نورسات الاردن
اقترح الكاردينال سيميرارو على البابا قبول الرأي الإيجابي للجمعية العامة لمجمع دعاوى القديسين، ووافق الحبر الأعظم على مراسيم صادرة عن المجمع حول الاعتراف بالفضائل البطولية لثلاثة خدام لله وهم المطران فرانشيسكو سافيريو توبي، الأخت ماريا تريزا دي فيشينتيه والأخت غابرييلا بورغارينو.
خطوة إلى الأمام نحو منح لقب ملفان للكنيسة للقديس إيريناوس: استقبل قداسة البابا فرنسيس صباح أمس الخميس في العشرين من شهر كانون الثاني يناير الجاري عميد مجمع دعاوى القديسين الكاردينال مرتشيلو سيميرارو، واقترح عليه أن يقبل الرأي الإيجابي للجمعية العامة للكرادلة والأساقفة أعضاء مجمع دعاوى القديسين، حول منح لقب ملفان للكنيسة لأسقف ليون في القرن الثاني. هذا وكان البابا فرنسيس قد تحدث عن هذا الموضوع في السابع من تشرين الأول أكتوبر من العام الماضي عندما التقى بفريق عمل القديس إيريناوس الأرثوذكسي الكاثوليكي المختلط إذ قال: “بكل سرور سأعلن شفيعكم ملفانًا للكنيسة”. وفي تلك المناسبة وصفه الأب الأقدس بالجسر الروحي واللاهوتي الكبير بين المسيحيين الشرقيين والغربيين”، مشددًا على أن اسمه يحمل مطبوعًا في داخله كلمة سلام.
رسول الشعوب القِلطيّة والجرمانية، كان القديس إيريناوس مدافعًا عن العقيدة: واجه البدعة التي مثّلتها الغنوصية في الإطار المسيحي وانتشار الفلسفة الأفلاطونية الحديثة بين الوثنيين، والتي كان لديها بعض الصلات بالمسيحية، من خلال الانفتاح على الحوار وقبول بعض المبادئ العامة. كذلك يمكننا اعتبار القديس إيريناوس أول لاهوتي كبير في الكنيسة. ونجد في محور تفكيره “قاعدة الإيمان” ونقلها، أي مسألة التقليد الرسولي. هذا كان إيريناوس يؤكِّد أنَّ الرسل علّموا إيمانًا بسيطًا يقوم على وحي الله. وأنّه لا توجد عقيدة سرية وراء قانون الإيمان المشترك للكنيسة، ولا توجد مسيحية أسمى خاصة بالمثقفين. وبالتالي فالحقيقة والخلاص ليسا امتيازًا أو احتكارًا لقليلين، وإنما يمكن للجميع أن يبلغوهما. وكان أسقف ليون، يؤكّد أنّه على جميع الكنائس المحليّة أن تتبع كنيسة روما. ويكتب في الواقع: “نظرًا لأهميّة هذه الكنيسة من الضروري أن تجتمع فيها كلُّ الكنائس، أي المؤمنين المنتشرين في كل مكان، لأنها قد حافظت على تقليد الرسل على الدوام”. بقي لدينا فقط عملين من أعمال أسقف ليون: الكتب الخمسة “ضد الهرطقات” و”شرح الوعظ الرسولي”، الذي يُعتبر أقدم تعليم مسيحي في العقيدة المسيحية. وقد كان الهدف من كتاباته على الدوام الدفاع عن العقيدة الصحيحة وتقديم حقائق الإيمان بوضوح، ولكن يظهر في أعماله أيضًا “الراعي الصالح” الذي يعتني بالضالين.
ولد القديس إيريناوس في سميرنا بآسيا الصغرى بين سنة ١٣٠ وسنة ١٤٠ بعد المسيح من عائلة مسيحية من أصول يونانيّة. وتتلمذ لأسقفها القديس بوليكاربوس، وتسلم منه التقليد اليوحناوي، لأن بوليكاربوس كان تلميذاً للقديس يوحنا اللاهوتي الإنجيلي. حوالي سنة ١٧٠ ترك آسيا الصغرى وذهب إلى فرنسا لكي يعلن الإنجيل لتلك الشعوب. بعد الموت المأساوي للأسقف بوتينوس في السجن عام ١٧٧، تم استدعاء إيريناوس ليخلفه على رأس مدينة ليون، ومنذ ذلك الحين كرس نفسه بالكامل للخدمة الراعوية التي انتهت في عام ٢٠٢ عندما استشهد في مذبحة مسيحيي ليون تحت حكم الإمبراطور سيبتيموس سيفيروس. دُفِن في كنيسة القديس يوحنا التي سميت فيما بعد على اسمه كنيسة القديس إيريناوس.
كذلك وخلال اللقاء ووافق الحبر الأعظم على مراسيم صادرة عن مجمع دعاوى القديسين حول الاعتراف بالفضائل البطولية لثلاثة خدام لله وهم المطران فرانشيسكو سافيريو توبي، الأخت ماريا تريزا دي فيشينتيه والأخت غابرييلا بورغارينو.
