نورسات الاردن
يصل البابا فرنسيس بعد ظهر الخميس إلى مطار لارنكا في أول محطة له من زيارة تشمل قبرص واليونان سيحمل خلالها مرة أخرى لواء الدفاع عن المهاجرين ويشدّد على أهمية الحوار بين المذاهب المسيحية المختلفة.
وهو البابا الثاني الذي يزور قبرص بعد أحد عشر عاماً على زيارة البابا بنديكتوس السادس عشر الى الجزيرة المتوسطية الصغيرة ذات الغالبية الأرثوذكسية والدولة الوحيدة في الاتحاد الأوروبي المقسمة نتيجة اجتياح أجنبي. وتستغرق الزيارة يومين.
وسيشكل القداس العام الذي سيحييه البابا في الملعب البلدي في نيقوسيا صباح الجمعة ذروة الزيارة. وهو الحدث الوحيد الذي سيتمكن فيه كل أتباع الكنيسة الكاثوليكية من كل المذاهب والبالغ عددهم حوالى 25 ألفا، بين موارنة وكاثوليك معظمهم من المهاجرين الآسيويين، من رؤية البابا ومشاركته في الصلاة.
وقد استنفرت الكنائس المارونية واللاتينية والكاثوليكية كل طاقاتها للتحضير للقداس عبر دعوة المؤمنين الى المشاركة بكثافة وتنظيم النقليات وتوزيع الدعوات والتذكارات.
وقطعت الشرطة صباح الخميس بعض الطرق المؤدية الى كاتدرائية سيدة النعم في نيقوسيا القديمة حيث سيلتقي البابا بعد الظهر ممثلي الكنيسة المارونية، في أول محطة له بعد وصوله الى مطار لارنكا الساعة 15,00 (13,00 ت غ).
ومساء الجمعة، يترأس البابا صلاة مسكونية دعيت إليها مجموعة من المهاجرين.
وبحسب السلطات القبرصية، قد يكرر البابا اللفتة الرمزية التي قام بها في جزيرة ليسبوس اليونانية في العام 2016، عندما اصطحب معه إلى الفاتيكان ثلاث عائلات سورية مسلمة مهاجرة بشكل غير قانوني الى اليونان، مشيرة الى أن مفاوضات جارية ليصطحب معه عندما يغادر الجزيرة، عدداً من المهاجرين.
وقال البابا فرنسيس (84 عاما) الأربعاء، عشية رحلته الخامسة والثلاثين الى الخارج منذ انتخابه العام 2013، إن زيارته ستكون “فرصة للتقرّب من إنسانية مجروحة”، من “العديد من المهاجرين الباحثين عن الأمل”.
وكان وصف البحر المتوسط الذي يقع عليه البلدان اللذان يزورهما ، بأنه تحول الى “مقبرة عظيمة”، في إشارة الى آلاف المهاجرين الذين غرقوا خلال محاولاتهم الهروب من نزاعات وحروب في بلدانهم في الشرق الأوسط الى ملاذ آمن في أوروبا.
يختار الدول الأكثر فقرا
وقال مطران أبرشية قبرص المارونية سليم صفير لوكالة فرانس برس “كلنا نعلم أن البابا فرنسيس يعرف بخطه الرسولي بأنه يذهب دائما إلى الأكثر فقرا والأكثر ضعفا والأكثر تهميشا. اليوم، يتمثل هؤلاء بالمهاجرين الذين تركوا بلدانهم بطريقة مؤلمة أو غير شرعية”.
ووصل الى الشواطئ القبرصية خلال السنوات الأخيرة عدد متزايد من المهاجرين.
وتقول السلطات إن قبرص التي تعدّ مليون نسمة لديها اليوم العدد الأكبر من طلبات اللجوء التي يقدمها مهاجرون نسبة الى عدد سكانها، بالمقارنة مع دول الاتحاد الأوروبي الأخرى.
ويحمل البابا فرنسيس (84 عاما) في زيارته شعار “العزاء في الإيمان” المستقى من معنى اسم القديس بارنابا القبرصي الجنسية والذي يعني “المعزّي”.
وقال النائب البطريركي للكنيسة اللاتينية جيرزي كراج لوكالة فرانس برس إنّ قدوم البابا الى قبرص واليونان، البلدين الأرثوذكسيين، يحمل “رسالة أكيدة للحوار، الحوار المفتوح، وعدم وضع قيود في الكلام مع الآخر”.
ومنذ أصبح رأس الكنيسة الكاثوليكية، يولي البابا فرنسيس الحوار بين الأديان، وبين المذاهب المسيحية المختلفة، أولوية قصوى.
وسيلتقي صباح الجمعة أساقفة الكنيسة الأرثوذكسية في قبرص في مقرّ رئيس الأساقفة كريسوستوموس الثاني، في نيقوسيا القديمة.
وقال البابا الأربعاء إن زيارته تندرج في إطار “الأخوة بين المسيحيين من مذاهب مختلفة”، مجددا إرادته بالتوجه الى “الأطراف”.
ووصفت السلطات القبرصية الزيارة ب”التاريخية”. وسيلتقي البابا الخميس الرئيس القبرصي نيكوس أناستاسيادس في القصر الرئاسي في نيقوسيا.
وذكر بيان رسمي أنّ الرئيس القبرصي سيعرض للبابا أيضاً رؤية بلاده ل”حلّ عادل وقابل للاستمرار” للجزيرة المقسّمة منذ 1974.
وغزت تركيا الشطر الشمالي من قبرص في 1974 ردّاً على انقلاب قام به قوميون كانوا يطالبون بربط قبرص باليونان. وتوقفت المفاوضات التي كانت تجري برعاية الأمم المتحدة بشأن إعادة توحيد الجزيرة منذ العام 2017.
ويلتقي البابا بعد الظهر البطريرك الماروني بشارة الراعي الذي قدم من لبنان المجاور الغارق في أزمة اقتصادية وسياسية عميقة، للمشاركة في الحدث. وسيشارك في اللقاء رجال دين وأعيان موارنة.
وقال المنسّق الليتورجي للزيارة عن الكنيسة المارونية الكاهن ابراهيم خيتة لفرانس برس أنّ حوالى ألف لبناني قدموا من لبنان لمناسبة زيارة البابا.
ويتوقع مسؤولون في الكنيسة المارونية أن يأتي البابا خلال الزيارة التي سيلقي خلالها كلمات عدّة، على ذكر لبنان وأزمته، وهو الذي وجّه نداء إلى اللبنانيين الصيف الماضي، راجياً إياهم ألا يفقدوا الأمل، وداعياً إلى “حلول ملحّة وثابتة للأزمة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية”.
كما وعد بزيارة لبنان.
ويشكّل القبارصة الموارنة الذين قدم أجدادهم من لبنان وسوريا منذ القرن الثامن، أقلّ من 1 في المئة من سكّان قبرص، وقد نزح معظمهم من قراهم في شمال الجزيرة بعد الاجتياح التركي.
وقالت المارونية القبرصية إيلينا لاكوتريبيس (خمسينية) التي انضمت الى جوقة مستحدثة تتمرّن لخدمة قداس البابا، “أنتظر بفارغ الصبر وصول البابا فرنسيس، وطلبت إجازة من العمل حتى أتمكّن من المشاركة في هذا الحدث التاريخي”.
وأردفت “نحن نحبّ البابا كثيراً لأنّه شخص استثنائي. إنه متواضع ومدافع عن الفقراء والبساطة والسلام”، مضيفة “أنا متحمسة جداً ولا أستطيع أن أصف مدى سعادتي لرؤيته”.