الأب أردورا: شارل دي فوكو هو “شفيع الأشخاص الذين يبدؤون من جديد”
تميزت حياة شارل دي فوكو بارتدادٍ مذهل في سن السابعة والعشرين، طبع بداية تحول داخلي عميق للضابط مُنْغَمِسٌ في المَلَذّات. يشرح لنا الأب برنارد أردورا، طالب دعوى قداسته، كيف يمكن لهذا القديس الجديد أن يكون نموذجًا ومثالاً للكاثوليك اليوم.
اعتبارًا من الخامس عشر من أيار ، سيتمكن الجميع من أن يرفعوا الصلاة إلى شارل دي فوكو كقديس، الذي طوبه البابا بندكتس السادس عشر في الثالث عشر من تشرين الثاني نوفمبر عام ٢٠٠٥. وللمناسبة أجرى موقع فاتيكان نيوز مقابلة مع الأب برنارد أردورا رئيس المجلس البابوي للعلوم التاريخية وطالب دعوى تقديس الأب شارل دي فوكو، سلّط فيها الضوء على أهمية الرسالة الروحية لمن كتب “نحن نعمل الخير، ليس بمقياس ما نقوله وما نفعله، وإنما في مقياس ما نحن عليه”.
في جواب على سؤال حول ما أثّر فيه خلال متابعته لدعوى قداسة الأب شارل دي فوكو قال الأب أردورا إنَّ ما يلفت للنظر بشكل خاص هو ما يسميه شارل دي فوكو ارتداده. في الواقع، إنه ليس ارتدادًا بالمعنى الذي نفهم به الارتداد عادةً، لأنه كان مُعمَّدًا. إنه ارتداد بالمعنى الذي يصفه القديس إغناطيوس دي لويولا. بالنسبة له، شكّل هذا الارتداد بداية جديدة. عند بلوغه سن المراهقة، لم يعد شارل دي فوكو يجد نفسه في تعابير إيمان طفولته. لهذا السبب، عندما كان في السابعة والعشرين من عمره، كتب “عشت اثني عشر عامًا دون أن أؤمن بأي شيء ودون أن أؤمن بأحد”. ثم اكتشف في كنيسة القديس أوغسطينوس، في باريس، إله رحمة ومغفرة، أعاد له معنى وجوده، وأعاد له كرامته. ومنذ تلك اللحظة، أدرك شارل دي فوكو أن إله الحب هذا هو الشخص الذي ستنتمي إليه حياته كلها. أعتقد أن هذا كان عنصرًا مهمًا في حياة شارل دي فوكو. يمكنني أن أقول إنه شفيع الأشخاص الذين يبدؤون من جديد، أولئك الذين تخلوا تدريجياً عن ممارسة الشعائر الدينية، وأحياناً حتى إعلان الإيمان الصريح، والذين أعادوا اكتشاف ذلك ذات يوم. من ثمَّ هناك جانب آخر يبدو مهمًا جدًا بالنسبة لي. لقد ذكّرنا البابا بندكتس السادس عشر بأن الإيمان المسيحي لا يُنقل بالاقتناص وإنما بالجذب والجاذبية. لقد كان شارل دي فوكو مرسلاً، مرسلٌ بدون أن يعظ لأنه لم يكن لديه مؤمنين. مرسل عكس صلاح الله من خلال طريقة عيشه وتصرفاته مع الذين كان يلتقي بهم. لقد كانت حياته كلها قبولٌ منفتح للجميع.
تابع الأب أردورا مجيبًا على سؤال حول الرابط الروحي بين شارل دي فوكو والبابا فرنسيس وقال عندما قلت لأول مرة للبابا فرنسيس بمناسبة تبادل التهاني مع الكوريا الرومانيّة بمناسبة عيد الميلاد: “أعتقد أن لدينا معجزة لتقديس شارل دي فوكو”، قال لي “إعمل إذًا، هذا أمر مهمّ أريد أن أُعلن قداسته”؛ ثم أرسلت إلى البابا النسخة الإيطالية من المجلد الذي كتبه بيار سوريسو، سيرة شارل دي فوكو، وأراد البابا فرنسيس أن يقدّمه إلى المسؤولين في الكوريا الرومانيّة في عيد الميلاد التالي. لا يجب أن ننسى أيضًا أن البابا فرنسيس كان قد أنتهى من كتابة الرسالة العامة Fratelli tutti، عندما أضاف عددًا يتحدث فيه بوضوح عن شارل دي فوكو “الأخ العالمي”.
وخلص الأب برنارد أردورا حديثه لموقع فاتيكان نيوز مجيبًا على سؤال حول النصيحة التي يعطيها للذين لا يعرفون شارل دي فوكو لكي يتقرّبوا منه وقال أوصي بقراءة هذا العمل الجميل لبيار سوريسو، الذي نُشر في عام ٢٠١٦ تحت عنوان “شارل دي فوكو، ١٨٥٨ – ١٩١٦، سيرة ذاتية” والذي يمكننا فيه أن نتبعه بسهولة لندرك أنه لم يولد قديساً، بل أصبح واحداً، من خلال سماحه لنعمة الله بأن تعمل فيه وتعاونه بسخاء مع هذه النعمة التي حوّلته، وجعلت من هذا الجندي غير المنضبط، الذي لم يكن لديه ما يكفي من المال لكي يُشبع جميع أهواءه، رجل أخلى ذاته وبذلها بالكامل وسط أفقر الفقراء ، في الصحراء الكبرى تاركًا علامة قويّة جدًّا، علامة الأخوّة