نورسات الاردن
بقلم: بقلم: نادين بيطار- أبو سحلية/ مكتب التعليم المسيحي
١من الذي آمن بما سمع منا ولمن كشفت ذراع الرب؟
٢فإنه نبت كفرع أمامه وكأصل من أرض قاحلة لا صورة له ولا بهاء فننظر إليه ولا منظر فنشتهيه.
٣مزدرى ومتروك من الناس رجل أوجاع وعارف بالألم ومثل من يستر الوجه عنه مزدرى فلم نعبأ به.
مع بداية نبوءته بالمسيح الخادم المتألم كما وصفه أشعيا النبي، يطرح أشعيا احدى المشاكل الأساسية التي كانت ولا تزال تواجه الكنيسة. “من الذي آمن بما سمع؟” سؤال لا تزال الكنيسة تطرحه في رعاياها وتحاول ان تجد الإجابة. جاء السيد المسيح برسالة خاصة ملؤها محبة الله ونعمه اللامتناهية، تواضع الاله ليوصل هذه الرسالة التي ستجدد علاقة الانسان مع الخالق. ولكن كم من الأشخاص آمنوا بهذه الرسالة؟ بالرغم من الرفض الذي تعرض له يسوع الا انه لم يفقد يوماً أهمية الرسالة التي كان يحملها. واظب على الوعظ من خلال عدة طرق. لم يكن ينتظر حشوداً ليسمعوا تعاليمه انما كان يعلم جميع الأشخاص الذين يقصدونه. رسالة يسوع كانت لجميع الناس من دون استثناء، كشف الله عن نفسه للبشرية جمعاء من خلال الخادم المتألم الذي حمل رسالته حتى الموت.
لم يبدأ يسوع حياته العلانية وخدمته كما يتوقع المرء لشخص مُرسَل من السماء. لقد وصفه أشعيا على أنه نبتة رقيقة من أرض جافة. فمن الممكن ان رفض الناس لرسالة يسوع كانت نتيجة الطريقة التي اختارها ليظهر الى العالم. “فانه نبت كفرع امامه، وكأصل من ارض قاحلة” ماذا يفعل المرء حينما يسير في ارضٍ قاحلة؟ بالرغم من وجود اغضان ونباتات فإننا نخطو عليها ونسحقها دون أن نعترف بوجودها. فصورة المسيح التي انعكست على الناس كانت اقل من توقعاتهم، بالنسبة لهم، كان يسوع النجار الجليلي، الذي يعيش في بلدة صغير بعيدة عن عظمة المدينة، يبدو وكأنه نبات ضعيف، ينمو في أرض قاحلة، ويفتقر تمامًا إلى البهاء والجمال اللذين كانوا يتوقعون أن يجدوهما في المخلص. أراد الرب الاله أن يعلمنا بأن اعلان كلمة الله لا تتعلق بملامح الوجه أو بالمظهر الجيد انما بالثقة بأهمية رسالتنا، وهنا تكمن أهمية رسالة يسوع، فهو لم يكن مجرد نبتة ضعيفة في ارضٍ قاحلة انما كان الغصن المشير الى بداية الحياة.
لم يكن رفض الناس ليسوع رفضاً لرسالته فقط بل هو نفسه الذي رُفض. تم رفضه اجتماعيًا من قبل أولئك الذين كان ينبغي أن يتعلموا منه. أولئك الذين كانوا ينتظرون مجيء المسيح المخلص، كانوا اول من انتقصوا ولادته، وأنقصوا من اهمية تعاليمه، وشككوا بسلطانه. (فقال له نتنائيل: “أمن الناصرة يمكن أن يخرج شي صالح؟”) (يوحنا ١: ٤٦). من هذه النبوءة يمكننا ان نتخيل حياة يسوع الاجتماعية، بحسب أشعيا النبي فان حياته لم تكن حياة سهلة. فقد كان رجلاً متروك وحزين. وحتى بعد ان إعلان البشارة وقارب الى إتمام مخطط الله لخلاص البشرية نجد بأن أقرب الاشخاص إليه تركوه وحيداً. فأعظم قصة حب حصلت والمحبوب بعيد عن الحبيب. وهنا يمكننا أن نعود للآية الأولى “من الذي آمن بما سمع منا”. علينا ان نتعلم بان لا ننخدع بالحشود التي كانت تتجمع حول يسوع فأولئك كانوا اول من تخلى عنه لأنهم لم يفهموا رسالتهم، ولم يسمحوا لمحبة الله ونعمته بان ترافق حياتهم.
فلنكن على يقين بان ابن الانسان جاء ليكون ذاك الخادم الذي رفضته خاصته وأصبح مزدرى ومتروك ولكنه بالرغم من هذا كله اتم مشيئة الله لحياته على الأرض وأعلن البشارة لجميع الناس. لذا فلنتذكر عندما يرفض الناس رسالة الإنجيل التي نعلنها، فهذا لا يعني الاستسلام وايقاف اعلان الرسالة. فنحن سفراء المسيح وعلينا إعلان كلمة الله بغض النظر عن كيفية استجابة الناس لها، سواء تم استقبال الكلمة بحرارة أو الاستهزاء بها