نورسات الاردن
سلسلة تأملات في القداس الإلهي
التأمل الأول
الكيرون
تعني كلمة كيرون الإذن أو الرخصة وهي بداية دخول الكاهن وقبل ارتداء حلته الكهنوتية حيث يقف أمام الأبواب المقدسة للهيكل وهي ترمز لأبواب الفردوس القديم مرتديا الجبة والقلنسوة ويبدأ صلاة الكيرون ليستأذن الرب ليتمم الخدمة الشريفة .
يقف الكاهن أمام الباب الأوسط والستائر مسدلة ويصلي جملة من الصلوات السرية التي يطلب فيها من الرب الإذن بالدخول .
الكاهن هنا في وقفته وأبواب الهيكل مغلقة يستذكر موقف طرد البشرية من الفردوس متمثلة في آدم الأول حيث تأمل الآباء القديسون مليا في لحظة طرد آدم من الفردوس وهو واقف أمام الأبواب التي أُغلقت في وجهه حزينا بل وربما باكيا .
يستمر الكاهن في صلاته صلاة الإذن بالدخول وهذه المشاعر البشرية تنتابه في هذه اللحظات .
ثم ينزع القلنسوة من على رأسه دلالة على تعري آدم من الحلة الأولى التي خلقه الله عليها وهي حلة النقاء وطهارة الطبيعة ويقوم بمصافحة الأيقونات الشريفة وحين يصل أيقونة والدة الإله ويقول افتحي لنا باب التحنن يا والدة الإله يُفتح الباب الأوسط .
هنا يستذكر اكاهن دور والدة الإله كأداة للتجسد الإلهي مستذكرا أنها بولادتها آدم الثاني حصلت هي حواء الجديدة فبحواء الأولى دخل الموت وبحواء الجديدة نلنا الملكوت وانفتحت أبوابه المغلقة بسر التجسد العظيم .
وفي دخول الكاهن إلى الهيكل الذي يمثل الملكوت يستذكر قول الرسول بولس في رومية 5 : 14 – 19 حيث يقول :
لكِنْ قَدْ مَلَكَ الْمَوْتُ مِنْ آدَمَ إِلَى مُوسَى، وَذلِكَ عَلَى الَّذِينَ لَمْ يُخْطِئُوا عَلَى شِبْهِ تَعَدِّي آدَمَ، الَّذِي هُوَ مِثَالُ الآتِي.
وَلكِنْ لَيْسَ كَالْخَطِيَّةِ هكَذَا أَيْضًا الْهِبَةُ. لأَنَّهُ إِنْ كَانَ بِخَطِيَّةِ وَاحِدٍ مَاتَ الْكَثِيرُونَ، فَبِالأَوْلَى كَثِيرًا نِعْمَةُ اللهِ، وَالْعَطِيَّةُ بِالنِّعْمَةِ الَّتِي بِالإِنْسَانِ الْوَاحِدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، قَدِ ازْدَادَتْ لِلْكَثِيرِينَ!
وَلَيْسَ كَمَا بِوَاحِدٍ قَدْ أَخْطَأَ هكَذَا الْعَطِيَّةُ. لأَنَّ الْحُكْمَ مِنْ وَاحِدٍ لِلدَّيْنُونَةِ، وَأَمَّا الْهِبَةُ فَمِنْ جَرَّى خَطَايَا كَثِيرَةٍ لِلتَّبْرِيرِ.
لأَنَّهُ إِنْ كَانَ بِخَطِيَّةِ الْوَاحِدِ قَدْ مَلَكَ الْمَوْتُ بِالْوَاحِدِ، فَبِالأَوْلَى كَثِيرًا الَّذِينَ يَنَالُونَ فَيْضَ النِّعْمَةِ وَعَطِيَّةَ الْبِرِّ، سَيَمْلِكُونَ فِي الْحَيَاةِ بِالْوَاحِدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ!
فَإِذًا كَمَا بِخَطِيَّةٍ وَاحِدَةٍ صَارَ الْحُكْمُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ لِلدَّيْنُونَةِ، هكَذَا بِبِرّ وَاحِدٍ صَارَتِ الْهِبَةُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ، لِتَبْرِيرِ الْحَيَاةِ.
لأَنَّهُ كَمَا بِمَعْصِيَةِ الإِنْسَانِ الْوَاحِدِ جُعِلَ الْكَثِيرُونَ خُطَاةً، هكَذَا أَيْضًا بِإِطَاعَةِ الْوَاحِدِ سَيُجْعَلُ الْكَثِيرُونَ أَبْرَارًا.
وهكذا سنرى كيف أن القداس الإلهي هو تأمل حار وعميق في سر التدبير الإلهي كله ونرى الكاهن يبدأ متأملا في كل هذا كخطوة أولى لبدء الخدمة المقدسة وذلك لكي يعلن للناس كافة حب الله اللامتناهي للبشر ويعلن فرح السماء برجوع الضالين .
آمين