نورسات الاردن
هدف هذه التوجيهات الرعوية المسكونية
١. تهدف هذه “التوجيهات” إلى إضاءة، وتحفيز، وتوجيه العلاقات المسكونية للكنيسة الكاثوليكية في الأرض المقدسة، وفي الوقت نفسه إلى توفير الإرشادات، الملزمة في بعض الحالات، وفق تعليم وقواعد الكنيسة الكاثوليكية في العالم كله. وهي لا تهدف إلى أن تحلّ مكان هذه التعاليم، بل إلى تطابقها مع السياق الكنسي المحلي. وعليه، فإن “دليل لتطبيق مبادئ الحركة المسكونية وقواعدها” (ونحيل إليه بكلمة “دليل”)، الذي نشره المجلس الحبري لتعزيز الوحدة بين المسيحيين عام ١٩٩٣، يشكّل المرجع الرئيس لهذه التوجيهات. في كثير من الحالات، من الضروري العودة إلى هذا “الدليل” لمزيد من الشرح.
ومن المرجو أيضا أن تعزّز هذه التوجيهات ممارسات مشتركة موحَّدة لدى الكنائس الكاثوليكية وكهنتها.
إن هذه “التوجيهات الرعوية المسكونية للكنائس الكاثوليكية في الأرض المقدسة” (ونحيل إليها بكلمة “توجيهات”) قد صادق عليها مجلس رؤساء الكنائس الكاثوليكية في الأرض المقدسة، وتنطبق على جميع الكنائس الكاثوليكية في الأرض المقدسة (فلسطين، إسرائيل، الأردن، قبرص). وإذا استدعت الظروف المحلية، في المناطق المختلفة، المزيد من التوجيهات الخاصة، فإن هذه التوجيهات يجب أن يُعمَل عليها بإشراف سلطة الرؤساء المحليين.
في الوقت الحالي، تتناول هذه التوجيهات بشكل خاص المشاركة في حياة الأسرار، لما تستدعيه هذه القضية من اهتمام خاص. في مرحلة لاحقة، يمكن أن تُستكْمَل في مجالات أخرى من التعاون والعلاقات المسكونية، كالتنشئة المسكونية، والمدارس، والمؤسسات الخيرية، ورعوية الشبيبة، ألخ.
القسم الأول
الكنائس والعلاقات المسكونية في الأرض المقدسة
أ. تنوّع التقاليد والانقسامات في الأرض المقدسة
٢. في الأرض المقدسة، وبسبب معناها الفريد للمسيحيين في العالم بأسره، تتواجد تقريبًا كلّ التقاليد المسيحية والكنائس جنبًا إلى جنب. إنّ القدس هي صورة حيّة ومصغرة للكنيسة في العالم كله، بما فيها من غنى تنوّع اللغات والثقافات والتقاليد. انطلاقًا من المعايير المستخدمة في مجلس كنائس الشرق الأوسط، وهو مفهوم العائلات الكنسية الأربع، يمكن أن نميّز بين التقاليد التالية:
– الكنائس الأورثوذكسية الشرقية: البطريركية الأرمنية الأورثوذكسية الرسولية، الكنيسة الأورثوذكسية السريانية، الكنيسة الأورثوذكسية القبطية، الكنيسة الأورثوذكسية الاثيوبية.
– الكنائس الأورثوذكسية الشرقية: بطريركية القدس للروم الأورثوذكس، كنيسة قبرص الأورثوذكسية.
– الكنائس الكاثوليكية: بطريركية القدس للاتين، كنيسة الروم الملكيين الكاثوليك، الكنيسة المارونية، كنيسة السريان الكاثوليك، كنيسة الأرمن الكاثوليك، الكنيسة الكلدانية.
– الكنائس الانكليكانية والإنجيلية والجماعات الكنسيّة: الكنيسة الانكليكانية الأسقفية، الكنيسة الإنجيلية اللوثرية، والجماعات الإصلاحية، والمشيخية، والإنجيلية، والخمسينية.
يشكّل هذا التنوّع غنى حقيقيًّا للكنائس، لأنّ كل تقليد يقارب سرّ الله، الذي لا يُستقصى والذي أُوحي به في المسيح، طبقًا لثقافته، ولغته، وعبقريّته، وبالتالي يطوّر طريقة خاصّة لقبول الإنجيل، والتأمُّل فيه، والاحتفال به في الليتورجيا، وعيشه بحسب روحانيته الخاصة. عندما تجتمع كلّ هذه المقاربات معًا، يمكن أن نأمل الوصول إلى معرفة أعمق وإلى احتفال أكثر كمالا لتدبير الله الخلاصي.
٣. من المؤسف، من ناحية أخرى، أن نرى أنّ هذا التنوّع تحوّل إلى انقسامات مهمّة على مرّ التاريخ: الجدالات حول السيّد المسيح في القرن الخامس؛ الانقسام الكبير بين الكنيستين الشرقية والغربية في القرن الحادي عشر؛ حركات الإصلاح في القرن السادس عشر. وجميع هذه الانقسامات حملَتْها الكنائس معها إلى الأرض المقدسة في أوقات متنوعة.
