نورسات الاردن
مقابلة البابا فرانسيس مع وسائل الإعلام الفاتيكانية حول الأبوة والأمومة في زمن وباء الكورونا وشهادة القديس يوسف، مثال على القوة والحنان لآباء اليوم.
انتهت السنة المخصصة للقديس يوسف في الثامن من كانون الأول ديسمبر الماضي، لكن اهتمام البابا فرنسيس وحبه لهذا القديس لم ينتهيان، بل على العكس، إذ يتم تطويرهما بشكل أكبر مع تعاليمه التي، منذ السابع عشر من تشرين الثاني نوفمبر الماضي، تركز على شخصية شفيع الكنيسة الجامعة. وللمناسبة أجرت وسائل الاعلام الفاتيكانيّة مقابلة مع البابا فرنسيس أظهر من خلاها محبته للعائلة، وقربه من الذين يعانون ويختبرون الألم وعناق الكنيسة للآباء والأمهات الذين يواجهون اليوم العديد من الصعوبات لكي يؤمنّوا مستقبل أبنائهم.
في جوابه على سؤال حول ما يمثله القديس يوسف بالنسبة له قال البابا فرنسيس لم أُخفِ أبدًا الانسجام الذي أشعر به تجاه شخص القديس يوسف. أعتقد أن هذا الأمر يأتي من طفولتي ومن تنشئتي. لطالما عزّزت إكرامًا خاصًا للقديس يوسف لأنني أعتقد أن شخصيته تمثل، بطريقة جميلة وخاصة، ما يجب أن يكون عليه الإيمان المسيحي لكل فردٍ منا. إنَّ يوسف في الواقع، هو رجل عادي وقداسته تكمن بالتحديد في كونه أصبح قديسًا من خلال الظروف الجميلة والسيئة التي كان عليه أن يعيشها ويواجهها. ولكن، لا يمكننا أن نخفي حتى حقيقة أننا نجد القديس يوسف في الإنجيل، وخاصة في روايات متى ولوقا، كرائد مهم لبدايات تاريخ الخلاص. في الواقع، كانت الأحداث التي شهدت ولادة يسوع أحداثًا صعبة، مليئة بالعقبات والمشاكل والاضطهادات والظلام، والله لكي يساعد ابنه الذي كان سيولد في العالم وضع مريم ويوسف إلى جانبه. وإذا كانت مريم هي التي أعطت يسوع الكلمة المتجسد للعالم، فإن يوسف هو من دافع عنه، وحماه، وغذَّاه، وجعله ينمو. وبالتالي يمكننا أن نقول فيه إنّه رجل الأوقات العصيبة، الرجل الواقعي، الرجل الذي يعرف كيف يتحمل المسؤولية. بهذا المعنى، تتحد خاصيتان في القديس يوسف. من جهة، روحانيته المميزة التي تُترجم في الإنجيل من خلال قصص الأحلام؛ تشهد هذه الروايات على قدرة القديس يوسف على الاصغاء إلى الله الذي يتحدث إلى قلبه. لأنَّ وحده الشخص الذي يصلي، والذي لديه حياة روحية عميقة، يمكنه أيضًا أن يكون قادرًا على أن يميِّز صوت الله وسط العديد من الأصوات التي تسكننا. إلى جانب هذه الميزة، هناك ميزة أخرى: يوسف هو الرجل الواقعي، أي الرجل الذي يواجه المشاكل بأسلوب عملي كبير، وإزاء الصعوبات والعقبات، لا يتخذ أبدًا موقف الضحية، بل يضع نفسه دائمًا في منظور الرد والإجابة، والثقة بالله وإيجاد حل بطريقة خلاقة.
