البابا يقبل أوراق اعتماد أربعة سفراء جدد لدى الكرسي الرسولي
“لا يجب أن نفقد الرجاء أبدًا في الجهود التي يتمُّ بذلها من أجل بناء عالم تسوده الأخوة والتفاهم المتبادل ويتم فيه حل الخلافات بوسائل سلمية” هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في كلمته للسفراء الجدد لدى الكرسي الرسولي
قبل قداسة البابا فرنسيس صباح الخيس في قاعة كليمينتينا في القصر الرسولي بالفاتيكان أوراق اعتماد سفراء جدد لدى الكرسي الرسولي يمثلون أربعة بلدان وهي باكستان والإمارات العربية المتّحدة، بوروندي وقطر ووجه إليهم كلمة ضمنها تحياته لدولهم وحكامها وشعوبها والسلطات المدنية والروحية وقال حتى وإن لم يكُن هناك وقت مثالي، فأنتم بالتأكيد تبدؤون مهمتكم الجديدة في وقت مليء بالتحديات. في المرة الأخيرة التي قابلت فيها زملائكم في كانون الثاني يناير، كانت العائلة البشرية قد بدأت تتنفس الصعداء، إذ كنا نتحرر ببطء وإنما بثبات من قبضة الوباء. وبدا أننا قد نعود أخيرًا إلى نوع من الحياة الطبيعية، آخذين بعين الاعتبار الدروس التي تعلمناها على مدار العامين الماضيين. بعد ذلك، حلّت سحابة الحرب المظلمة على أوروبا الشرقية، ثم غطت العالم بأسره بشكل مباشر أو غير مباشر. بعد أن اختبرنا الآثار المدمرة لحربين عالميتين وتهديدات نووية خلال الحرب الباردة، بالإضافة إلى الاحترام المتزايد لدور القانون الدولي وإنشاء منظمات سياسية واقتصادية متعددة الجنسيات تركز على تماسك المجتمع العالمي، اعتقد معظم الأشخاص أن الحرب في أوروبا قد أصبحت ذكرى بعيدة.
تابع البابا فرنسيس يقول ومع ذلك، كما رأينا في ذروة الوباء، حتى في مأساة بهذا الحجم يمكن أن يظهر أفضل ما في البشرية. ربما أكثر من أي وقت مضى، هزت أشكال التواصل الحديثة ضمائرنا من خلال تقديم صور قوية وفي بعض الأحيان مروعة للمعاناة والموت. هذه الصور عينها قد ألهمت أيضًا شعورًا بالتضامن والأخوَّة، دفع العديد من البلدان والأفراد إلى تقديم المساعدة الإنسانية. أفكر بشكل خاص في تلك البلدان التي تستقبل لاجئي الصراع بغض النظر عن التكاليف. لقد رأينا العائلات تفتح بيوتها لأفراد عائلات أخرى وللأصدقاء وحتى للأشخاص الذين لا يعرفونهم. في الوقت عينه، لا يجب أن ننسى أن هناك العديد من النزاعات الأخرى التي تدور حول العالم والتي لا تحظى باهتمام كبير أو لا تحظى بأي اهتمام، لاسيما من قبل وسائل الإعلام. نحن عائلة بشرية واحدة ودرجة السخط الذي نعبِّر عنه والدعم الإنساني الذي نقدِّمه والإحساس بالأخوة الذي نشعر به تجاه الذين يتألَّمون، جميع هذه الأمور لا يجب أن تستند إلى الجغرافيا أو المصلحة الشخصية. لأنه إذا كان لكل شخص كرامة غير قابلة للتصرف، وإذا كان كل إنسان هو أخي أو أختي، وإذا كان العالم ملكًا للجميع حقًا، فلا يهم ما إذا كان أحدهم قد ولد هنا أو إذا كان يعيش خارج حدود بلده. وهذا الأمر لا ينطبق فقط على الحروب والنزاعات العنيفة، وإنما أيضًا على حالات الظلم الأخرى التي تعاني منها العائلة البشرية: تغير المناخ، والفقر، والجوع، ونقص المياه النظيفة، والحصول على عمل مُحترم وتعليم ملائم، على سبيل المثال لا الحصر.
أضاف الأب الأقدس يقول إنَّ الكرسي الرسولي يواصل العمل من خلال قنوات عديدة من أجل تعزيز حلول سلمية في حالات الصراع وتخفيف الآلام التي تسببها المشاكل الاجتماعية الأخرى. وهو يقوم بذلك انطلاقًا من قناعته بأن المشاكل التي تطال العائلة البشرية بأسرها تتطلب جوابًا موحدًا من قبل المجتمع الدولي، يقوم فيها كل عضو بدوره. أيها السفراء الأعزاء، أنتم لديكم دور متميز في هذا الصدد. أنتم تعلمون جيدًا أن الحرب هي على الدوام هزيمة للبشرية وتتعارض مع الخدمة المهمة التي تقومون بها في محاولة بناء ثقافة اللقاء من خلال الحوار وتشجيع التفاهم المتبادل بين الشعوب، فضلاً عن التمسك بالمبادئ النبيلة للقانون الدولي. إنها ليست أبدًا خدمة سهلة، ولكن ربما تساعدنا حالات عدم المساواة والظلم التي نشهدها في عالم اليوم على تقدير عملكم بشكل أكبر. على الرغم من التحديات والنكسات، لا يجب أن نفقد الرجاء أبدًا في الجهود التي يتمُّ بذلها من أجل بناء عالم تسوده الأخوة والتفاهم المتبادل ويتم فيه حل الخلافات بوسائل سلمية.
وختم البابا فرنسيس كلمته بالقول أيها السفراء الأعزاء، في بداية مهمتكم الجديدة، أتوّجه إليكم بأطيب تمنياتي وأؤكد لكم أن مكاتب الكرسي الرسولي تحت تصرفكم لمواجهة القضايا ذات الاهتمام المشترك. أستمطر بحرارة البركات الإلهية للحكمة والسلام عليكم، وعلى عائلاتكم، ومعاونيكم الدبلوماسيين والموظفين.