ب. البحث عن الوحدة المسيحية في الأرض المقدسة
٤. ورثت العلاقات المسكونية في الأرض المقدسة، خاصّة في القدس، أعباء التاريخ السلبية، نذكر منها بشكل خاصّ التوترات حول الأماكن المقدسة عبر قرون طويلة، والنشاط التبشيري من جانب كنائس الغرب، خاصة منذ القرن التاسع عشر وما بعد. في هذين المجالين، حصل تقدّم ملحوظ في العقود الأخيرة.
إن تعاون الكنائس المختلفة فيما بينها بشأن أعمال الترميم في كنيسة القبر المقدّس (الأناستاسيس أو كنيسة القيامة)، مع تعقيداتها وتوتراتها في بعض الأوقات، ساهمت في خلق أجواء من التفاهم المتبادل والثقة. وهذا الجو الإيجابي تعزّز أيضًا لدى الترميم الأخير لكنيسة المهد وداخل القبر المقدس. ومع ذلك، فإنّ تنسيقًا أوثق يبقى مرغوبًا فيه في مجالات متعدّدة، كاستقبال الحجاج، والمحافظة على النظام في الأماكن المقدسة، على سبيل المثال.
إنّ حجّ البابا بولس السادس عام ١٩٦٤، ولقاءاته مع البطريرك المسكوني أثيناغوراس ومع البطريرك بندكتس للروم الأورثوذكس في القدس، افتتح أجواء جديدة في العلاقات بين رؤساء الكنائس في القدس. وهذا ما شكّل مرحلة أخرى من تحسُّن العلاقات، مما أتاح بداية التنسيق فيما بينهم في سياق الوضع السياسي والاجتماعي الصعب، إثر الانتفاضة الفلسطينية الأولى. منذ ذلك الوقت، تطوّرت هذه العلاقات خطوةً خطوة. فقد راح الرؤساء يلتقون، ويصدرون بيانات مشتركة ومذكّرات، بالإضافة إلى رسائل مشتركة لمناسبة عيدَي الميلاد والفصح من كلّ سنة. وفي الوقت الحالي، يجمعهم الهمّ المشترك حول مستقبل الحضور المسيحي والدفاع عن الحقوق التاريخية للكنائس في الأرض المقدسة. ومع ذلك، لا يزال الكثيرون يرغبون في تعاون أوثق في المجال الرعوي، كالمدارس، والمؤسسات الخيرية، والعمل الرعوي للشباب، على سبيل المثال.
أمّا العلاقات على مستوى المؤمنين، فهذا أمر مختلف تمامّا. يعي المسيحيون تمام الوعي، نظرًا لعددهم القليل في مجتمعهم الواسع، أنّهم لا يستطيعون إلا معًا تأمين مستقبلهم في هذه المنطقة، وتوفير شهادة لها مصداقية، وخدمة لها معنى لشعبهم. إنهم يعيشون جنبًا إلى جنب ويتعاونون بشكل عفوي. إنّ الزيجات المختلطة هي جانب لا ينفصل عن حياتهم العائلية. وقد يصلون إلى حد القول أحيانًا إنهم متّحِدون وإن الانقسام هو فقط شأن رجال الاكليروس. في الوقت عينه، وعلى مستوى الرعايا في المدن والقرى، فإن العلاقات بين رعاة الجماعات المتنوّعة تختلف من مكان لآخر، ولكنها غالبًا ما تتسم بالانفتاح والثقة.
٥. ونتيجةً لهذا الواقع من العيش المشترك على صعيد القاعدة الشعبية، يميل المؤمنون إلى تجاوز الحدود الطائفية في الحياة الكنسية والنشاطات، وحتى في الحياة الليتورجية وممارسة الأسرار. فهم يعرّفون أنفسهم عفويًّا على أنهم مسيحيون، بينما يميل رجال الإكليروس إلى تعريف أنفسهم وفق المقاييس الطائفية. هل يتصرّف المؤمنون بهذه الطريقة من منطلق الجهل، أو بسبب افتقارهم إلى التربية المسيحية؟ أم هل من الممكن أن نرى في هذا الموقف تعبيرًا عن “حسّ الإيمان لدى المؤمنين”، وهو “غريزة الإيمان التي تساعدهم على تمييز ما هو حقا من الله”، كما يقول البابا فرنسيس في “فرح الإنجيل” (رقم ١١٩)؟ هذا الوعي بالانتماء إلى نفس الجماعة، ألا يمكن أن يكون له معنى لاهوتي، يستحقّ أن يؤخذ بعين الاعتبار؟
ومع ذلك، وفي الوقت نفسه، يمكن أيضا أن نلاحظ، في بعض الأماكن، الميل من جديد إلى التأكيد على الهوية الطائفية، بما فيه من انكفاء حصري على الجماعة الخاصة ومن موقف عدائي تجاه الفئات الأخرى، والذي يمكن ان نرى فيه نوعًا من أنواع الأصوليّة.
تهدف هذه “التوجيهات الرعوية المسكونية” بالذات إلى المساهمة في التمييز الواضح بين المواقف المتعدّدة، فتُقدِّم للكهنة والمؤمنين بعض التوجهات والتعليمات، التي تستلهم التعاليم الرسمية للكنيسة الكاثوليكية.
