نورسات الاردن : بقلم: نادين بيطار- أبو سحلية/ مكتب التعليم المسيحي
٤لقد حمل هو آلامنا وآحتمل أوجاعنا فحسبناه مصابا مضروبا من الله ومذللا. ٥طعن بسبب معاصينا وسحق بسبب آثامنا نزل به العقاب من أجل سلامنا وبجرحه شفينا. ٦كلنا ضللنا كالغنم كل واحد مال إلى طريقه فألقى الرب عليه إثم كلنا.
بعد ان أخبرنا اشعيا النبي عن الرفض الاجتماعي الذي سيتعرض له المسيح، والذي تحقق في حياة يسوع العلانية، فهو الان يعلن من اجل من احتمل يسوع كل هذه الإهانات والرفض. يحول اشعيا مسار النص في اتجاهنا. حمل آلامنا نحن، واحتمل اوجاعنا نحن، طُعن بسبب معاصينا نحن، سُحق بسبب آثامنا نحن، ومن اجلنا نحن ألقى الرب عليه اثمنا، وأهمها اننا نحن من شفينا بجراحه.
يوضح لنا اشعيا بان ذاك الخادم المتألم لم يعاني من أجل خطيئته بل من اجل خطيئة الآخرين. والانجيلي متى يؤكد إتمام يسوع لهذه النبوءة ” أتوه بكثير من الممسوسين، فطرد الأرواح بكلمة منه، وشفى جميع المرضى، ليتم ما قيل على لسان النبي أشعيا: ‘هو الذي أخذ أسقامنا وحمل أمراضنا ‘.”متى ٨: ١٦- ١٧.
قوة شفاء السيد المسيح لا تزال ظاهرة الى يومنا هذا من خلال الروح القدس. النقطة الأعظم في الآية الرابعة هي ان المسيح وحده من حمل آلامنا واستحمل اوجاعنا. تختفي كل آلامنا وأحزاننا بالطريقة التي حمل بها اوجاعنا على الصليب. حمل الحزن والألم والمرض وحتى الخطيئة فلا عجب ان يصفه اشعيا بان الشعب سيراه “مصابا مضروبا من الله ومذللا”. لقد ضربه الله بالفعل وأحملهُ اقصى أنواع العذابات، لكن ذلك لم يكن بسبب خطيئته بل بسبب خطيئتنا.
فمنذ ولادته لم يكن لدى يسوع خطيئة أو خطأ، بولادته من العذراء مريم لم تنتقل له الخطيئة. واستناداً الى عقيدة الحبل بلا دنس فنحن نعلن بإيمان بان الخطيئة الموروثة لم تصل ليسوع لذا فإنه عانى الآلام حتى موت الصليب من اجل خطايا لم يرتكبها. فهو كان بريئاً باراً ونحن من ارتكبنا خطايا لا تحصى ولكن بالرغم من هذا كله إلا انه هو الذي سيفتدينا. وهنا نصل الى الحب الأعظم الذي أشار اليه يسوع في انجيل يوحنا: “ليس لأحد حب أعظم من أن يبذل نفسه في سبيل أحبائه” ١٥: ١٣. هنا تظهر محبة الله الحقيقية.
لم يحمل السيد المسيح خطايانا ليتعاطف معنا، بل انه تحمل الإساءة والذل والموت لكي نحيا مخلصين ومقدسين. “وهو الذي حمل خطايانا في جسده على الخشبة لكي نموت عن خطايانا فنحيا للبر. وهو الذي بجراحه شفيتم.” ١ بطرس ٢: ٢٤. احتمل يسوع عقوبة خطايانا ودفع ثمنها بموته.
تألم لنرتاح، جرح لنشفى، اعتقل لنتحرر، مات لنحيا، وبالمحبة انتصر على الخطيئة، هذه هي الرسالة الحقيقية للإنجيل. أخلص يسوع لإتمام مشيئة الآب لتولد المحبة في حياتنا. بآلام الخادم وصلت نعمة المحبة إلى حياتنا والآن علينا أن نحيا بالمحبة مع الآخرين.
يعود اشعيا ويذكرنا بأن الانسان يسعى دائماً للتمرد على الله والاتكال على ذاته.
يظهر لنا اشعيا صورة واضحة لحياتنا الفعلية، “كلنا ضللنا كالغنم كل واحد مال إلى طريقه “. إن البشرية جمعاء متمردة، في بعض الأحيان نتعمد عدم الاستجابة لصوت الله في حياتنا، مما يدخلنا في دوامة الخطيئة من جديد.
حمل يسوع “الخادم المتألم” آلامنا وخطايانا ليفتدينا بموته على الصليب ولكن هنا نسأل، هل نحن مستحقين ما فعله يسوع؟ هل نعترف بخطايانا لنعود الى الطريق التي رسمها الله لنا؟
“فألقى الرب عليه إثم كلنا”، أراد الله ان تتحسن علاقة الانسان معه بالرغم من تمردنا عليه.
حمل يسوع خطايانا طوعاً، هذه هي الوسيلة التي استخدمها الله لإظهار محبته للعالم اجمع. عانى يسوع اشد الآلام حتى وصل الى الصليب، يبدو كما أن الله كان يعاقبه كالخاطئين لكن في الحقيقة مات يسوع ليتمم مشيئة أبيه.
مات يسوع لكي تولد محبة الله في حياة كل انسان.
في هذا الزمن المقدس علينا أولاً أن نعترف بخطايانا لكي نستحق محبة الله في قيامة يسوع المجيدة.
هذه هي أعظم قصة حب لن تنتهي أبدًا.