نورسات الاردن
نشر الموقع الإلكتروني لبطريركية القدس للاتين كلمة غبطة البطريرك بييرباتيستا بيتسابالا خلال الاحتفال السبت بعيد مريم العذراء سيدة فلسطين وافتتاح المرحلة الأبرشية للسينودس.
ترأس غبطة البطريرك بييرباتيستا بيتسابالا بطريرك القدس للاتين السبت ٣٠ تشرين الأول أكتوبر الاحتفال بعيد مريم العذراء سيدة فلسطين وافتتاح المرحلة الأبرشية للسينودس العام للكنيسة الكاثوليكية. وذكَّر أولا، حسب ما نشر الموقع الإلكتروني للبطريركية، بأن “إحدى المراحل وأكثرَها حيويّةً في كنيستِنا، في الأرض المقدسة، كانت سينودس الكنائس الكاثوليكية في الأرض المقدسة والذي تم اختتامه في بيت لحم سنة 2000 باشتراك كل الكنائس الكاثوليكية في الأرض المقدسة. فهذه الإفخارستيا التي نحتفل بها اليوم لها أهمية تاريخية، ونحن نشعر بأنفسنا مثل التلاميذ المجتمعين في العِلّيّة مع مريم، سيدة فلسطين، وأمِّ الكنيسة الجامعة، وأُمِّ كنيستِنا، كنيسة القدس، أُمِّ الكنائس”. وتابع مشيرا إلى دعوة البابا فرنسيس إلى السير معا ككنيسة جامعة في كل مكان في الأرض. وأضاف غبطة البطريرك: “هنا في الأرض المقدسة، اختَرْنا قصةَ التلميذَيْن اللذَيْن كانا يسيران إلى عمواس، ثم معًا عادا إلى أورشليم (لوقا ٢٤: ١٣-٣٣)، أيقونةً، دليلًا ومصدرَ إلهام، لكل المسيرة السينودسية التي تنتظرنا”.
ومن بين ما شدد عليه غبطة البطريرك بيتسابالا أن “في الكنيسة لا يرحل ولا يسير أحد وحدَه، يرحلُ أو يسيرُ دائمًا مع غيره، مع الجماعة في الشركة”. وقال في هذا السياق: “الشركة هي لذلك أمر رئيسي في هذه المسيرة. والشركة تبدأ من الداخل طبعًا، أي عائلاتنا، والأديرة الرهبانية، والرعايا، والحركات، وكل الهيئات الكنسية. ثم نخرج إلى الخارج لنلتقي بكل الجماعة الكاثوليكية والمسيحية، وأبعدَ من ذلك، أيضَا، بقدر الإمكان. الشركة في الأرض المقدسة لها عدة وجوه: بين المسيحيين من مختلف الكنائس، وبين الجماعات الرهبانية بأنواعها المختلفة، ومع أشخاص من معتقدات وديانات أخرى. نحن مدعوُّون في هذه الفترة إلى أن نحمل في مسيرة السينودس نظرةً رَحْبَة، ومَذاقَ الإنجيل والأخُوّة، والانفتاح على الكثيرين، على الجميع. تقدِرُ جماعاتنا أن تكون مختبرَ شركة وأخُوّة وحوار، فتعطي أرضَنا المباركة والجريحة بانقسامات كثيرة، سياسية واجتماعية ودينية، طعم الشركة”.
ثم أكد بطريرك القدس للاتين” مِثلَ التلميذَيْن على طريق عماوس، نريد أن ننفتح ونتقاسم المسيرة، أن نتقاسم همومنا، ومشاعرنا، وجراحنا. الأزمات التي نواجها كثيرة، سواء في الكنيسة أم في العالم، والتحديات التي تنتظرنا هائلة، والرسالة التي نُدعَى إليها ثقيلة. مثلَ تلميذَيْ عماوس، يسوع يبحث عنّا طول الطريق. ويأتي ليُصغِي إلينا. إنه العمّانوئيل معنا، “الله معنا” (راجع أشعيا ٧:١٤؛ متى ١: ٢٣)، لكنَّا في البداية لا نعرفه. مسيرة السينودس تريد أن تكون أداةً لفتحِ عيوننا، وآذاننا، وقلوبنا، حتى نراه في وسطنا. إنه يسير معنا. وإنّا نلتقيه بانتظام في الإفخارستيا وفي الأسرار. ونعرف أنه يأتي إلينا أيضًا في إخوتنا وأخواتنا الذين يسيرون معنا، بل وفي الذين هم على هامش جماعاتنا. نريد أن نجدِّدَ وَعيَنا فنراهم جميعًا، ليس فقط الذين يتكلَّمون بوضوح وصوتٍ مرتفع، لكن أيضًا الذين نجدهم مرارًا كثيرة ساكتين، ونريد أن نرى الغائبين أيضًا”.