القسم الأول
التعاليم الرسمية للكنيسة الكاثوليكية حول الشأن المسكوني
أ. بعض النصوص الرسمية للكنيسة الكاثوليكية حول الشأن المسكوني:
٦. إن المراجع الأساسية للمبادئ والتوجيهات المسكونية نجدها في ثلاث وثائق للمجمع الفاتيكاني الثاني:
– دستور عقائدي في الكنيسة؛
– قرار في الحركة المسكونية؛
– قرار في الكنائس الشرقية الكاثوليكية.
وهذه التعاليم المجمعية شُرحت وطُوِّرت تطبيقاتها في وثائق رسمية لاحقة:
– مجموعة الحق القانوني للكنيسة الكاثوليكية اللاتينية (١٩٨٣) ومجموعة الحق القانوني للكنائس الشرقية (١٩٩٠).
– التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية (١٩٩٢)، خاصة رقم٨١٣-٨٢٢.
– دليل لتطبيق مبادئ الحركة المسكونية وقواعدها (١٩٩٣)، الذي صدر عن المجلس الحبري لتعزيز الوحدة بين المسيحيين.
– البابا يوحنا بولس الثاني، الرسالة الراعوية ليكونوا واحدا (١٩٩٥).
– البُعْد المسكوني في تنشئة الـمُنخرطين في العمل الرعوي، الذي صدر عن المجلس الحبري لتعزيز الوحدة بين المسيحيين (١٩٩٧).
– مجلس رؤساء الكنائس الكاثوليكية في الأرض المقدسة: السينودس الأبرشي للكنائس الكاثوليكية، المخطط الرعوي العام: مؤمنون بالمسيح، مشاركون في الكنيسة، شاهدون في المجتمع، القدس، ٢٠٠٠: القسم الثاني، الفصل ١٢ (“السعي إلى الوحدة المسيحية: الحركة المسكونية”)، ص ١٣٧-١٤٥.
– المجلس الحبري لتعزيز الوحدة بين المسيحيين، الأسقف والوحدة المسيحية: دليل مسكوني، روما، ٢٠٢٠.
إن التوجيهات الراعوية المسكونية، التي نحن بصددها، تعتمد على هذه النصوص. ولكنها لا تستطيع أن تلخّص، لا التفكير اللاهوتي والكنسي بأكمله، ولا القوانين الكنسية. وبالتالي، من المناسب العودة إلى هذه الوثائق أعلاه بشأن بعض المواضيع المهمة.
ب. مبادئ لاهوتية وكنسية حول الشأن المسكوني
٧. من المهم أن يُلِمّ جميعُ الأساقفة والكهنة، وكذلك جميع الرهبان والراهبات وكلُّ العلمانيين الملتزمين بالعمل الرعوي، إلماما جيّدًا بالمبادئ اللاهوتية والكنسية التي تعتمد عليها هذه التوجيهات الراعوية. يساعدهم هذا الإلمام على أن يدركوا أن هذه التوجيهات ليست مجرّد تعليمات عملية، وضعت بطريقة عشوائية، ويمكن تعديلها وفق مشيئة، بل هي توجيهات يجب التقيّد بها بأمانة، من منطلق حافز شخصي، يجعلنا أيضا قادرين على تطبيقها على ظروف جديدة لم تتكهن بها هذه الوثيقة.
إن “الدليل” المسكوني الرسمي يقدم لنا ملخصًا سهل المنال للمبادئ الرئيسة التي يمكن استلهامها في العلاقات المسكونية للكنيسة الكاثوليكية، وذلك في الفصل الأول بعنوان “السعي إلى وحدة المسيحيين”. إننا نناشِد الجميع أن يدرسوا هذا الفصل، ابتداءً من أول فقرتين: الكنيسة ووحدتها في تدبير الله (رقم ١١-١٢)؛ والكنيسة بصفتها شركة (رقم ١٣-١٧).
أ) الكنيسة ووحدتها في تدبير الله: في سرّ تدبيره الخلاصي السرمدي، يريد الله أن يجتذب الأسرة البشرية كلّها، لا بل الخليقة كلّها، إلى الوحدة في ذاته. لهذه الغاية، أرسل الله إلى العالم، في ملء الأزمنة، ابنه الوحيد، الذي رُفِع على الصليب، ودخل المجد، وأفاض الروح القدس، وبه يدعو ويضمّ في وحدة الإيمان والرجاء والمحبة شعب الله الجديد، اي الكنيسة. إنّ الكنيسة “هي في المسيح بمثابة السر، أي العلامة والأداة في الاتحاد الصميم بالله ووحدة الجنس البشري برمته” (دستور عقائدي في الكنيسة، رقم ١). وبالتالي، فإنّ أي انقسام في الكنيسة حصل بسبب “الجنون البشري أو الخطيئة البشرية”، هي مُخالَفة لكيانها ورسالتها، مما يتطلّب القيام بكلّ جهد يسعى إلى الوحدة المسيحية، تحت إرشاد الروح القدس.
