نورسات الاردن
ترأس عميد مجمع تبشير الشعوب الكاردينال لويس أنطونيو تاغل صباح الجمعة قداس تكريس كاتدرائية سيدة الجزيرة العربيّة في البحرين وللمناسبة ألقى الكاردينال تاغل عظة قال فيها نحمد الله على عطيّة كاتدرائية سيدة العرب.
إنها علامة حية على اهتمام الله بقطيعه. إنَّ قداسة البابا فرنسيس والجالية الكاثوليكية في البحرين يشكران جلالة الملك حمد بن عيسى بن سلمان آل خليفة على الحفاظ على تقاليد العائلة المالكة في دعم الكنيسة الكاثوليكية وعلى التبرع بالأرض التي تقوم عليها الكاتدرائية الآن. نتذكر بامتنان الأسقف الراحل كاميلو بالين الذي بدأ هذا المشروع، والذي أنهاه الآن بنجاح المطران بول هيندر الذي نعبّر له أيضًا عن امتناننا. كما نشيد أيضًا بعمل المهندسين والبناة والفنانين والمحسنين. ليبارككم الله وليكافئكم مائة ضعف.
تابع عميد مجمع تبشير الشعوب يقول يدل تكريس كنيسة ما على أنها قد أصبحت الآن مخصصة للنشاطات المقدسة لمجد الله وتقديس شعب الله. لهذا السبب تسمى الكنيسة عادة بيت الله وبالتالي هي بيت عائلة الله. لذلك اسألكم من فضلكم أن تأتوا غالبًا إلى هذه الكنيسة لكي تلتقوا بأبينا الرحيم وتتحدّثوا معه، لأن الله ينتظرنا على الدوام بفارغ الصبر.
أضاف الكاردينال تاغل يقول لقد استغرق بناء هذه الكنيسة سنوات عديدة. ويمكننا الآن أن نقول إنه قد انتهى. ولكن علينا أن نحافظ عليها لكي تدوم. وإنما علينا أن نتذكر على الدوام أنه في حين أن تشييد المبنى ينتهي، لكنَّ بناء الكنيسة كجماعة لا ينتهي أبدًا. إنَّ الأحجار والأخشاب التي تشكل مبنى الكنيسة ستبقى معًا لسنوات عديدة ولكن يمكن لأفراد الجماعة أن يختلفوا مع بعضهم البعض، ويؤذي بعضهم البعض ويسيرون في طرق منفصلة في يوم واحد فقط. ولذلك يذكرنا القديس بطرس، “أَنتم أَيضًا، شأنَ الحِجارَةِ الحَيَّة، تُبنَونَ بَيتاً رُوحِياً”؛ نحن الأحجار الحية التي يجب بناؤها وتعزيزها باستمرار لكي تصبح بيتًا روحيًا. ونصبح حجارة حية فقط إذا اتحدنا بيسوع. أما ببعدنا عنه نصير حجارة صلبة وباردة.
تابع عميد مجمع تبشير الشعوب يقول كيف نبقى حجارة حية في يسوع الذي هو حجر الزاوية بالنسبة لنا؟ تقترح القراءات ثلاث طرق. أولاً من خلال الاصغاء إلى كلمة الله. في القراءة الأولى، اختبر شعب إسرائيل “إعادة بنائه” أو شفاءه كشعب من خلال الاصغاء بانتباه إلى كتاب الشريعة كما أعلنه وفسره عزرا الكاهن. لقد تأثروا بكلمة الله لدرجة أنهم بكوا. فهل نفتح أذهاننا وقلوبنا على كلمة الله؟ هل نسمح لروح الله أن يتغلغل في ضمائرنا فيما يتمُّ إعلان الكلمة لنا؟ من خلال الثقة في كلمة الله فقط سنصبح حجارة حية للإيمان والحكمة في جماعاتنا. غالبًا ما تكون “الحجارة الصلبة” في الجماعة أولئك الأشخاص الذين يولون الأهميّة الأكبر لكلماتهم وأفكارهم بدلاً من كلمة الله. ليّنوا قلوبكم، واصغوا إلى كلمة الله.
ثانيًا أضاف الكاردينال تاغل يقول من خلال تقديم أنفسنا ذبائح روحية مقبولة عند الله. في الإنجيل، طرد يسوع الذين كانوا يبيعون الحيوانات لتقديم الذبائح من الهيكل. ثم أعلن، “انْقُضُوا هذَا الْهَيْكَلَ، وَفِي ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ أُقِيمُهُ”. لقد افتتح يسوع ذبيحة جديدة، لا من لحم ودم الحيوانات وإنما تقدمة جسده ودمه، ومكان الذبيحة ليس فقط الهيكل الحجري وإنما هيكل جسده أيضًا لأنّه الذبيحة وهيكل الذبيحة الكاملة. تعالوا إذًا إلى يسوع وانضموا إليه في تقديم حياتنا وجسدنا ودمنا لله من أجل خير إخوتنا. نحن نحتفل بهذا السرّ في الإفخارستيا وفي الأسرار. وبالتالي يجب أن يصبح ذلك أيضًا قاعدة لحياتنا. إذ لا يكفي أن نقدم أشياء أو تبرعات مهما كانت جيدة أو مفيدة. لأنَّ الذبيحة التي ترضي الله هي تقدمة أنفسنا. ولا يمكننا أن نقدم أنفسنا بصدق إلا إذا أتينا إلى يسوع في الإفخارستيا. لنسر إذًا على درب يسوع ونحيا، ونُظهر للعالم أنه بالموت عن ذواتنا، نحن نحيا حقيقة.
تابع عميد مجمع تبشير الشعوب يقول ثالثا: خدمة المحبة. في القراءة الأولى، قال عزرا للأشخاص الذين أصغوا إلى كلمة الله، “اذهبوا كلوا السمين واشربوا الحلو وابعثوا أنصبة لمن لم يُعد لنفسه”. إنَّ الطعام والشراب هما عطايا من الله، وعلينا أن نستمتع بهما بامتنان. ولكن على الاستفادة من عطايا الله أن تجعلنا نتذكر الذين لديهم القليل. إن الاستمتاع بوجبات الطعام دون مراعاة الجياع يظهر قلبًا من حجر. وبسبب قساوة قلب بعض الأشخاص يتحول الخبز إلى حجر ويطعمون الآخرين حجارة. تعالوا إلى يسوع حجر الزاوية الذي أطعم الجياع بكلمة الله، وبخمسة أرغفة وسمكتين، وبجسده ودمه. تعالوا إلى يسوع الحاضر في الجائع والعطشان والغريب والمشرّد والمريض والمسجون واشعروا بأنَّ قلبكم ينبض بالحياة مرة أخرى. دعوا العالم يعرف يسوع من خلال محبتنا، محبتنا العالمية التي لا حدود لها.
وختم عميد مجمع تبشير الشعوب الكاردينال لويس أنطونيو تاغل عظته في قداس تكريس كاتدرائية سيدة الجزيرة العربيّة في البحرين بالقول تعالوا إلى يسوع، الحجر الحي وكونوا جماعة حيّة من خلال كلمة الله، والإفخارستيا وخدمة المحبة. مع تكريس الكاتدرائية، نكرس أيضًا كل واحد منكم وجماعتكم لحياة وخدمة يسوع المسيح. لتحفظ أمنا الطوباوية مريم العذراء، التلميذة النموذجية لابنها يسوع، قلوبكم في قلبها الطاهر. ولتساهم الحجارة الحية للجماعة الكاثوليكية في تعزيز التضامن والوحدة في البحرين.