إن شجرة التين التي هاجرت كانت فيها ذكريات حلب.
جاءَ المستشرق الإنكليزي “إدوار بوكوك – Edward Pococke” إلى حلب عام 1630، وبقيَ فيها خمس سنوات، تعلّم خلالها اللغة العربية.
جاء إلى حلب كقسيس في القنصلية الانكليزية وأُغرِم بحلب، وكيف لا يُغرم بها .. بأمسياتها .. بهوائها .. بِناسها .. بكل حجارتها؟
حتى هنا والأمر طبيعي.
لكنه عندما عاد إلى جامعته في مدينته أوكسفورد بإنجلترا نَقلَ معه أغرب ما يتخيّله إنسان.
نَقل معه شجرة “تين” وغَرسها في حديقة جامعة أوكسفورد. وظلّ يتفيأ ظِلالها إلى آخر أيام حياته، وقد ظلّت هذه الشجرة أقدم شجرة من نوعها في انكلترا.
منذ قرون هاجرت شجرة التين الحلبية، كما يهاجر اليوم الكثير من أبناء حلب.
هي أمْتَعَت الناس الذين ارتاحوا تحتها وبظلّها، هل أنتم أيها المهاجرون ستكونون مثلها؟
تاريخ طويل للحلبيين في المهجر.
تاريخ من العطاء.
تاريخ من النشاط والحضور الفعلي في المجتمعات الجديدة.
حَمَلوا بضائعهم على أكتافهم – منذ زمنٍ بعيدٍ – وساروا بها لمسافاتٍ طويلة في أراضي أميركا اللاتينية.
باعوا واشتروا وتاجروا ولكنهم نقلوا إلى كل العالم “النكهة الحلبية”.
تحت شجرة “التين” شَعَر المستشرق بهذه النكهة.
عندما زَرَع المستشرق هذه الشجرة في حديقة جامعة أوكسفورد .. لم يزرع شجرةً فقط بل زرع “النكهة الحلبية”.
لن أطيل ولن أستجرّ قلمي وأحزاني ..
بما أنكم ستُزرعون في بلادٍ غير سورية ومدينة غير “حلب” كونوا مثل “شجرة التين” تنشرون الظلّ والراحة والأمان وأنشروا العَبق والرائحة الذكية.
يقول الإنجيل “كونوا كاملين كما أنّ أباكم السّماويّ هو كامل”
…
وكونوا رائعين كما أن مدينتكم “حلب” رائعة.
اللهم اشهد اني بلغت