ب) الكنيسة بصفتها شركة: إن المفهوم الكنسي للشركة مركزي وأساسي في تعليم المجمع الفاتيكاني الثاني حول الكنيسة. في حقيقتها العميقة، الكنيسة وحدة الجميع مع الآب، بالمسيح، في الروح القدس. إنّ الشركة الثالوثية هي ينبوع الشركة في الكنيسة ونموذجها. وهذه الشركة تتحقّق بشكل ملموس في الكنائس الخاصة، التي تجتمع كلّ واحدة منها حول أسقفها. والشركة بين الكنائس تستمر وتتجلّى، بطريقة مميّزة، في الشركة بين الأساقفة، الذين يشكلّون معًا الجماعة التي تَخْلف الجماعة الرسولية، التي يرأسها أسقف روما. إن الشركة تُبنَى على الصعيد المحلي والإقليمي والجامع.
إن الوحدة المرئية لجميع المسيحيين هي الهدف الأخير للحركة المسكونية. وعلى هذا الطريق نحو الوحدة الكاملة، يتيح مفهوم الشركة الكنسي للكنيسة الكاثوليكية أن تعترف أنّ “وحدة حقيقية، ولو غير كاملة”، توجد مع الكنائس الأخرى وبعض الجماعات الكنسية، وفق درجة الشركة في الإيمان، وحياة الأسرار، والوحدة المرئية في المسيح. إنّ البحث عن الوحدة الكاملة يعني العمل على أن تصل هذه الشركة الحقيقية، ولو غير الكاملة، إلى كمالها.
ج. المشاركة في النشاطات والموارد الروحية: المبادئ اللاهوتية
٨. أ) على الرغم من الاختلافات الكثيرة والصعوبات الحقيقية التي تحول دون الشركة الكنسية الكاملة، “يتضح أن جميع المنضمّين إلى المسيح بالمعمودية، يتقاسمون فيما بينهم كثيرًا من مكونات الحياة المسيحية. ثمة إذن، بين المسيحيين، شركة حقيقية وإن ناقصة، يمكن التعبير عنها بأساليب كثيرة، من جملتها المشاركة في الصلاة والطقوس الليتورجية” (دليل، رقم ١٠٤).
ب) إن درجة إمكانية مثل هذه المشاركة ترتبط بدرجة الشركة الحاصلة وغير الكاملة في الإيمان وحياة الأسرار. بالنسبة إلى العلاقات المسكونية، خاصة في الحياة الليتورجية، من الضروري جدًّا أن نميّز تمامًا، من جهة، بين العلاقات بالكنائس الأورثوذكسية (الأورثوذكسية البيزنطية والأورثوذكسية الشرقية)، والعلاقات، من جهة أخرى، بالكنائس والجماعات الكنسية المنبثقة عن اصلاح القرن السادس عشر.
“بين الكنيسة الكاثوليكية والكنائس الشرقية التي ليست على وحدة كاملة معها لا تزال تقوم شركة وثيقة جدًّا في نطاق الإيمان. أضف إلى ذلك “أنّ كنيسة الله تُبني وتنمو بإقامة إفخارستيا الربّ، في كلٍّ من هذه الكنائس”، ثم “إن هذه الكنائس على انفصالها، تملك اسرارًا حقيقيّة، ولاسيما الكهنوت والإفخارستيا، بفعل الخلافة الرسولية”. في كلّ هذا مرتكز كنسي وأسراري كافٍ، في نظر الكنيسة الكاثوليكية، لتسويغ بل لتشجيع بعض المشاركة مع هذه الكنائس في نطاق الطقوس الليتورجية، وحتى في الإفخارستيا، “في أحوال مناسبة، وبموافقة السلطة الكنسية” (دليل، رقم ١٢٢؛ راجع أيضا قرار في الحركة المسكونية، رقم ١٤-١٥).
مع الكنائس والجماعات الكنسية الأخرى، حتى ولو أن الكنيسة الكاثوليكية تعترف، في كثير من الحالات، بصحة العماد الذي تمنحه هذه التقاليد، ليس هنالك اعتراف عام لصحة الأسرار فيها وخاصة الخِدَم الناجمة عن رسامة من خلال الخلافة الرسولية. وهذا ما له نتائج هامّة على إمكانية أو عدم إمكانية الشركة في الموارد الروحية والليتورجية.
ج) في كل الأحوال، المشاركة في الاحتفال الإفخارستي، الذي هو التعبير الأسراري المرئي لملء الشركة في الإيمان، والعبادة، والحياة المشتركة، لا تصح مع خَدمَة الكنائس او الجماعات الكنسية، التي ليس لها شركة كاملة مع الكنيسة الكاثوليكية (راجع: دليل، رقم ١٠٤/٥؛ وكذلك مجموعة الحق القانوني للكنيسة اللاتينية، القانون٩٠٨، ومجموعة الحق القانوني للكنائس الشرقية، القانون ٧٠٢).
د) يجب أن نُظهِر دائمًا تفهُّمًا واحترامًا صادقًا للأحكام الليتورجية والأسرارية لدى الكنائس والجماعات الكنسية، كما لنا الحق أيضا أن ننتظر من الآخرين نفس الاحترام للأحكام الكاثوليكية (دليل، رقم ١٧). بطريقة ملموسة، من المعروف أن الكنائس الأورثوذكسية تبدي تحفُّظا أكبر وبشكل علني تجاه المشاركة في الأسرار مع الكنائس الأخرى.
