في الفترة الواقعة بين 9 إلى 14 أيار 2022، استقبلت الأرض المقدسة نيافة الكاردينال فرناندو فلوني، الرئيس الأعلى لجمعية فرسان القبر المقدّس منذ عام 2019. اغتنمنا الفرصة في مقابلة صحفية مع نيافته من أجل التعرف عليه وعلى طبيعة عمله، فهو الدعم الأول والأساسي للبطريركية اللاتينية في القدس.
ولد الكاردينال فيلوني في 15 نيسان 1946 في ماندوريا بإيطاليا. رُسم كاهنًا في 3 تموز 1970 وتخرج في القانون الكنسي والفلسفة والعلوم وتقنيات الرأي العام. انضم إلى الدبلوماسية الفاتيكانية، وفي عام 1981، قام بأول مهمة لمدة ثلاث سنوات في سريلانكا قبل أن يشغل مناصب مختلفة، لا سيما في إيران (1983-1985)، في وزارة الخارجية في روما، في البرازيل، ثم في الفلبين.
سيم أسقفًا في 19 آذار 2002 على يد البابا يوحنا بولس الثاني، ثم عُين سفيرًا رسوليًا في العراق والأردن – وهو المنصب الذي شغله خلال بداية حرب العراق (2003-2011). كان الممثل الدبلوماسي الوحيد المقيم في بغداد. تم تعيينه في الفلبين عام 2006، واستدعاه البابا بندكتوس السادس عشر إلى روما لتولي مناصب مختلفة في الكوريا. عيّنه البابا فرنسيس كاردينالاً في 26 حزيران 2018.
عيّنه البابا فرنسيس الرئيس الأعلى لجمعية فرسان القبر المقدّس في 8 كانون الأول 2019.
ماذا يمكنك أن تخبرنا عن المهام التي تقوم بها بكونك الرئيس الأعلى لجمعية فرسان القبر المقدس؟ ما هي صلاتك بالبطريركية اللاتينية؟
تم إعادة تأسيس جمعية القبر المقدس من قبل البابا بيوس التاسع منذ ما يزيد عن 170 عامًا؛ وتهدف إلى دعم البطريركية اللاتينية في القدس ومسيحيي الأرض المقدسة. إنها جمعية تشجع المسيحيين من جميع أنحاء العالم لرعاية كنيستنا الأم، لا سيما من خلال التبرعات المالية. في البداية كان يرأسها البابا نفسه؛ وفي عهد البابا بيوس الثاني عشر، عهد إلى الكرادلة تولي هذا المنصب، بسبب انضمام العديد من الأعضاء للجمعية.
تُدار الجمعية من قبل أعضاء علمانيين، من رجال ونساء متطوعين للخدمة، لديهم عائلاتهم وأعمالهم وحياتهم المجتمعية الخاصة. وبصفتي الرئيس الأعلى للجمعية، أقوم بالمهمة الروحية لأعضاء الجمعية والتي أسعى إلى إحيائها من خلال غرس روحانية عميقة متأصلة في الإنجيل؛ لأنه بدون هذه الروحانية، ستكون الجمعية جسداً يخلو من الروح.
هلا تحدثنا عن خبرتك في البعثات الدبلوماسية وخاصة في العراق وغيرها؟
خبرة غنية وفريدة. بداية أوضح أننا كإكليروس يعملون في هذا المجال لسنا كغيرنا من الدبلوماسيين العلمانيين الذين يعملون لمصالح بلدانهم. مهمتنا الأولى هي دعم الكنائس المحلية. بالطبع، نحن نعمل أيضًا على الحفاظ على علاقات السلام والتفاهم مع الأديان الأخرى، ومع الدول والمنظمات الموجودة في البلدان التي إرسالنا إليها؛ لكن مهمتنا الأولى والأكثر أهمية هي تقديم المساعدة للكنائس في تلك البلدان، وأن نكون جزءًا لا يتجزأ من حياة الناس الذين نعيش معهم. يجب علينا احترام ثقافتهم وواقعهم، وطرق عيشهم وتنظيمهم، وقواعدهم وحكوماتهم، حتى لو وجدنا صعوبة في فهمها.
عندما كنت في العراق، خلال حرب عام 2003، شكرني الناس على بقائي معهم، ومشاركتهم معاناتهم وآلمهم، دون الحكم على الوضع أو انتقاد الوضع أو إدارة البلاد. ومن خلال عملي كممثل للكرسي الرسولي، كانوا يشكرون الكنيسة الكاثوليكية بأكملها. بفضل هذه التجربة، فهمت بشكل أفضل أهمية الخدمة والاستماع إلى الآخرين.
أما عن بعثاتي الدبلوماسية الأخرى، فإني سأتحدث لكم عن بعثتي إلى الصين (حيث قضيت أكثر من ثماني سنوات، بعد عهد دنغ شياو بينغ)، تمكنت خلالها من اكتشاف إيمان وكرم بلا حدود زُرعت في جداني حملتها لنفسي ولبلدي.
كعضو في المجلس البابوي للحوار بين الأديان منذ عام 2012، ماذا يمكنك أن تخبرنا عن أهمية هذا الموضوع اليوم؟
الحوار بين الأديان، في رأيي، هو فعل يخلوا من الأحكام، والسعي لمعرفة وفهم الآخر. إذا سعينا لدراسة التاريخ والصعاب والآلام التي مررنا بها جميعاً، مسيحيون ومسلمون ويهود وكل الجماعات الأخرى، من دون أحكام، فنحن قادرين على بناء مستقبل لهذا الحوار، ولكن إن بدأنا بإصدار الأحكام المتبدلة، فإن الحوار سيكون عقيماً.
يجب أن يكون هذا الانفتاح متبادلاً، بين الجميع وللجميع، وإلا فلن يكون الحوار ممكنا. توقيت الله يختلف عن توقيتنا! لذا، فمن خلال التحلي بالصبر والتفهم سنتمكن من الوصول إلى قلب الآخر.
يسعدنا أن نرحب بكم لأول مرة في الأرض المقدسة منذ تعيينكم كرئيس أعلى لجمعية فرسان القبر المقدّس. هل تنوون زيارتنا بشكل منتظم، خاصة بأن تقييدات وباء كورونا قد تقلصت أكثر فأكثر؟
التواصل مع الأرض المقدسة أمر مهم، كما هي الحال مع الجمعية. كما وأن الحج إلى الأرض المقدسة جزء لا يتجزأ من مهمتنا… لذلك، إن شاء الله، أتمنى أن أتمكن من زيارتكم بشكل أكبر!
نقلا عن إعلام البطريركية اللاتينية