نورسات الاردن
أختتمت في العاصمة السورية دمشق، الخميس 17 آذار 2022، أعمال مؤتمر “الكنيسة بيت للمحبة، مسيرة مشتركة” بالصلاة والقداس الاحتفالي الذي ترأسه بطريرك الروم الملكيين الكاثوليك يوسف العبسي، في كاتدرائية الروم الملكيين الكاثوليك (سيدة النياح)، بمشاركة أصحاب الغبطة والنيافة والسيادة والآباء الكهنة والاخوات الراهبات، وجمع غفير من المؤمنين.
وكانت أعمال المؤتمر قد انطلقت صبيحة يوم الثلاثاء ١٥ آذار ٢٠٢٢، في أوتيل Ebla قصر المؤتمرات، على مدى ثلاثة أيام بعنوان “الكنيسة بيت للمحبة – مسيرة مشتركة”، بدعوة من مجلس رؤساء الكنائس الكاثوليكية في سوريا بالتعاون مع السفارة البابوية في سورية ومجمع الكنائس الشرقية وهيئة رواكو لمساعدة الكنائس الشرقية، بهدف تنسيق آلية عمل الكنيسة الاجتماعيّ في تقديم المساعدات الإنسانيّة للشعب في سورية. برئاسة بطريرك الروم الملكيين الكاثوليك يوسف العبسي الكلي الغبطة. وأصحاب الغبطة والنيافة، عميد مجمع الكنائس الشرقية في روما الكاردينال ليوناردو ساندري، وبطريرك السريان الأنطاكي يوسف الثالث يونان، وبطريرك العراق للكلدان الكاردينال لويس روفائيل ساكو، والسفير البابوي في سوريا الكاردينال ماريو زيناري.
شارك في المؤتمر أكثر من ٢٥٠موفدًا، يمثلون الأبرشيات الكنيسة الكاثوليكية ال ١٧ في سوريا من مطارنة وعلمانيين، وممثلين عن جميع الرهبانيات في سوريا البالغ عددها ٣٦، والجمعيات الكاثوليكية ال ٢٣، والجمعيات والمؤسسات الخيرية، والمؤسسات الإغاثية في Roaco، وإدارة المستشفيات الكاثوليكية الأربع في سوريا، ومندوبين عن المنظمات الكاثوليكية، ومنظمات الامم المتحدة، والاتحاد الاوروبي، وكاريتاس سورية، وممثلين عن كاريتاس لوكسمبورغ ، والنمسا، وإيطاليا، وأميركا، وسويسرا، والمانيا، وكاريتاس الدولية، ورابطة كاريتاس لبنان التي تمثلث بشخص رئيسها الأب ميشال عبود والمدير التنفيذي السيد جيلبير زوين وأمين المال السيد نديم نادر والمنسقة الإعلامية ماغي مخلوف.
وجه قداسة البابا فرنسيس رسالة الى المؤتمرين في افتتاح المؤتمر تلاها المطران انطوان اودو أمين سر المؤتمر جاء فيها : “….. نحن كلنا أعضاء في جسد المسيح الذي هو الكنيسة. على الرغم من إننا أعضاء من كنائس وتقاليد مختلفة، نحن لدينا الدعوة نفسها في أن نشهد للرب يسوع من خلال إعلان الانجيل والمحبة و”نسير معا” بروح الشركة واحترامنا للتنوع….. أغتنم هذه الفرصة لأتوجه الى مختلف ممثلي الجمعيات والمنظمات غير الحكومية الناشطة في سوريا، إن مبادراتكم هي علامة محسوسة على محبة الكنيسة والتي يغذيها الانجيل.
أما كلمات أصحاب الغبطة بطاركة الشرق الكاثوليك، فقد تمحورت حول كيفية التعبير عن محبة الله للناس أجمعين ولا سيما الشعب السوري من خلال عمل الكنيسة الاجتماعي والانساني بأفعال مادية حسية .
الكاردينال ليوناردو ساندري، عميد مجمع الكنائس الشرقية في روما تحدّث عن الحلم بمسيرة سينودوسية للكنيسة الكاثوليكية في سوريا بمشاركة المكرّسين والعلمانيين.
أما السفير البابوي في سوريا الكاردينال زيناري، فقد شدد في الدعوة على “السير معاً” لنحمل فينا قلباً شفوقاً متضامناً مع آلام الآخرين ….
على مدى ثلاثة ايام تحدث كل من مطارنة الأبرشيات السبعة عشرة، وممثلو الجمعيات والمنظمات والإرساليات، عن عمل الكنيسة الاجتماعيّ والانسانيّ منذ اندلاع الحرب في سوريا، وعن التحديات في مواجهة التطوّر الكارثي للوضع الإقتصادي في البلد، وهجرة المسيحيين وبخاصة الشباب منهم التي تتزايد يوما بعد يوم، وكيفية التعاون والتنسيق في ما بينهم .