بشكل مبدئي، “في شأن هذه المشاركة، لا بدّ من التوصية بإجراء مشاورات بين السلطات الكاثوليكية المختصة وسلطات الجماعات الأخرى للبحث عن السبل الكفيلة بإقامة تبادل مشروع، وفقا للعقيدة والتقاليد المرعية في مختلف الجماعات” (دليل، رقم ١٠٦).
ه) يجب أن نُظهِر دائمًا الاحترام للكنيسة التي ينتمي إليها المؤمن، وأن نعي أن قبول التناول الإفخارستي ليس، مطلقًا، مجرد عمل شخصي، بل يعني نوعًا من الشركة الحقيقية القائمة بين الكنائس أو الجماعات الكنسية وهؤلاء الأشخاص الذين يشاركون في الإفخارستيا الواحدة.
القسم الثاني: علاقات مسكونية رعوية
أ. مبادئ راعوية
٩. يجب أن نشجّع المؤمنين دائمًا على ممارسة إيمانهم وحياة الأسرار في كنيستهم الخاصة، وعلى تجنّب كلّ ما يمكن أن يُفسَّر على أنه اقتناص (proselytism). وفي الوقت عينه، لكلّ مسيحي الحقّ، لأسباب ضميرية دينية، أن يقرّر بحرية انتماءه أو انتماءها الكنسي.
مِن الأهمية بمكان أن نميّز دائمًا بوضوح بين المشاركة (١) في العبادة الليتورجية غير الأسرارية، وفي (٢) حياة الأسرار، خاصة الإفخارستيا. تُعنى هذه التوجيهات بشكل رئيس بالمشاركة في الأسرار.
ب. المشاركة في حياة الأسرار مع أبناء الكنائس الشرقية أو الكنائس الشرقية الأورثوذكسية
في الكنيسة الكاثوليكية:
١٠. أ) “يسوغ للخَدَمَة الكاثوليك أن يمنحوا أسرار التوبة والإفخارستيا ومسحة المرضى لمؤمني الكنائس الشرقية إذا طلبوا ذلك تلقائيا وكانوا لها على استعداد لائق” (دليل، رقم ١٢٥).
ومع ذلك، وفي كل هذه الأحوال، “لا بدّ من مراعاة النظام المتبع في الكنائس الشرقية تجاه مؤمنيها، والاحتراس من كل محاولة استمالة (proselytism) ولو في الظاهر” (دليل، رقم ١٢٥). وبطريقة مشابهة، من المفروض على المسيحيين الأورثوذكس ان يحترموا نظام الكنيسة الكاثوليكية. على سبيل المثال، في الكنيسة اللاتينية، يجب ألا يمنح كاهن كاثوليكي المناولة للأطفال الأورثوذكس، تماما كما أن المناولة لا تُمنح للأطفال الكاثوليك في الكنيسة اللاتينية.
ب) “بمناسبة احتفال ليتورجي بالأسرار في كنيسة شرقية يجوز للكاثوليك أن يتلوا قراءات، إذا دُعوا إلى ذلك” (دليل، رقم ١٢٦). إن الوثائق الرسمية لا تذكر الإنجيل، ولكن، بما أن تلاوة الإنجيل تعود فقط لكاهن أو شماس، فإن دعوة خادم غير كاثوليكي يمكن أن تكون نوعًا من المشاركة في القداس، على الأقل في الاحتفال الإفخارستي، والمشاركة في الاحتفال الإفخارستي لا تجوز مبدئيًّا (راجع أعلاه، رقم٨). وهذا ما ينسحب أيضا على العظة أثناء الاحتفال الإفخارستي.
ج) يسوغ لمؤمن شرقي، لسبب مُحقّ، أن يقوم بمهمة العرّاب، بمعيّة عرّاب كاثوليكي (أو عرابة كاثوليكية) في معمودية طفل أو بالغ كاثوليكي، بشرط أن تؤمَّن تربية كافية للشخص الـمُعمّد” (دليل، رقم٩٨/ب).
د) “يجوز لمسيحي ينتمي إلى كنيسة شرقية أن يكون شاهد زواج في كنيسة كاثوليكية” (دليل، رقم ١٢٨).
في الكنائس الأورثوذكسية الشرقية والكنائس الأورثوذكسية البيزنطية:
١١. أ) إذا اقتضت ضرورة أو استدعت فائدة روحيّة حقيقيّة، وفي حال غياب أي خطر ضلال أو لامبالاة، يجوز لكل كاثوليكيّ يستحيل عليه، ماديًّا أو معنويًّا، الوصول إلى كاهن كاثوليكيّ، أن يتقبّل أسرار التوبة والإفخارستيا ومسحة المرضى من خادم كنيسة شرقية” (دليل، رقم ١٢٣).
في الوقت عينه، “إذا رغب كاثوليكيّ رغبة مشروعة في قبول المناولة لدي المسيحيين الشرقيين، فعليه، قدر المستطاع، أن يراعي النظام الشرقي، ويمسك عن المناولة إذا احتفظت بها هذه الكنيسة لمؤمنيها دون غيرهم” (دليل، رقم ١٢٤).
ب) بمناسبة احتفال ليتورجي بالأسرار في كنيسة شرقية، “يجوز للكاثوليك أن يتلوا قراءات، إذا دُعوا لذلك” (دليل، ١٢٦).
ج) “يحوز لخادم كاثوليكيّ أن يشارك بالحضور والفعل في حفلة زواج، يُحتفَل بها حسب الأصول، بين مسيحيين شرقيين أو بين مسيحيين أحدهما كاثوليكيّ والأخر شرقي، في كنيسة شرقية، إذا دعته السلطة الشرقية إلى ذلك” (دليل، رقم ١٢٧).
“يجوز لعضو في كنيسة كاثوليكية أن يكون شاهدًا في زواج يُقام حسب الأصول، في كنيسة شرقية” (دليل، رقم ١٢٨).
ج) المشاركة في حياة الأسرار مع مسيحيين من كنائس أو جماعات كنسية أخرى
في الكنائس الكاثوليكية:
١٢. أ) في حالة خطر الموت، يجوز للكهنة الكاثوليك أن يمنحوا أسرار التوبة والإفخارستيا ومسحة المرضى لأعضاء كنائس او جماعات كنسية أخرى، بشرط الا يتمكن هذا العضو من اللجوء إلى هذا السر من خادم من كنيسته أو كنيستها أو جماعته أو جماعتها الكنسية، وأن يطلب السر بمبادرته أو مبادرتها الشخصيّة، وأن يعرب عن إيمانه بهذا السر، وأن يكون مستعدًّا له استعدادًا لائقًا (دليل، رقم ١٣٠ و ١٣١).
“وفي أحوال أخرى، يحبَّذ بشدة أن يسنّ أسقف الأبرشية قواعد عامة للبتّ في أحوال الضرورة الخطيرة والماسّة وللتحقّق من الشروط المدوّنة أعلاه، وذلك مع مراعاة القواعد التي يمكن أن يكون قد ثبتها المجلس الأسقفي أو سينودسات الكنائس الشرقية”. بحسب الحق القانوني، هذه القواعد العامة يجب ألا تُقرَّ إلا بعد استشارة السلطة المختصة، اقلّه المحلية، للكنيسة أو الجماعة الكنسية المعنية (الدليل، رقم ١٣٠، الحق القانوني اللاتيني، قانون٨٤٤/٥؛ الحق القانون الشرقي، القانون ٦٧١/٥).
ب) “قراءة الكتاب المقدس، خلال احتفال افخارستيّ في كنيسة كاثوليكية، يتلوها عادة أعضاء هذه الكنيسة. ولكن يجوز لأسقف الأبرشية في ظروف استثنائية، ولسبب محقّ، أن يسمح لعضو في كنيسة أو جماعة كنسية أخرى بأن يقوم بمهمّة القراءة” (الدليل، رقم ١٣٣). أثناء الليتورجيا الأفخارستية، العظة، وكذلك الإنجيل، الذي هو جزء من الليتورجيا نفسها، تُحصَر في الكاهن أو الشماس الإنجيلي. وبالتالي، يُستثني من ذلك أي خادم من كنائس أخرى (دليل، رقم ١٣٤).
أثناء الاحتفالات غير الاحتفالات الإفخارستية، يجوز لمسيحيي كنائس أخرى أو جماعات كنسية تلاوة القراءات أو الوعظ (دليل، رقم ١٣٥ و ١١٨).
ج) في العماد الكاثوليكي، “يجوز لمعمد ينتمي إلى جماعة كنسية أخرى ]غير شرقية[ أن يكون شاهدًا للمعمودية، ولكن فقط بمعية عرّاب كاثوليكي” (الدليل، رقم٩٨/أ).
د) يجوز لأعضاء كنائس أخرى أو جماعات كنسية أن يكونوا شهودًا في احتفال الزواج في كنيسة كاثوليكية (الدليل، رقم ١٣٦).
في الكنائس والجماعات الكنسية الأخرى
١٣. أ) استنادًا إلى العقيدة الكاثوليكية في شأن الأسرار وصحتها، لا يجوز لكاثوليكي في حالة خطر الموت أو في حالة حاجة قصوى أن يطلب هذه الأسرار، أي التوبة والإفخارستيا ومسحة المرضى، إلا من خادم كنيسة تُعتبَر اسرارها صحيحة، أو من خادم مرسوم بطريقة صحيحة في نظر العقيدة الكاثوليكية (دليل، رقم ١٣٢). وهذه الشروط غير متوفرة تقريبا أبدًا في الأرض المقدسة.
ب) يجوز لكاثوليكي أن يكون شاهدًا لشخص قَبِل العماد في جماعة كنسية أخرى (دليل، رقم٩٨/أ).
ج) يجوز للكاثوليك أن يكونوا شهودا في الإكليل الذي يُحتفل به في كنائس أو جماعات كنسية أخرى (الدليل، رقم ١٣٦).