تابع البابا فرنسيس مجيبًا على سؤال حول إن كان هذا الاهتمام المتجدد بالقديس يوسف يكتسب معنى خاصًا في هذه المرحلة من هذه المحنة العظيمة وقال إنَّ الزمن الذي نعيش فيه هو زمن صعب مطبوع بجائحة فيروس الكورونا. أشخاص كثيرون يعانون، وعائلات كثيرة تعيش في صعوبات والعديد من الأشخاص يكتنفهم الخوف من الموت والمستقبل المجهول. وبالتالي فكّرتُ أنه في مثل هذا الوقت العصيب، نحن بحاجة إلى شخص يمكنه أن يُشجّعنا ويساعدنا ويلهمنا لكي نفهم ما هي الطريقة الصحيحة لكي نواجه لحظات الظلام هذه. والقديس يوسف هو شاهد منير في الأزمنة المظلمة. لهذا السبب كان من الصواب أن نعطي فسحة له في هذا الزمن لكي نتمكّن من أن نجد الطريق مجدّدًا.
أضاف الحبر الأعظم مجيبًا على سؤال حول بداية خدمته البطرسيّة في التاسع عشر من آذار مارس في عيد القديس يوسف وقال لطالما اعتبرت أنها نعمة من السماء أن أتمكن من بدء خدمتي البطرسية في التاسع عشر من آذار مارس. أعتقد أن القديس يوسف بطريقة ما أراد أن يخبرني أنه سيستمر في مساعدتي، وفي البقاء بجانبي، وأنّه يمكنني أن أستمرَّ في اعتباره كصديق يمكنني أن أتوجه إليه، ويمكنني أن أوكل إليه نفسي، وأطلب منه أن يشفع فيَّ ويصلِّي من أجلي. لكن بالتأكيد هذه العلاقة التي تُعطى لنا من شركة القديسين ليست محفوظة لي أنا وحدي، وأعتقد أنه يمكنها أن تكون مفيدة للكثيرين. لهذا السبب، أتمنى أن تكون السنة المخصَّصة للقديس يوسف قد جعلت قلوب العديد من المسيحيين تكتشف مجدّدًا القيمة العميقة لشركة القديسين التي ليست شركة مجردة بل شركة ملموسة يتم التعبير عنها في علاقة ملموسة ولها نتائج ملموسة.
تابع البابا فرنسيس مجيبًا على سؤال حول ما يمكنهم أبناء اليوم أي آباء المستقبل أن ينالوا من الحوار مع القديس يوسف وقال نحن لم نولد آباء ولكننا بالتأكيد قد ولدنا جميعًا أبناء. هذا هو أول شيء يجب أن نأخذه في عين الاعتبار، أي أن كل واحد منا، بعيدًا عما قد تخبِّئ له الحياة، هو أولاً إبن، وقد أوكل به إلى شخص ما، ويأتي من علاقة مهمة جعلته ينمو وأثّرت به في الخير والشرّ. وبالتالي فإنَّ وجود هذه العلاقة، والاعتراف بأهميتها في حياتنا، يعني أن نفهم أنه يومًا ما، عندما سيتوجّب علينا أن نتحمل مسؤولية حياة شخص ما، أي عندما يتعين علينا ممارسة الأبوة، سنحمل معنا في المقام الأول الخبرة التي قمنا بها شخصيًا. ولذلك من المهم أن نتمكّن من التأمُّلِ حول هذه التجربة الشخصية لكي لا نكرر الأخطاء عينها ونعتزَّ بالأمور الجميلة التي عشناها. وبالتالي أنا مقتنع بأن علاقة الأبوة التي كانت تربط يوسف بيسوع قد أثَّرت على حياته لدرجة أن بشارة يسوع المستقبليّة كانت مليئة بالصور والمراجع المأخوذة من مثاله الأبوي. فعلى سبيل المثال، يقول يسوع أن الله هو أب، ولا يمكننا أن نقف غير مبالين إزاء هذا التأكيد، لا سيما إذا فكّرنا في خبرته البشريّة الشخصية للأبوَّة. هذا يعني أن يوسف قد قام بدور الأب بطريقة جيّدة جدًّا لدرجة أن يسوع وجد في محبّة هذا الرجل وأبوته أجمل إشارة نعطيها لله. وبالتالي يمكننا أن نقول إن أطفال اليوم الذين سيصبحون آباء الغد يجب عليهم أن يسألوا أنفسهم عن نوع الآباء الذين حصلوا عليه وعن نوع الآباء الذي يريدون أن يصبحوا عليه. ولذلك لا يجب أن يسمحوا بأن يكون الدور الأبوي نتيجة الصدفة أو ببساطة نتيجة لخبرة عاشوها في الماضي، وإنما يمكنهم أن يقرروا بوعي كيف يحبون شخصًا ما، وكيف يتحملون المسؤولية تجاه شخص ما.