تخلل المؤتمر محاضرات، أهمها الحديث الذي ألقاه نيافة الكاردينال ليوناردو ساندري عميد مجمع الكنائس الشرقية، بعنوان ” المتطلبات الإدارية في عمل الكنيسة الاجتماعي”. والمحاضرة التي ألقاها سيادة المطران جيوفاني بيترو دال توزو، بعنوان “خدمة المحبة الكنسية: جوانب لاهوتية ورعوية”. كما انعقدت عدة جلسات حوارية، وشهادات، ومشاركات ومناقشات حول العمل الإنساني، وعرض لأعمال وأنشطة المنظمات الرسمية السورية، (وزارة الإدارة المحلية، ممثلة بالسيدة سونيا عفيصة. والهلال الأحمر السوري، ممثلا برئيسه السيد خالد حبوباتي). وأنشطة المنظمات غير الحكومية، والدولية (منظمات الأمم المتحدة يمثلها السيد عمران ريزا. والاتحاد الأوروبي يمثله السيد لويجي باندولفي)، والمؤسسات الكنسية الإغاثية.
مثّل الأبرشيّة في هذا المؤتمر، صاحب السيادة المطران جورج خوام، متربوليت أبرشية اللاذقية وطرطوس وتوابعهما للروم الملكيين الكاثوليك، والأب وليد اسكندافي النائب الأسقفي العام، مدير المركز الإغاثي الكاثوليكي في مرمريتا، والسيد وسيم فركوح، منسق الأعمال الإغاثية في المركز، والسيد بشار بيطار.
وفي ختام اليوم الثالث ، صدر عن المؤتمرين سلسلة توصيات هي:
- العمل على التنشئة وتهيئة الكوادر
- التركيز على مشاريع تنموية وتعليمية في مجالات : الصحة، التعليم، الغذاء، السكن، الأيتام والارامل، المسنون وذوي الدخل المحدود.
- تعزيز كرامة الشخص البشري وحريته.
- التركيز على شريحة الشباب وبقائهم في بلدهم.
كما اتفق المشاركون على وضع آلية للعمل حُدّدت بالنقاط التالية:
- إنشاء لجان مشتركة تعطي مساحة للوطن.
- تعزيز التشاركية والمواطنة والسير معاً.
- لقاءات دورية
- تنسيق متواصل بين الجمعيات واللّجان الخيرية الوطنية والمنظمات الرّسمية والمدنية والمنظمات الدولية.
ونظرًا لأهميّة هذا المؤتمر، الذي هو الأول من نوعه في سورية، إلتقى السيد الرئيس بشار الأسد الجزيل الاحترام، قبل ظهر يوم السبت ٣/١٩ ولمدة أكثر من ساعتين، ممثلي الجمعيات والمؤسسات الإنسانية والاجتماعية والتنموية المشاركين في المؤتمر.
واعتبر سيادته في حواره مع المشاركين أنَّ الجانب العقائدي هو جانبٌ هامٌّ جداً، إلاَّ أنَّ الجانب المعيشي اليومي يوازيه أهميةً، وبالتالي فإنَّ هذه المبادرة الكنسية والمجتمعية التي حملَها المؤتمر أعطت عدة رسائل أبرزها أنَّ دور البُنى الدينية والاجتماعية في سورية من جمعيات ومؤسسات لم ينحصر فقط بالجانب الديني، وإنّما قامت بواجبٍ اجتماعي، ودورٍ تنموي لأنها قدمت مساعداتٍ ومساهماتٍ دون تمييز، مشيراً إلى أنَّ المواطن المسيحي في سورية ليس ضيفاً، ولا مواطناً عابراً وإنّما هو شريك، وعنوان هذه الشراكة هو العمل والإنتاج.
كما اعتبر الرئيس الأسد أنَّ جوهر الأعمال التنموية هو المحافظة على التوازن الاجتماعي، مؤكداً على أهمية فرصة الحوار والتفكير الجماعي التي وفرها هذا المؤتمر، ووضع آلياتٍ لمتابعة كلّ الأفكار والطروحات التي تمَّت مناقشتها على الأرض بما ينعكس خيراً على أوسع نطاق في سورية.
وأكَّد سيادته أنَّ تهجير المسيحيين هدفٌ أساسيٌ من أهداف المخططات الخارجية للمنطقة، لكنه بشكلٍ أساسي هدفٌ إسرائيلي، لأنَّه عندما تنقسم دول المنطقة إلى دويلاتٍ طائفيةٍ مختلفةٍ كلّ واحدةٍ لها لون، فتصبح إسرائيل جزءاً من النسيج الطبيعي، لذلك فإنَّ المحافظة على نسيج المنطقة وهويتها المتنوعة هي ضرورةٌ يجب أن ندافع عنها.
ثم استمع سيادته إلى مداخلات من بعض المشاركين، وأجاب على العديد من الأسئلة والهواجس التي عبر عنها المشاركون، والتي تمحورت حول الأوضاع الحرجة التي نمر بها، والضغوط المعيشية التي تعاني منها شريحة كبيرة من أبناء سورية.
في الختام، نشكر أعضاء اللجنة المنظمة لهذا المؤتمر برئاسة صاحب السيادة المطران أنطوان أودو الجزيل الاحترام، على كل الجهود التي بذلوها، في الثلاثة الأشهر الماضية، للتحضير لهذا المؤتمر. كما نشكر سيادة الرئيس بشار الأسد الجزيل الاحترام على حضوره ودعمه لأعمال هذا المؤتمر وتوجيهاته الرشيدة. ونتمنى كل التوفيق للجنة المتابعة المنبثقة عن هذا المؤتمر، لوضع سلسلة التوصيات التي صدرت في نهاية هذا المؤتمر موضع التطبيق، لتفعيل العمل الإغاثي والتنموي في جميع أرجاء سورية الحبيبة.