د. الزيجات المختلطة
١٤. أ) نظرًا لكثرة الزيجات المختلطة في الأرض المقدسة وتداعياتها الرعوية المتعددة، فإن هذه القضية تتطلّب اهتمامًا خاصًّا. يخصِّص الدليل المسكوني قسمًا خاصًّا لهذه القضية (دليل، رقم ١٤٣-١٦٠). ومع ذلك، فإنه “لا يحاول أن يعطي عرضا مطولا للقضايا القانونية والرعوية المرتبطة بها…، لأن مثل هذه القضايا تشكّل جزءًا من العمل الرعوي العام الموكول إلى كل أسقف أو كل مجلس أسقفي إقليمي” (دليل، رقم ١٤٣).
ب) تعريف: “لفظة “الزواج المختلط” تشير إلى كل زواج معقود بين طرف كاثوليكي وأي طرف مسيحي معمّد آخر، على غير شركة كاملة مع الكنيسة الكاثوليكية” (دليل، رقم ١٤٣؛ وراجع أيضا: الحق القانوني اللاتيني، القانون ١١٢٤، والحق القانوني الشرقي، القانون٨١٣).
وهنا، يجب أن نميّز بوضوح بين “الزيجات المختلطة” بين أشخاص معمَّدين ينتمون إلى كنائس أو جماعات كنسية أخرى، وزيجات “اختلاف الدين”، أي زواج بين كاثوليكي معمَّد وشخص غير معمَّد. إن زيجات “اختلاف الدين” لها أحكام قانونية معيّنة واختلاف الدين مانع مبطل.
ج) توصيات رعوية: (١) “يبقى الزواج بين أفراد من ذات الجماعة الكنسية هو الهدف الذي يجب تحبيذه والتشجيع عليه” (دليل، رقم ١٤٤). من جانب آخر، “يمكن أن تساهم الزيجات المختلطة بين مسيحيين ينتمون لكنائس مختلفة في الحركة المسكونية، خاصة عندما يكون الطرفان أمينين على واجباتهم الدينية” (دليل، رقم ١٤٥).
(٢) يجب ان تكون الزيجات المختلطة وعائلاتها موضع عناية رعوية خاصة (دليل، رقم ١٤٥-١٤٩).
د) تدابير قانونية:
– “يُمنع الزواج بين أفراد معمَّدين، أحدهم كاثوليكي والآخر غير كاثوليكي، بدون الإذن المسبق من السلطة المختصة” (الحق القانوني الشرقي، القانون٨١٣؛ الحق القانوني اللاتيني، القانون ١١٢٤). وعليه، فإنّ الإذن مطلوب ليكون الزواج قانونيًّا أو جائزًا (licit)، ولكن، لا ليكون صحيحًا (valid).
– يستطيع الرئيس المحلي أن يمنح هذا الإذن لسبب صوابي، بالشروط التالية: (١) أن يعلن الطرف الكاثوليكي أنه أو أنها سيبقى أو ستبقى أمينا أو أمينة للإيمان الكاثوليكي وأن يعمل أو تعمل كل ما بوسعه أو وسعها ليقبل الأولاد العماد وأن يتربوا في الكنيسة الكاثوليكية. (٢) يجب أن يطّلع الطرف الآخر على هذه المواعيد. (٣) يجب أن يتعلّم الطرفان أهداف والميزات الأساسية للزواج (الحق القانوني الشرقي، القانون٨١٤؛ الحق القانوني اللاتيني، القانون ١١٢٥).
– يعود إلى كل جمعية أسقفية أو إلى القانون الخاص بكل كنيسة كاملة المؤهلات القانونية (sui juris) أن تقرّر طريقة القيام بهذه التصريحات والوعود وكيف يجب أن يطّلع عليها الطرف غير الكاثوليكي (الحق القانوني اللاتيني، القانون ١١٢٦؛ الحق القانوني الشرقي، القانون٨١٥).
– “الزواج بين طرف كاثوليكي وعضو في كنيسة شرقية يكون صحيحًا إذا تمّ على يد كاهن وفقا لرتبة دينية، وبشرط التقيد بالأحكام القانونية الأخرى المطلوبة لصحة الزواج. في هذه الحال، صيغة عقد الزواج التي يقرها الشرع لا تلزم إلا من باب الجواز” (دليل، رقم ١٥٣؛ الحق القانوني اللاتيني، القانون ١١٢٧/١؛ ١١٠٨؛ الحق القانوني الشرقي، القانون٨٣٤/١؛٨٢٨). في هذه الحالة، الصيغة القانونية غير مطلوبة إلا من باب الجواز.
– “إن الصيغة القانونية ملزمة لصحة الزواجات بين كاثوليك ومسيحيين من كنائس وجماعات كنسية أخرى” (دليل، رقم ١٥٣؛ الحق القانوني اللاتيني، القانون ١١٢٧/١؛ الحق القانوني الشرقي، القانون٨٣٤/١). ويمكن اعطاء حليّة من الاسقف المسؤول (الحق القانوني الشرقي،القانون٨١٤؛ الحق القانوني اللاتيني، القانون ١١٢٧/٢).
