البطريرك الماروني: بانتظار يوم الانتخاب في لبنان، ندعو المواطنين جميعا إلى الإقبال الكثيف على الاقتراع لأنه لحظة التغيير
ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي القداس الإلهي يوم الأحد الثامن من أيار مايو في كنيسة الصرح البطريركي في بكركي، وألقى عظة بعنوان “عند الفجر وقف يسوع على الشاطئ، والتلاميذ لم يعلموا أنه يسوع” (يو 21/ 4).
في عظته مترئسا قداس الأحد، قال البطريرك مار بشارة بطرس الراعي “يسوع القائم من الموت هو في حضور دائم في الكنيسة، وفي حياة كل واحد وواحدة منا، وكل انسان، وبخاصة عندما نمر في أوضاع صعبة. يحضر ليساعد ويوجه، ونحن علينا أن نعمل بما يقوله ويوحيه لنا. هكذا فعل مع التلاميذ بعد ليلة صيد فاشلة. ” فوقف على الشاطئ عند الفجر وقال لهم: “أُلقوا الشباك إلى يمين السفينة تجدوا”(يو 21/ 6)، فكان الصيد العجيب. لم يعلموا أنه يسوع، ومع هذا أطاعوه، لأن صوته وقع في قلوبهم. يسوع يخاطب القلب من دون أن نراه. لذا يجب استحضاره في كل ظرف صعب. فهو هنا، رفيق درب كل إنسان وجماعة مؤمنة”. وأضاف غبطته “أحيّيكم جميعًا ونحن نحتفل معًا بهذه الليتورجيا الإلهية، فنجدد إيماننا بربنا يسوع الحاضر فيها: ذبيحة تكفير دائمة عن خطايانا، ومائدة سرية نتناول فيها كلمة الحياة وجسده ودمه للحياة الجديدة. إننا نذكر بصلاتنا قداسة البابا فرنسيس راجين له الشفاء التام”.
هذا وأشار البطريرك الراعي في عظته إلى أن “كنيسة لبنان تفرح وتشكر الله على الطوباويين الجديدين اللذين يتم الاحتفال بتطويبهما بعد ظهر السبت في الرابع من حزيران المقبل الساعة السادسة والنصف مساء في باحة مؤسسة دير الصليب – جل الديب، وهما المكرّمان الأب توما صالح والأب ليونار عويس من رهبنة الإخوة الأصاغر الكبوشيين، وكلاهما مارونيان من بلدة بعبدات – المتن وقد استشهدا أثناء الإبادة والحرب الكونية الأولى: الأب ليونار استشهد سنة 1915، والأب توما سنة 1917. إنّ الآباء الكبوشيين يعتبرون الدعوة مفتوحة للمشاركة بكثافة في احتفال التطويب، شكرًا لله على هاتين النعمتين لكنيسة لبنان، وتكريمًا للطوباويين الجديدين. نسأل الله أن يقبل تشفعهما من أجل وطننا وشعبنا لينهض من أزماته السياسية والاقتصادية والمالية والاجتماعية، ويستعيد رسالته الخاصة في محيطه العربي”.
وتطرق البطريرك الماروني إلى الانتخابات النيابية في بلدان الانتشار، وقال “نثمّن دور الحكومة والوزراء المعنيين وأركان السفارات والبعثات الدبلوماسية على حسن إدارة هذه العملية. لقد رأينا اللبنانيات واللبنانيين يتوجهون إلى مراكز الاقتراع، ومعالم القهر والغضب والأمل بادية على وجوههم وفي تصاريحهم. كانوا مقهورين لأنهم اضطروا إلى مغادرة لبنان تاركين بيوتهم وعائلاتهم. وكانوا غاضبين على الذين تسببوا بهجرتهم القسرية لاسيما في السنوات الثلاث الأخيرة. وكانوا متأملين بأن تساهم مشاركتهم الكثيفة في الاقتراع في التغيير السياسي فينحسر هذا الليل الدامس وتتحسن الأوضاع ويعودون إلى لبنان. وقد لاحظنا أنهم بغالبيتهم في عمر الشباب وفي عز العطاء، فهل تعي الجماعة السياسية أي لبنانيين هجّرت ومدى الأذى الذي ألـحقته خياراتها وأداؤها وفسادها بأجيال لبنان ومستقبل هذه الأمّة العظيمة؟ “
وأضاف غبطته يقول “بانتظار يوم الانتخاب في لبنان، ندعو المواطنين جميعًا إلى الإقبال الكثيف على الاقتراع لأنه لحظة التغيير وإلا “لات ساعة مَنْدم”. من الانتخابات النزيهة تبدأ الديمقراطية الصحيحة، ومن كثافة الاقتراع الواعي والحر تستمد الانتخابات شرعيـتها الشعبية مع شرعيتها الدستورية. أن ينتخب المواطنات والمواطنون هو أن يوكلوا وطنهم ودولتهم ومصيرهم إلى من يختارون من بين النساء والرجال المرشحين. إنها لـمسؤولية جسيمة تستدعي التأني والمقارنة والتقييم ثم الاختيار. لا تجري الانتخابات لاختبار مدى احترام تداول السلطة فقط، بل لاختبار مدى حيوية المجتمع اللبناني في ممارسة الفعل الديمقراطي، ومدى حماسته للتغيير السياسي. فلا يأمل شعب أن يحظى بحوكمة رشيدة إذا كان اختياره لممثليه سيئًا”. “إن معيار الاختيار الانتخابي اليوم هو الوقوف أمام الأهوال والمآسي والكوارث، والشهداء والضحايا والمصابين والدمار، بعد تفجير مرفأ بيروت، والانهيار الاقتصادي والمالي، وحالة الجوع والفقر والعوز والتهجير وفقدان الغذاء والدواء، وتعطيل المؤسسات وضرب القضاء والهيمنة على الدولة وقرارها الوطني، وترك الحدود سائبة لكل أنواع التهريب دخولًا وخروجًا. آن الأوان أن تستيقظ أيها الشعب اللبناني. إن عملية إنقاذ لبنان الديمقراطي ممكنة، بل حتمية إذا انبثق حكم وطني جديد بعد الانتخابات النيابية، قادر على مصالحة الشعب مع دولته ومصالحة الدولة مع العالم”. “تتواصل إلينا يوميًا صرخة مودعي الأموال في المصارف، وهم في ضائقة حادة للعيش والاستشفاء، وتحويل المال لأولادهم طلّاب الجامعات في الخارج. ويعانون من حجب النقد الأجنبي، والتقنين المتزايد للسحوبات بالليرة اللبنانية، وعدم تزويد ماكينات السحب الآلي بالأموال الكافية، وتعقيد الدفع ببطاقات الائتمان، وعدم التعامل بالشيكات فيُضطر الناس إلى بيعها إلى الصيارفة بأقل من قيمتها وهي شيكات غالبًا ما تكون لتغطية الأجور الشهرية وتعويضات التقاعد وغيرها”.
وختم البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي عظته مترئسا قداس الأحد قائلا “ومع كل ذلك، نعود فنكل حالتنا إلى أمّنا مريم العذراء، سيدة لبنان، طالبين شفاعة حنانها لإخراج وطننا وشعبنا من محنه وصعابه. ومعها نرفع نشيد المجد والتسبيح الدائم للآب والإبن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين