“أنا هنا لأقول لكم إنّي قريب منكم… أنا هنا لأرى وجوهكم، ولأنظر في عيونكم” هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في كلمته في لقائه مع المهاجرين في مالطا
عصر الأحد وفي إطار زيارته الرسوليّة إلى مالطا زار قداسة البابا فرنسيس مركز المهاجرين الذي يحمل اسم القديس يوحنا الثالث والعشرون، أو “Peace Lab” أي مختبر السلام، داخل مركز الهجرة المالطي المعروف باسم هال فار. أسسه الأب الفرنسيسكاني ديونيسوس مينتوف في عام ١٩٧١، وتديره اليوم منظمة من المتطوعين من بينهم ليفينغستون اليد اليمنى للأب مينتوف، وهو طالب من كينيا. يقدم المركز، الذي يستقبل حوالي خمسين مهاجراً ومعظمهم من الصومال وإريتريا والسودان، عملاً تربويًّا رائعًا للمهاجرين في مجال حقوق الإنسان والعدالة بالإضافة إلى المساعدة الطبية؛ ويستقبل طالبي اللجوء ويعتني بتعزيز التضامن والقيم المسيحية بشكل عام.
وصل البابا فرنسيس إلى المركز عند حوالي الساعة الخامسة والعشر دقائق حيث كان باستقباله مدير رعوية المهاجرين ومدير المركز وتوجّهوا جميعًا إلى المنصّة التي أُعدت في باحة المركز حيث اجتمع حوالي ٢٠٠ مهاجر، وبعد أن أصغى الأب الأقدس إلى شهادتي حياة لضيفين من ضيوف المركز وجه الحبر الأعظم كلمة قال فيها كما قلت منذ بضعة أشهر في لسبوس، “أنا هنا لأقول لكم إنّي قريب منكم… أنا هنا لأرى وجوهكم، ولأنظر في عيونكم”. منذ اليوم الذي ذهبت فيه إلى لامبيدوزا، لم أَنسَكم قط. بل أحملكم دائمًا في قلبي، وأنتم دائمًا حاضرون في صلواتي.
تابع البابا مشيرًا إلى أن قصص هؤلاء المهاجرين تجعله يفكر بقصص الآلاف والآلاف من الأشخاص، أُجبروا في الأيام الأخيرة على الهرب من أوكرانيا بسبب الحرب. وأيضًا بقصَص رجالٍ ونساءٍ كثيرين، أُجبروا على ترك بيوتهم وأرضهم في آسيا وأفريقيا والأمريكتين، بحثًا عن مكان آمن. وقال أفكر في مراكز الاستقبال: كم هو مهم أنّ تكون هذه الأماكن مليئة بالإنسانيّة! مشيرًا إلى العوامل العديدة التي تسبّب التّوتر والتّأزم. ومع ذلك، في كلّ قارة، هناك أشخاص وجماعات تقبل التحدي، وتدرك أنّ واقع الهجرة هو علامة الأزمنة التي تكون فيها الحضارة على المحك. وبالنسبة لنا نحن المسيحيّين، تكون على المحك أيضًا الأمانة لإنجيل يسوع، الذي قال لنا “كُنتُ غَريباً فآويتُموني”.
أضاف الحبر الأعظم يقول اسمحوا لي، أيّها الإخوة والأخوات، أن أعبّر عن حلمي، بأن تتمكّنوا أنتم المهاجرون، بعد أن اختبرتم استقبالاً غنيًا بالإنسانية والأخوّة، من أن تصبحوا شهود ومُحرِّكي استقبال وأخوّة. هنا وحيث يشاء الله، وحيث ستقود العناية الإلهية خطواتكم. هذا هو الحلم الذي أرغب في أن أتقاسمه معكم والذي أضعه بين يدي الله. لأن ما هو مستحيل بالنسبة لنا ليس مستحيلًا لدى الله. أعتقد أنّه من المهم جدًا في عالم اليوم أن يصبح المهاجرون شهودًا للقيَم الإنسانيّة الأساسيّة لحياة كريمة وأخويّة. إنّها قيَم تحملونها في داخلكم وتنتمي إلى جذوركم. وما إن يلتئم جرح الإنسلاخ والاقتلاع من جذوركم، يمكنكم أن تُظهروا هذا الغنى الذي تحملونه في داخلكم، إرث إنسانية ثمين، وتتقاسموه مع الجماعات التي استقبلتكم، وفي كلّ بيئة تعيشون فيها. هذا هو الدرب! درب الأخوّة والصّداقة الاجتماعيّة.
وخلص البابا فرنسيس مشيرًا إلى أنه سيضيء شمعةً أمام صورة العذراء مريم وقال في التّقليد المسيحيّ، هذه الشّعلة الصّغيرة هي رمز للإيمان بالله. وهي أيضًا رمز للرّجاء، رجاء تعضده مريم العذراء أمّنا، في اللحظات الصعبة. إنه الرّجاء الذي رأيته اليوم في عيونكم، والذي أعطى معنًى لرحلتكم ويجعلكم تسيرون قدمًا.
وبعد اللقاء توجّه البابا فرنسيس إلى مطار مالطا الدولي حيث كان باستقباله رئيس جمهورية مالطا السيّد جورج ويليام فيلا وبعد أن أُقيمت مراسم الوداع الرسمية قبل أن يغادر إلى عائدًا إلى روما، مُختتمًا هكذا هذه الزيارة الرسوليّة السادسة الثلاثين التي حملته إلى مالطا على خطى القديس بولس وتحت شعار الاستقبال والضيافة؛ كعلامة ملموسة لنا لعيش الوصيّة الكبرى، وصيّة المحبّة. لأن عبادة لله تمرُّ من خلال القرب الأخوي، لأنَّ الاستقبال المتبادل باسم المسيح هو تحدٍّ دائم بالنسبة لعلاقاتنا الكنسيّة، لأنّ رسالتنا ستؤتي ثمرها إذا عملنا في صداقة وشركة أخويّة. زيارة طُبعت بالأفعال الأربعة التي يشير إليها البابا فرنسيس الاستقبال والحماية والتعزيز والإدماج لكي يعانق الذين يهربون من الحروب والاضطهادات والعنف أو يبحثون عن مستقبل أفضل، زيارة تدعو العالم بأسره إلى المقاسمة والمسؤوليّة وتتمحور حول إعلان الإنجيل لكي نعطي دليل ما نحن عليه من الرجاء الذي ي