ه) الاحتفال بالسر:
– يجب أن يكون خادم واحد، يرأس الاحتفال، وهو الذي يتقبّل رضى الزوجين ويمنح بركة الزواج (دليل، رقم ١٥٧).
– “يُمنع… إقامة أي احتفال ديني آخر بالزواج نفسه، من أجل منح الرضى الزواجي أو تجديده، كما يُمنع أن يكون هناك احتفال ديني، يقوم فيه الكاهن الكاثوليكي والخادم غير الكاثوليكي معا بطلب رضى الطرفين، كل بحسب طقسه” (الحق القانوني اللاتيني، القانون ١١٢٧/٣؛ الحق القانوني الشرقي، القانون٨٣٩).
– لدى الاحتفال الكاثوليكي بزواج مختلط، يستطيع الكاهن الكاثوليكي أن يدعو خادم الكنيسة أو الجماعة الكنسية الأخرى أن يشارك في الاحتفال، وأن يتلو قراءات الكتاب المقدس، ما عدا الإنجيل، وأن يلقي عظة مقتضبة وأن يبارك الزوجين (دليل، رقم ١٥٧).
– يجوز لكاهن كاثوليكي أو لشماس أن يشترك في الاحتفال غير الكاثوليكي، وأن يقوم بصلوات مناسبة، وأن يتلو قراءات الكتاب المقدس، وأن يلقي عظة قصيرة، ويبارك الزوجين، إذا دعاه إلى ذلك المترأس (دليل، رقم ١٥٧).
– في احتفال غير كاثوليكي، يمكن لكاهن كاثوليكي أو شماس، إذا طلب منه ذلك مترأس الاحتفال، أن يقوم ببعض الصلوات، ويتلو قراءات من الكتاب المقدس، ويلقي عظة مقتضبة ويبارك الزوجين (دليل، ١٥٧).
– “يجوز لمسيحي ينتمي إلى كنيسة شرقية أن يكون شاهدا للزواج في كنيسة كاثوليكية” (دليل، رقم ١٢٨).
– “يجوز لعضو في كنيسة كاثوليكية أن يكون شاهدا في زواج يقام حسب الأصول، في كنيسة شرقية” (دليل، رقم ١٢٨).
– يجوز لأعضاء في كنائس أو جماعات كنسية أخرى أن يكونوا شهودا في حفلة زواج في كنيسة كاثوليكية (دليل، رقم ١٣٦).
– بسبب مشاكل مرتبطة بالمشاركة الإفخارستية، فإن الزواج المختلط، الذي يُحتفل به بحسب الشكل القانوني الكاثوليكي، يجري عادة خارج الاحتفال الإفخارستي. ولسبب صوابيّ، يستطيع الأسقف المحلي أن يسمح الاحتفال بالإفخارستيا. وبشكل مشابه، المشاركة الإفخارستية من قِبَل الزوجين في الزواج المختلط يمكن أن تكون استثنائية. في الحالتين، يجب التقيّد بالأحكام المرتبطة بالإفخارستيا (دليل، رقم ١٥٩-١٦٠).
– الكاثوليكي الذي يصبح أورثوذكسيًّا ليحصل على الطلاق، والذي يعيد زواجه في الكنيسة الأورثوذكسية، لن يسمح له قبول التناول في الكنيسة الكاثوليكية. أما أطفال هذا الزواج، فيمكن قبولهم في المدارس الكاثوليكية للتربية الكاثوليكية.
و) الاتفاقات الرعوية:
– من الـمُتفق عليه بين الكنائس في الأرض المقدسة أن يتمّ الاحتفال بالزواج في كنيسة الزوج.
– هذا الاتفاق أقرّه رسميا اتفاق الشرفة (لبنان)، في ١٤ تشرين الأول ١٩٩٦: (١) حرية الزوجة أن تبقى في كنيستها إن هي أرادت ذلك؛ (٢) الاحتفال بالزواج في كنيسة الزوج، ويستطيع الكاهن المترأس دعوة كاهن الطرف الآخر أن يتلو بعض الصلوات؛ (٣) يتعمّد الأطفال في كنيسة والدهم. – هذا الاتفاق وقع عليه بطريرك أنطاكية للروم الأورثوذكس، لكنه، مبدئيًّا، لا يلزم بطريركية أورشليم للروم الأورثوذكس.
خلاصة
١٥. يصادق مجلس رؤساء الكنائس الكاثوليكية في الأرض المقدسة على هذه التوجيهات المسكونية الرعوية، ويدعو الكهنة والرهبان والمؤمنين الكاثوليك – خاصة أولئك الملتزمين بالعمل الرعوي – إلى دراستها بعناية وتطبيقها بضمير.
إن هذه التوجيهات هي جانب لا ينفصل عن الواقع الـمُعاش، أي السعي نحو الوحدة المسيحية، وهو واقع يواجه باستمرار تطورات جديدة، وبالتالي تتطلب هذه التوجيهات مراجعات دورية. إن أي مساعدة أو مساهمات تُرسَل حول هذه المواضيع، تقبلها بامتنان أمانةُ سر مجلس رؤساء الكنائس الكاثوليكية في الأرض المقدسة واللجنةُ المسكونية للعلاقات المسكونية.