نورسات الاردن
يعدّ ” الغضب ” إحدى وسائل الشرير التي يحاول من خلالها إسقاطنا في التجربة ونكران رحمة الله.
ففي أجواء اللحظة الغاضبة، تغرب شمس الحقيقة وتكفهر سماء المعرفة وتثلج القلوب الحنونة وتعمى العيون الناظرة، فلا نرى أي نور يلوح في الأفق، بل نجد فيضاناً كاسراً من الشحنات الأنفعالية السالبة يتدفق من الداخل، يشبه القيء، محاولاً ايجاد السبيل للخروج من الأحشاء بشتى الوسائل. في هذه اللحظة الغاضبة ينكسف وعينا، ويبدأ الشرير بتحريك مجريات الموقف بالشكل الذي يريده، فيتلاعب بنا كدمى ترقص على مسرح الشيطان.
يا ترى كم من الأصدقاء قد فقدناهم بسبب غضبنا الذي لم نستطع السيطرة عليه؟! كم من الجيران والأقارب قد ضحينا بهم كمحرقات غضب أمام الشرير؟! كم من العائلات قد عانت من التفكك والطلاق بسبب الغضب الشرير الذي يستدر قلب الزوج او الزوجة في لحظات هائجة؟! كم من الأبناء والبنات تشردوا بسبب جو البيت القاتل حين يعمه الغضب والشجار المستمر بين الأب والأم، فيتحوّل الى جهنم وليس الى بيت مبارك؟!
لا يمكننا السيطرة على هذا الفيضان الجارف الا بالصلاة والتأمل اليومي في كلمة الله المقدسة، إذ يمثلان المفتاح الأكيد لفتح باب الرحمة وولادة الحب من جديد في قلوبنا. والبحث عن امكانية التأني في تكوين ردود الفعل. ففي اجواء الصلاة نكتشف وجه الله الحاني المحب الذي يحتضننا برأفته وحنانه؛ ويدعونا الى ملكوت السلام.
فلنتأمل في خلوتنا بردود أفعالنا ومواقفنا تجاه الذات والآخر والله، ولا نكن مثل هذا الأب الذي قضى حياته نادماً على لحظة غضب تجاه ابنه، فكان السبب في إعاقته وخلق عذابه.
وليكن الرب حارساً على قلوبنا وباب شفاهنا كي نسلك بالحق والسلام والفرح في العالم!