هذا وكانت أهمية المشاركة والإصغاء من النقاط التي توقف عندها غبطة البطريرك مشددا على “أن يكون الإصغاءُ مضاءًا بحضور الرّبّ، حتى لا نبقى أمام تَكرارِ شَكَاوٍ ورثاء”. وتابع أن “المسيرة السينودسية، تمامًا مثل مسيرة تلميذي عماوس، ليست فقط حدثًا يحدث، بقدر ما هي طريقة وأسلوب حياة. تَغلِبُ علينا عادةً عقلية ترُكِّز على ما ينقصنا، وهذا صحيح ومُلِحّ، لكنه يمكن أن يؤدي إلى اليأس. أرجو من مسيرتنا هذه أن تسمح شيئًا فشيئًا لأعيننا بأن ترى ولآذاننا بأن تسمع، وأن تتنبَّهَ ليس فقط لما ينقصنا، ولكن أيضا لما نَملِك: أي الربّ يسوع وهبةُ الروح التي يمنحُنا إياها، يسوع وهبةُ إخوتنا وأخواتنا الذين يسيرون معنا على الطريق نفسها”.
وشدد غبطته من جهة أخرى على أهمية أن نعيد قراءة الكتب المقدسة. وقال: “كلمة الله تمنحنا قوة إن قرأناها مع يسوع. فهو يفتح لنا الكتب، ويحوِّلُ الحرفَ الميِّت إلى روح نابض بالحياة يُضرِمُ قلوبنا. إنه ينضمُّ إلينا في أثناء المسيرة، كما حدث للتلميذَيْن على طريق عماوس. والمسيح القائم يساعدُنا لتفسيرِ الأحداثِ الماضية، في ضوءِ الإيمان، ويُلقِي الضوءَ على أحداث تاريخِنا، وأَشَدِّها إيلامـًا أيضًا، فتصير أحداثًا نرى فيها عناية الله، وأحداثَ نعمة (راجع لوقا ٢٤: ٢٥-٢٧)”.
ثم واصل البطريرك بيتسابالا: “تلميذا عماوس، اللذان ابتعدا عن أورشليم مكتئبَيْن (لوقا ٢٤: ١٧)، مُحبَطَيْن، فاشلَيْن وجريحَيْن، رأيَا جراح المسيح المجيدة، فأدركا، في نورها، معنى جراحِهما، ونحن، مثلَ تلميذَيْ عماوس، مدعوُّون لنعيش معًا هذه القوة الديناميّة الدافعة. نحن أيضًا، مثلُهما، يمكن أن نعود مسرعِين إلى أورشليم، إلى ينابيع إيماننا، إلى العِلِّية، إلى بطرس وجماعة الرسل، لنعود من هناك ونبدأ مسيرتنا نحو العالم، معلنِين مع كل الكنيسة، أنّ المسيح قام حقًّا، وهو الطبيب السماوي للكون كلِّه. هذه إذًا مسيرة سينودسية توحِّدُنا لنُصغِيَ بعضُنا إلى بعض، ونفتح أنفسنا على الروح الذي حَلَّ علينا يوم العنصرة. هذا الروح هو أساس الأمر الثالث الرئيسي في السينودس، أي الرسالة وشهادة البشارة بالخبر السارّ”. ثم ختم غبطة البطريرك: “لنَسِرْ إذًا نحو أفُقٍ نجهلُه، واثقين بالربِّ المخلِّص الذي نعرِفُه. وهنا في دير رافات، في هذا المزار المقدَّس، نضع أنفسنا تحت حماية سيدة فلسطين. ولْنطلُبْ شفاعتها لِنبدأَ معًا هذه المسيرة لنجدِّدَ أنفسنا. لننظُرْ إليها، إنها نجمة البشارة الجديدة، ولنسأَلْها أن تبقى معنا، مع ابنِها وتلميذَيْ عماوس، في مسيرتنا السينودسية، لتوجِّه خُطانا”.