نورسات الاردن
لمناسبة مرور مائة عام على إقامة علاقات دبلوماسية بين فرنسا والكرسي الرسولي قام رئيس الوزراء الفرنسي جان كاستيكس بزيارة إلى روما والفاتيكان حيث كان له لقاء مع البابا فرنسيس، يوم أمس الاثنين، قبل أن يتوجه إلى “فيلا بونابارت”، مقر السفارة الفرنسية لدى الكرسي الرسولي، للمشاركة في طاولة مستديرة نُظمت للمناسبة، بحضور أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين.
إنها المرة الأولى التي يزور فيها رئيس وزراء فرنسي الفاتيكان ويلتقي بالحبر الأعظم منذ العام ٢٠٠٩، عندما زار رئيس الحكومة الأسبق فرنسوا فييون الفاتيكان والتقى بالبابا بندكتس السادس عشر. رافق رئيسَ الوزراء كاستيكس، بالإضافة إلى عقيلته، وزيرا الخارجية والداخلية الفرنسيان، واستغرق اللقاء مع البابا خمسا وثلاثين دقيقة، قام من بعدها الضيف الفرنسي بجولة على كابلة السكستين والبازيليك الفاتيكانية. وقدم البابا للسيد جان كاستيكس نسخة عن رسالته الأخيرة لمناسبة اليوم العالمي للسلام، ونسخة عن وثيقة الأخوة الإنسانية. بعد لقائه مع البابا توجه رئيس الوزراء الفرنسي إلى مقر السفارة الفرنسية لدى الكرسي الرسولي حيث منح الكاردينال بارولين وساماً، واستضافه على مأدبة الغداء بحضور أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان للعلاقات مع الدول المطران بول ريتشارد غالاغر. وشدد الطرفان – خلال الطاولة المستديرة – على أهمية العلاقات القائمة بين فرنسا والكرسي الرسولي منذ مائة سنة، وذلك على الرغم من بعض الأزمات التي طبعت تاريخ العلاقات بين الطرفين، لا خلال القرن الماضي وحسب إنما على مر التاريخ. أكد الكاردينال بيترو بارولين أن إقامة علاقات دبلوماسية بين الجانبين في شهر أيار مايو من العام ١٩٢١، توّجت مسيرة طويلة من التاريخ المشترك، الذي لم يخل من التوترات خصوصا مع مطلع القرن العشرين ولغاية الحرب العالمية الأولى. ولفت إلى أن أجواء المودّة طغت على العلاقات الثنائية على مدى السنوات المائة الفائتة، وهذه المودة تعكس التقدير المتبادل والمستمر بين الكرسي الرسولي والجمهورية الفرنسية. وتوقف نيافته أيضا عند العلاقة القائمة بين الكنيسة الكاثوليكية في فرنسا والدولة العلمانية، مسلطا الضوء على نتائج العلاقات الثنائية التي نلمسها اليوم، وفي طليعتها: احترام حقوق الإنسان، إرساء أسس السلام والاستقرار، الدفاع عن الأقليات الدينية وتعزيزُ الحوار بين الأديان، بالإضافة طبعا إلى الالتزام لصالح البيئة، إذ ذكّر الكاردينال بارولين بالرسالة العامة للبابا فرنسيس “كن مسبحا” والدعم الذي قدّمته هذه الوثيقة للجهود الفرنسية، خلال قمة الأمم المتحدة للتغيّر المناخي “كوب ٢١” في باريس. لم تخلُ كلمة المسؤول الفاتيكاني من الإشارة إلى التعاون الدبلوماسي الثنائي في منطقة الشرق الأدنى. ولفت إلى أن الطرفين يتقاسمان الرغبة نفسها في تحقيق الاستقرار في المنطقة المتعددة الطوائف، وفي ضمان احترام الحريات الدينية والحقوق الأساسية للكائن البشري. وقال نيافته: “إن كل طرف يعمل ضمن نطاق صلاحايته، ويسعى إلى الإسهام في عملية إعادة إعمار بلدان الشرق الأدنى، التي تعاني من الحروب والعنف، وحيث تعيش جماعات دينية مختلفة جنبا إلى جنب منذ قرون”، مسطراً المكانة المميّزة التي يحتلها لبنان في هذا الإطار. وأضاف أن فرنسا والكرسي الرسولي يتقاسمان مسؤوليات على الصعيد العالمي مع أن الأهداف والوسائل قد تختلف بين الطرفين. |
من جانبه شدد رئيس الوزراء الفرنسي على مواقف الكرسي الرسولي الرافضة للحقد والانقسامات، مذكرا بدعوة البابا لاوون الثالث عشر الكاثوليك الفرنسيين للالتحاق بالجمهورية في العام ١٨٩٢. وشاء أن يتوقف عند مفهوم العلمانية، مشيرا إلى أنه لا يعني – كما يعتقد البعض – إقصاء الواقع الديني عن المجال الاجتماعي وعن النقاش العام، بل إنه يقضي بالفصل بين صلاحيات الدولة والكنيسة. وأكد أن الدولة أصدرت قوانين عصرية بشأن النظام العام للجمعيات الثقافية والأبرشية في فرنسا.