المطران فرانشيسكو سافيريو توبي
ولد المطران فرانشيسكو سافيريو توبي، من رهبنة الإخوة الأصاغر الكبوشيين، ورئيس أساقفة بومباي، في بروشيانو (نابولي) في ٢٦ حزيران يونيو عام ١٩٢٥، في عائلة من الفلاحين. دخل الإكليريكية الكبوشية الفرنسيسكانية في سورينتو في سن الحادية عشرة وسيم كاهنًا في ٢٩ حزيران يونيو ١٩٤٨. نال بعد ذلك على شهادة الدكتوراه في التاريخ الكنسي من جامعة الغريغوريانا الحبريّة. من عام ١٩٥٩ إلى عام ١٩٦٨ كان رئيسًا إقليميًا لمقاطعة نابولي، وفي عام ١٩٧١ رئيسًا إقليميًّا لمقاطعة باليرمو، وبعد خمس سنوات تم انتخابه رئيسًا عامًا للرهبانية. بعد أن أنهى مهمته في روما، في عام ١٩٨٢، عاد إلى نابولي وعاش مع إخوته بكل بساطة. في ١٣ تشرين الأول أكتوبر عام ١٩٩٠ تم تعيينه رئيس أساقفة بومباي ومندوبًا بابويًّا للمزار المريمي. في عام ٢٠٠٠، ولدى بلوغه السن القانونية قدم استقالته التي قبلها القديس يوحنا بولس الثاني في عام ٢٠٠١. بعد ٣ سنوات انتقل إلى دار العجزة التابع للرهبان الكبوشيين، في نولا، حيث توفي في ٢ نيسان أبريل عام ٢٠٠٧. كان المطران توبي رجلاً محبًا للمسيح، ومتجرِّدًا عن الاهتمامات الشخصية، ولا يهتم إلا بخير المؤمنين وخلاص النفوس. كان يزور المرضى بانتظام، وكان يحرم نفسه أيضًا من القليل الذي كان يملكه لكي يعطيه للمحتاجين. كانت ثقته في الرب ثابتة، حتى في أصعب اللحظات. ترافقت حياته مع ظواهر صوفية وعاش “الليل المظلم”، اختبار روحيّ عذّبه لعدة سنوات. وقد دعمته في الحفاظ على هذا التوازن الإنساني والروحي الذي لطالما ميز خدمته، صداقته مع شخصيات ذات قداسة حياة مميّزة مثل أخيه القديس بيو، أو ذات حياة روحيّة عميقة كخادمة الله كيارا لوبيتش، إذ كان ينتمي إلى حركة الفوكولاري التي أسستها.
الأخت ماريا تيريزا دي فينشينتيه
الأخت ماريا تيريزا دي فينشينتيه، من مواليد رافاييلا، وهي مؤسِّسَة راهبات العاملات الصغيرات للقلبين الأقدسين. ولد في ١ من أيار مايو عام ١٨٧٢ في أكري (كوزنسا) في عائلة من الطبقة المتوسطة. تعرّفت على الطوباوي فرانشيسكو ماريا غريكو، كاهن رعيّة أكري، وكرّست نفسها للأطفال المتروكين والمرضى. ومع مرور السنين واصلت تعاونها معه من خلال المشاركة في عام ١٨٩٢ في تأسيس إتحاد العاملات الصغيرات للقلبين الأقدسين. انضمت ماريا تيريزا إلى الرهبنة الثالثة للقديس دومينيك، ولكن في عام ١٨٩٨، انتقلت مع بعض رفيقاتها إلى منزل صغير، لتبدأ حياة مشتركة تقوم على الحفاظ على القانون الذي كتبه الطوباوي فرانشيسكو ماريا غريكو. في ١٧ شباط فبراير عام ١٩٠٢، نالت الرهبانية الجديدة، التي يتراوح مجال عملها من التعليم إلى دور المسنين المتروكين، إلى المستشفيات والمدارس، الموافقة الأبرشية. في عام ١٩٣١، أصبحت رئيسة عامة حتى وفاتها في أكري في ٢٣ تشرين الثاني نوفمبر عام ١٩٣٦. طوال حياتها، غذت ماريا تيريزا إيمانها بالصلاة وكانت تتمنى أن تكون قادرة على إعلان الإيمان حتى الاستشهاد. عاشت آلام بالاستسلام إلى الله بثقة غير محدودة وسعت لقبول مشيئة الله في كل شيء. كانت محبة القريب، التي عاشتها بتواضع واهتمام، هي العلامة المرئية لمسيرتها نحو الله.
الأخت غابرييلا بورغارينو
أما خادمة الله الثالثة فهي الأخت غابرييلا بورغارينو، من جمعية بنات المحبة. ولدت في عائلة ذات ظروف اقتصادية متواضعة في ٢ أيلول سبتمبر عام ١٨٨٠ في بوفيس، وبدأت العمل في سن العاشرة. في عام ١٨٩٩ تمَّ قبولها في جمعيّة بنات المحبة في مستشفى فوسانو وفي عام ١٩٠٢ ارتدت الثوب الرهباني وتم إرسالها أولاً إلى بيت الرحمة في أرجيرا ومن ثم إلى لوغانو، حيث اعتنت بخدمة المطبخ. في هذه الفترة عاشت بعض التجارب الصوفية. في عام ١٩١٩، تم نقلها إلى جماعة غرولياسكو ومن ثم إلى لوسيرنا في تورينو. هنا، بين عامي ١٩٣٦ و١٩٣٧، ظهر لها يسوع وألهما الصلاة القصيرة: “أيتها العناية الإلهية لقلب يسوع، اعتني بنا”، والتي انتشرت في جميع أنحاء العالم. ماتت غابرييلا في لوسيرنا في الأول من كانون الثاني (يناير) عام ١٩٤٩. نجد في محور روحانيّتها قلب يسوع والإيمان المطلق بالعناية الإلهية التي كانت مقتنعة بأنها هي التي تقود تاريخ البشر أجمعين. خلال فترة انتشار الإنفلونزا الإسبانية كرَّست غابرييلا نفسها لمساعدة المصابين. وفي الرهبانية كانت تقوم دائمًا بالمهام المتواضعة الموكلة إليها بابتسامة، وقبلت وثبات المرض الذي أدى إلى وفاتها. انتشرت شهرة قداستها حتى يومنا هذا بفضل جماعات الصلاة التي تُذكرنا بها وبروحانيتها.