أضاف الحبر الأعظم مجيبًا على سؤال حول إن كان مثال القديس يوسف كأب يعرف كيف يكون حاضرًا لكنه يترك ابنه حرًّا لينمو ممكن في مجتمع يبدو أنه يكافئ فقط الذين يشغلون الفسحات والرؤية وقال من أجمل سمات الحب، وليس الأبوة فقط، هي الحرية بشكل خاص. لأنَّ الحب يولِّد الحرية على الدوام ولا يجب على الحب أن يُصبح أبدًا سجنًا وتملُّكًا. وفي هذا السياق يُظهر لنا القديس يوسف القدرة على الاعتناء بيسوع دون امتلاكه أبدًا، وبدون الرغبة في التلاعب به أو الرغبة في تشتيت انتباهه عن رسالته. وأعتقد أن هذا الأمر مهم للغاية كعلامة لقدرتنا على الحب وكذلك لقدرتنا على التراجع. فالأب الصالح يكون كذلك عندما يعرف كيف ينسحب في الوقت المناسب لكي يظهر ابنه بجماله، وفرادته، وخياراته، ودعوته. بهذا المعنى، وفي كل علاقة محبة علينا أن نتخلى عن الرغبة في أن نفرض صورةً، وانتظارًا، أو رؤية من الأعلى، أو في ملء المشهد بشكل كامل بدور رياديٍّ مُفرِط. إن السمة المميّزة للقديس يوسف بامتياز لمعرفته كيف يتنحّى جانباً، والتواضع الذي هو أيضًا القدرة على الانتقال إلى الخلفية، تشكّل ربما الجانب الحاسم للمحبّة التي يُظهرها القديس يوسف تجاه يسوع. وبهذا المعنى فهو شخص مهم، لا بل أتجرّأ على القول أيضًا بأنه أساسي في سيرة يسوع، لاسيما لأنه وفي مرحلة معينة يعرف كيف يخرج من المشهد لكي يسطع يسوع في كامل دعوته وكامل رسالته. وبالتالي وعلى مثال القديس يوسف علينا أن نسأل أنفسنا ما إذا كنا قادرين على أن نتراجع، ونسمح للآخر، ولاسيما للذين قد أوكَلوا إلينا، أن يجدوا فينا مرجعية لا عقبة.
تابع البابا فرنسيس مجيبًا على سؤال حول ما الذي يمكن فعله، وماذا يمكن أن تفعله الكنيسة، لإعطاء القوة مجدّدًا للعلاقة بين الآباء والابناء، والتي هي أساسية للمجتمع وقال عندما نفكر في الكنيسة نفكّر بها على الدوام كأم، وهذا الأمر بالتأكيد ليس خطأً. وخلال السنوات الأخيرة، حاولتُ أنا أيضًا أن أُصِرَّ كثيرًا على هذا المنظور لأن طريقة ممارسة أمومة الكنيسة هي الرحمة، أي أنها ذلك الحب الذي يولد الحياة ويجددها. أليست المغفرة والمصالحة طريقة يمكننا من خلالها أن ننهض مجدّدًا؟ أليست طريقة ننال من خلالها الحياة مُجدّدًا لأننا نحصل على فرصة أخرى؟ لا وجود لكنيسة ليسوع المسيح إلا من خلال الرحمة! لكنني أعتقد أنه يجب علينا أن نتحلى بالشجاعة لكي نقول إنه لا يجب على الكنيسة أن تكون والديّة فقط وإنما أبويّة أيضًا. أي أنها مدعوة إلى ممارسة الخدمة الأبوية. وعندما أقول إنه يجب على الكنيسة استعادة هذا الجانب الأبوي، فإنني أشير بالتحديد إلى القدرة الأبوية الكاملة على وضع الأبناء في وضع يسمح لهم بتحمل مسؤولياتهم، وممارسة حريتهم، والقيام بخياراتهم. وبالتالي إذا كانت الرحمة من جهة، تشفينا وتعزينا وتشجعنا، فإن محبة الله من ناحية أخرى، لا تقتصر على المغفرة والشفاء وحسب، ولكنها تدفعنا إلى اتخاذ القرارات والانطلاق.
أضاف الأب الأقدس مجيبًا على سؤال حول إن كان الخوف في بعض الأحيان، ولاسيما في زمن الوباء هذا، يشل هذا الدفع وقال نعم، إنَّ هذه المرحلة التاريخية هي مرحلة مطبوعة بعدم القدرة المرء على اتخاذ قرارات كبيرة في حياته. غالبًا ما يخشى شبابنا من أن يقرروا ويختاروا وأن يشاركوا. والكنيسة تكون كذلك فقط عندما تقول نعم أو لا، ولاسيما عندما تشجع الخيارات الكبرى وتجعلها ممكنة. لكل خيار على الدوام عواقب ومخاطر، ولكن أحيانًا خوفًا من العواقب والمخاطر، نبقى مشلولين ولا نستطيع فعل أي شيء واختيار أي شيء. إنَّ الأب الحقيقي لا يقول لك أنَّ كل شيء سيكون دائمًا على ما يرام، وإنما حتى لو وجدت نفسك في موقف لا تسير فيه الأمور على ما يرام، ستتمكن من مواجهة وعيش تلك اللحظات وحتى الإخفاقات بكرامة. لا يمكنك أن تعرف الشخص الناضج من نجاحاته وإنما من الأسلوب الذي يعرف من خلاله كيف يواجه الفشل. لأنّه في خبرة السقوط والضعف يظهر طبع الشخص الحقيقي.
تابع البابا فرنسيس مجيبًا على سؤال حول الأبوّة الروحية وكيف يمكن للكهنة أن يكونوا آباء وقال لقد قلنا من قبل أن الأبوة ليست نتيجة مفروغ منها، لا يولد المرء أباً، وإنّما على الأكثر يصبح واحدًا. وكذلك لا يولد الكاهن أباً وإنما عليه أن يتعلّم كيف يصبح كذلك شيئًا فشيئًا، ويبدأ أولاً بالاعتراف بأنه ابن الله ومن ثمَّ ابن الكنيسة أيضًا. والكنيسة ليست مبدأ مجردًا، وإنما هي على الدوام وجه شخص ما، ووضع ملموس، شيء يمكننا أن نُطلق عليه اسمًا دقيقًا. نحن قد نلنا إيماننا من خلال علاقتنا بشخص ما، لأنَّ الإيمان المسيحي ليس شيئًا يمكننا أن نتعلَّمه من الكتب أو من خلال حجج منطقيّة بسيطة، وإنما هو على الدوام عبور وجودي يمر عبر العلاقات. وهكذا فإن خبرة إيماننا تولد على الدوام من شهادة شخص ما. لذلك علينا أن نسأل أنفسنا كيف نعيش الامتنان تجاه هؤلاء الأشخاص، ولاسيما إن كنا نحتفظ بتلك القدرة الحاسمة لنعرف أيضًا كيف نميِّز بين الأشياء غير الصالحة التي يمكن أن تكون قد انتقلت إلينا من خلالهم. إنَّ الحياة الروحية لا تختلف عن الحياة البشريّة. إذا كان الأب صالحًا، من الناحية الإنسانية، فذلك لأنه يساعد ابنه لكي يحقق ذاته، ويجعل حريته ممكنة ويدفعه إلى اتخاذ قرارات عظيمة، فكذلك ايضًا هو الأب الروحي الصالح، فهو يكون كذلك فقط عندما لا يحل محل ضمير الأشخاص الذين يتّكلون عليه، وعندما لا يجيب على الأسئلة التي يحملها هؤلاء الأشخاص في قلوبهم، وعندما لا يسيطر على حياة الذين أوكِلوا إليه، وإنما عندما يتمكن بطريقة رصينة وحازمة في الوقت عينه من أن يدلّهم على الدرب ويقدّم مفاتيح قراءة مختلفة للأوضاع التي يعيشونها ويساعدهم في التمييز.
