نورسات الاردن
ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي القداس الإلهي الأحد الثلاثين من كانون الثاني يناير في كنيسة الصرح البطريركي في بكركي، وألقى عظة قال فيها: فلنجدّد إيماننا بالعناية الإلهية، ونوكل إليها واقعنا المر، راجين منها أن تنتشلنا منه
في عظته مترئسا قداس الأحد، قال البطريرك مار بشارة بطرس الراعي “يسعدنا أن نحتفل معًا بهذه الليتورجيا الإلهية، مع المركز الماروني للتوثيق والأبحاث في بداية نشاطه للعام 2022. نحيي رئيسه سيادة أخينا المطران سمير مظلوم، الذي نهنئه بيوبيله الأسقفي الفضي، راجين له العمر الطويل والصحة والنجاح. ونحيي فيه مجلس الأمناء الساهر على عمل المركز والداعم له، والمجلس العلمي الذي يعدّ الدراسات المتخصصة من مثل مئوية إعلان دولة لبنان الكبير، واللجان الخمس المتخصصة: الاستراتيجية والسياسية والقانونية والاقتصادية والتربوية، وموظفي المركز. إننا نشكرهم جميعًا على ما يقدمون من أبحاث ودراسات علمية، توضع في تصرف البطريركية والرأي العام. كما نشكرهم على الجهود والتضحيات التي يبذلونها مجانًا. لأجلهم جميعًا، وكل الذين واكبوا هذا المركز منذ تأسيسه سنة 2006، بعطاءاتهم المتنوعة، نقدم هذه الذبيحة المقدسة على نيتهم ونية المركز، سائلين الله أن يكافئهم بفيض من نعمه وبركاته”.
ونقلا عن الموقع الإلكتروني للبطريركية المارونية، قال غبطته “يا ليت رجال السياسة والمسؤولين عندنا يحسنون الحوار الحر والمتجرد والواضح مع الرغبة في الوصول إلى الحقيقة الموضوعية التي تجمع وتوحّد، وتشفي لبنان من أزمته السياسية، أساس كل أزماته الاقتصادية والمالية والاجتماعية والمعيشية والأمنية. لكننا نأمل أن تفرز الانتخابات النيابية المقبلة في ايار نوابًا أحرارًا متحلّين بروح الحوار ومؤمنين به. لذا يجب على اللبنانيين جميعًا المشاركة فيها. فهي استحقاق ديمقراطي لتعزيز النظام، ولممارسة حق الشعب في التعبير عن رأيه وفي المساءلة والمحاسبة. وهي هذه المرة مناسبة لاختيار وجهة لبنان المقبلة. فالمجلس النيابي المنتخب هو من سينتخب رئيس الجمهورية الجديد، ومن سيشرّع الإصلاحات، ومن سيشارك في حوار وطني ينعقد بعد انبثاق السلطة الجديدة برعاية دولية. ونظرًا لأهمية هذا الاستحقاق النيابي، يجب علينا جميعًا أن نواجه محاولات الالتفاف عليه، وأن نعالج معًا بروح ميثاقية ووطنية أي طارئ يُمكن أن يؤثّر عليه وعلى الأمل بالتغيير وعلى انتظام اتفاق الطائف. وهذا مطلوب بنوع أخص من القوى المناضلة، الرافضة للأمر الواقع والهيمنة والانحياز والإساءة إلى الدول الشقيقة والصديقة، والمطالبة بتنفيذ القرارات الدولية”.
هذا وأشار البطريرك الراعي في عظته إلى أن “انكفاء الرئيس سعد الحريري، رجل الاعتدال، فاجأنا وأثار قلقًا واحتجاجًا لدى شريحة وطنية هي شريكة أساسية في الشراكة الوطنية. وإذ نتمنى أن يكون قراره ظرفيًا، نودّ أن تبقى الطائفة السنية الكريمة على حماسها للانتخابات وعلى تماسكها، وأن تشارك بجميع قواها الوطنية وشخصياتها ونخبها، لكي تأتي الانتخابات معبّرة عن موقف جميع اللبنانيين. ومن غير المسموح بأن يتذرّع البعض بالواقع المستجد ويروّج لإرجاء الانتخابات النيابية”. وتابع غبطته قائلا: “من واجب الدولة اتخاذ القرارات الجريئة والصحيحة، والتجاوب فعليًّا مع كل مسعى حميد لانتشال البلاد من الانهيار ووضعها على مسار الإنقاذ الحقيقي. لا يحق للمسؤولين فيها تحت ألف ذريعة وذريعة أن يرفضوا الأيادي الممدودة لمساعدتها، وأن يحجبوا الحقائق ويموّهوا الوقائع ويغطّوا تعددية السلاح ويبرّروا التجاوزات والممارسات، ويتنصّلوا من إعطاء أجوبة على المواضيع الأساسية. ولأن الدولة اللبنانية عاجزة اليوم عن الاتفاق على موقف موحّد حيال ما يُقدَّم إليها من اقتراحات ومبادرات، اقترحنا مؤتمرًا دوليًا برعاية الأمم المتحدة يضع آلية تنفيذية للقرارات الدولية، بحيث لا يظل تنفيذ جميع مندرجاتِ هذه القرارات على عاتق الدولة اللبنانية المنقسمة والضعيفة. فالذين أصدروا هذه القرارات في الأمم المتحدة ومجلس الأمن، معنيّون أيضًا بمصيرها والسهر على تنفيذها، وهم الأعلم بواقع لبنان وهشاشة أمنه وسلمه وتركيبته”.
ومن ناحية أخرى، قال البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في عظته مترئسا قداس الأحد “عوض أن تفرض الحكومة ضرائب ورسومًا جديدة مرتفعة على المواطنين، حريّ بها أن تضبط حدودها البرية والجوية والبحرية لتزيد وارداتها المالية. وعوض أن تستورد الطاقة بأسعار باهظة، حريّ بها أن تبني معامل إنتاج ووقف السرقات. من أين لهذا الشعب المسكين أن يدفع ضرائب؟ وأمواله قيد الاحتجاز في المصارف؟ عائلاته تعيش على الحد الأدنى، وهو من دون كهرباء، 60% من شبابه عاطلون عن العمل ويهاجرون، 30% من طلّابه يغادرون مقاعد الدراسة بسبب ضيق الموارد، ومرضاه لا يجدون الدواء ولا يحظون بالاستشفاء، ولا حتى بالدفء في هذه الأيام الباردة والمثلجة. الحل هو إجراء الإصلاحات المناسبة مع الواقع اللبناني، خصوصا الالتزام بسياسة وطنية حيادية”.