نورسات الاردن
أثناء الحرب العالمية الثانية ذهبت إحدى الأمهات مع زوجها وطفلها الصغير من روسيا إلى فرنسا وهناك توفي زوجها بعد فترة بسيطة ..
وتركها لتهتم بطفلها ونفسها في أرض غريبة ..ولم تجد مكاناً تُقيم فيه مع طفلها سوى ( بيت درج) وكانت تجتهد وتعمل بيديها ليجد طفلها ما يسد جوعه ويستر جسده الغض، وكان عملها عند بائع ورود، وعندما وجد فيها الرجل أمانة و تعب و احتمال رفع لها أجرها وجعلها تعمل في فندق يملكه .
ذات يوم وهي تصعد السلُم بالفندق وقعت وأصيبت واتضح أنها مصابة بالسكر و كانت تعطي لنفسها الأنسولين، ولكنها أخفت ذلك عن إبنها الصغير و طمأنته بأنها بصحة جيدة حتى لا يتسرب الخوف إلى نفسه وأيضاً لكي تعوضه عن أبيه الغائب.
كبر الابن وذهب إلى المدرسة فكانت الأم تتحمل مشقة توصيله صباحاً و العودة به وقت الظهيرة، فهي لا تملك ثمن مواصلاته وفي نفس الوقت لا تستطيع أن تتركه يسير بمفرده وسط المواصلات، ويا ليت الأمور بقيت هكذا مكتفية بهذه المعاناة ..
ولكن كان الأطفال في المدرسة يستهزئون بإبنها بسبب ملابس أمه البسيطة مما سبب الكثير من الضيق للطفل
واستمرت هذه الأم العظيمة في حبها وحنانها واهتمامها بابنها حتى أنهى دراسته وعندما لبس إبنها ملابس الجندية هنأته وشجعته لكي يدافع دفاع الأبطال عن بلاده قائلة له: ” إن لم نكن نحن الذين ندافع عنها فمن سيكون يا إبني!
ووعدته بأنها سترسل له خطاباً إسبوعياً بمجرد أن يرسل لها عنوان الكتيبة المُجند فيها، وفعلاً استمرت هذه الأم تُرسل كلمات التشجيع و المحبة لوحيدها في جبهة القتال، وكانت كلمات أمه خير معين وسند له.إ نها رسالة الحب الحقيقي التي يبحث عنها كل قلب .
وعندما شعرت الأم بأن جسمها قد ضعف و أنها قد تموت بعد قليل ذهبت لإحدى صديقاتها بعد أن كتبت 140 رسالة بخط يدها وطلبت منها – إذا ماتت – أن تستمر هي عوضاً عنها في إرسال الرسائل بانتظام لابنها ،وفعلاً ماتت الأم واستمرت الرسائل بخط يدها تصل لابنها إسبوعياً فيطمئن على أمه.
ولكن بعد وصول الرسالة رقم 140 بأيام قليلة أن الابن قد أصابته شظية في أنفه وكُسرت، فأعطوه وسام الحرب و أعادوه ليرجع لوالدته،
فرجع وهو يعلم مكانها عند صاحب الفندق، ولكنه فوجىء بأنها ماتت منذ فترة طويلة وعندما أكد الابن أنه قد إستلم هذا الأسبوع رسالة بخط يدها، كشفت صديقة أمه أمر الرسائل ال 140 التي كتبتها الأم قبل موتها لكي يستمر الابن مطمئناً عليها .