أضاف الأب الأقدس مجيبًا على سؤال حول ما هو الأمر الأكثر إلحاحًا اليوم لتعزيز هذا البعد الروحي للأبوة وقال غالبًا ما تكون الأبوة الروحية عطية تأتي بشكل خاص من الخبرة. إنَّ الأب الروحي لا يشارك الذين أوكِلوا إليه بمهاراته النظرية، وإنما وبشكل خاص بخبرته الشخصيّة. وبهذه الطريقة فقط يمكنه أن يكون مفيدًا لإبنٍ ما. هناك حاجة مُلِحَّة كبرى، في هذه المرحلة التاريخية، لعلاقات ذات مغزى يمكننا أن نصفها بأنها علاقات أبوة روحية، ولكن – اسمحوا لي أن أقول – إنها علاقات أمومة روحية أيضًأ، لأن دور المرافقة هذا ليس امتيازًا للذكور أو للكهنة فقط. هناك العديد من الراهبات والمكرسات الصالحات، وإنما أيضًا العديد من العلمانيين والعلمانيات الذين لديهم خبرة غنيّة التي يمكنهم مشاركتها مع الآخرين. وبهذا المعنى، فإن العلاقة الروحية هي إحدى تلك العلاقات التي يجب أن نعيد اكتشافها بقوة أكبر في هذه المرحلة التاريخية دون أن نخلط بينها وبين مسارات أخرى ذات طبيعة نفسية أو علاجية.
وخلُص البابا فرنسيس حديثه لوسائل الإعلام الفاتيكانيّة مجيبًا على سؤال حول ما يريد ان يقوله للآباء الذين يعيشون في صعوبات بعد فقدانهم لوظائفهم نتيجة للعواقب المأساوية لفيروس الكورونا وقال أشعر أنني قريب جدًا من مأساة تلك العائلات، هؤلاء الآباء والأمهات الذين يعانون من صعوبة خاصة، وقد تفاقمت بسبب الوباء. أعتقد أنه ليس من السهل على المرء أن يواجه ألم عدم قدرته على تقديم الخبز لأولاده، والشعور بالمسؤولية إزاء حياة الآخرين. بهذا المعنى، فإن صلاتي وقربي ولكن أيضًا دعم الكنيسة كلّه هو لهؤلاء الأشخاص، من أجل هؤلاء الأخيرين. لكني أفكر أيضًا في العديد من الآباء والأمهات والعديد من العائلات الذين يهربون من الحروب، ويتمُّ رفضهم وإعادتهم عند حدود أوروبا، والذين يعيشون في حالات من الألم والظلم لا يأخذها أحد على محمل الجد أو يتمُّ تجاهلها عمدًا. أريد أن أقول لهؤلاء الآباء ولهؤلاء الأمهات، إنهم أبطال بالنسبة لي لأنني أجد فيهم شجاعة الذين يخاطرون بحياتهم محبّة بأبنائهم ومحبة بعائلاتهم. إنَّ مريم ويوسف قد اختبرا أيضًا هذا المنفى، وهذه المحنة، إذ اضطُرا إلى الهرب إلى بلد غريب بسبب عنف وسُلطة هيرودس. وألمهما هذا يجعلهما قريبين من هؤلاء الإخوة الذين يعانون اليوم من التجارب والمحن عينها. فيتوجّه هؤلاء الآباء بثقة إلى القديس يوسف وهم يعلمون أنه كأب قد عاش الخبرة عينها والظلم عينه؛ وبالتالي أريد أن أقول لهم ولعائلاتهم بألا يشعروا أبدًا بأنّهم وحدهم لأنَّ البابا يذكرهم على الدوام وسيستمر قدر الإمكان في كونه صوتًا لهم ولن ينساهم أبدًا.