشرين، وتعد واحدة من أهم لوحات المرحلة الزرقاء لبيكاسو.
عند فحص اللوحة عام 1988 باستخدام الأشعة تحت الحمراء، اكتشفوا لوحة أخرى تحت اللوحة الأصلية، ظهرت عندما بدأ طلاء اللوحة الظاهرة في التلاشي. يظهر خيال وجه المرأة فوق رقبة عازف الغيتار. رسم بيكاسو اللوحة بداية حياته الفنية عندما كان بحاجة لكل قطعة قماش للرسم عليها، قبل أن يتحول إلى واحد من أكثر الفنانين ثراء على مدار تاريخ الفن بالكامل