بطريركية الروم الأرثوذكس في القدس تحتفل بأحد السامرية

إحتفلت بطريركية الروم الأرثوذكس في القدس يوم الأحد الموافق 22 أيار 2022 (يعادله 9 أيار شرقي) بأحد السامرية حسب كتاب الخمسين.


في هذا اليوم تقيم الكنيسة تذكار المرأة السامرية  (يو 4, 5-42), التي جاءت من السامرة من بلدة سيخار لتستقي الماء من بئر يعقوب والتقت بالرب يسوع المسيح الذي تحدث معها وقال لها “إنه المسيح” وأن “اَللهُ رُوحٌ. وَالَّذِينَ يَسْجُدُونَ لَهُ فَبِالرُّوحِ وَالْحَقِّ يَنْبَغِي أَنْ يَسْجُدُوا”. فآمنت بأنه المسيح بعد أن أخبرها بالأشياء التي فعلتها في حياتها ،«فَآمَنَ بِهِ مِنْ تِلْكَ الْمَدِينَةِ كَثِيرُونَ مِنَ السَّامِرِيِّينَ بِسَبَبِ كَلاَمِ الْمَرْأَةِ الَّتِي كَانَتْ تَشْهَدُ أَنَّهُ: «قَالَ لِي كُلَّ مَا فَعَلْتُ», وأخيراً عانت من الاستشهاد مع أفراد عائلتها.
تكريمًا للقديسة فوتيني السامرية، قبل خمسة وعشرين عامًا، بنى الأرشمندريت يوستينوس مامالوس كنيسة رائعة في مكان بئر يعقوب، جنبًا إلى جنب مع كنيسة صغيرة مكرسة للقديس للشهيد فيلومينوس أخويّ القبر المقدس الذي استشهد في البئر.
ترأس خدمة القداس الإلهي صاحب الغبطة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث يشاركه سيادة متروبوليت الناصرة كيريوس كيرياكوس، سيادة رئيس أساقفة قسطنطيني كيريوس أريسترخوس، سيادة رئيس أساقفة بيلا كيريوس فيلومينوس وآباء من أخوية القبر المقدس بحضور عدد كبير من المصلين من السامرة، بيت لحم، بيت ساحور وبيت جالا، وحجاج من الخارج.
بعد القداس الإلهي، أقيمت الدورة حول الكنيسة مع ترانيم الفصح ثم حفل استقبال في قاعة الدير
عند الظهيرة ،أعدّ قدس الأرشمندريت يوستينوس الرئيس الروحي لدير بئر يعقوب وباني الكنيسة ومُجددها وجبة طعام على شرف غبطة البطريرك والحضور حيث قدّم لغبطته صليبًا جميلًا، على غرار الصليب الذي وُضِع على القبر المقدس بعد تجديده في عام 2017 ، ليتم إستخدامه في الدورة التقليدية حسب طقوس كنيسة أورشليم.
كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة أوروشليم كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة أحد السامرية في مدينة نابلس


يهتف مرنم الكنيسة قائلاً:” يَا يَنْبُوع الْعَجَائِب لَقَدْ حَضَرْت إلَى الْبِئْرِ فِي السَّاعَةِ السَّادِسَةِ لتقتنص ثَمَرَة حوّا لِأَنَّ هَذِهِ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ عَيْنِهَا أُخرِجَت مِنْ الْفِرْدَوْسِ بغواية الْأَرْقَم حينئذٍ وَافَت السامرية لتستقي ماءً فَلَمَّا أبصَرْتها أَيُّهَا الْمُخْلِص، قُلتَ لَهَا أَعْطِينِي ماءً لأَشْرَب وَأَنَا فأفعمك مِنْ الْمَاءِ الَّذِي لَا يَفْرُغُ، فَأَسْرَعَت تِلْك الْعَفِيفَة إلَى الْمَدِينَةِ وَأَخْبَرَت الْجُمُوع قَائِلُةً هلمّ فَانْظُرُوا الْمَسِيح الرَّبّ مُخَلِّص نُفُوسِنَا .
. أيها الإخوة المحبوبون في المسيح
أيها المسيحيون والزوار الأتقياء
إن نعمة المرأة السامرية قد جمعتنا اليوم في هذا المكان والموضع المقدس عند بئر يعقوب رئيس الآباء حيث التقى المسيح معها وذلك لكي نعيد فصحياً لأعماله العجائبية العظيمة على الأرض من أجلنا نحن البشر حتى نعرف حقيقته المحيية.
فَجَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنَ السَّامِرَةِ لِتَسْتَقِيَ مَاءً، فَقَالَ لَهَا يَسُوعُ: أَعْطِينِي لأَشْرَبَ …أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهاَ: «كُلُّ مَنْ يَشْرَبُ مِنْ هذَا الْمَاءِ يَعْطَشُ أَيْضًا.وَلكِنْ مَنْ يَشْرَبُ مِنَ الْمَاءِ الَّذِي أُعْطِيهِ أَنَا فَلَنْ يَعْطَشَ إِلَى الأَبَدِ، بَلِ الْمَاءُ الَّذِي أُعْطِيهِ يَصِيرُ فِيهِ يَنْبُوعَ مَاءٍ يَنْبَعُ إِلَى حَيَاةٍ أَبَدِيَّةٍ قَالَتْ لَهُ الْمَرْأَةُ: «يَا سَيِّدُ أَعْطِنِي هذَا الْمَاءَ، لِكَيْ لاَ أَعْطَشَ وَلاَ آتِيَ إِلَى هُنَا لأَسْتَقِيَ. (يو 4: 7-15).
وعند لقاء ابن الله وكلمته مع المرأة السامرية وحديثه معها قد انكشفت محبة المسيح المخلص التي لا تحصى للبشر الَّذِي يُرِيدُ أَنَّ جَمِيعَ النَّاسِ يَخْلُصُونَ، وَإِلَى مَعْرِفَةِ الْحَقِّ يُقْبِلُونَ. (1تيم 2: 4) والتي كشف الرب أنه هو نبع الحياة الأبدية قائلاً للمرأة السامرية مَنْ يَشْرَبُ مِنَ الْمَاءِ الَّذِي أُعْطِيهِ أَنَا يَصِيرُ فِيهِ يَنْبُوعَ مَاءٍ يَنْبَعُ إِلَى حَيَاةٍ أَبَدِيَّةٍ. (يو 4: 14).
ويفسر القديس كيرلس الإسكندري أقوال الرب التي سبق ذكرها قائلاً: يجب أن نعرف أيضاً أن المخلص يسمي نعمة الروح القدس بالماء الذي إن نال أحدٌ هذه النعمة صار مساهماً فيها فإنه يأخذ عطية التعليم الإلهي متدفقاً في داخله حتى أنه لا يصبح بحاجة إلى أن يعلمه آخرون.
وبكلام آخر أيها الإخوة الأحبة إن نعمة الروح القدس المنيرة لا تُشرق وتظهر فقط للنفوس الجاهلة جهلاً مطبقاً بل تشرق وتظهر لأولئك الذين لديهم إيماناً وهم أكثر استعداداً ورغبةً لتعلم الأسرار الأكثر.
ولأن المرأة السامرية قد أظهرت غيرة حارة لكي تتعلم عقائد وحقائق الرب وأيضاً لتعرف طريقة عبادة الله المستقيمة فقد كشف لها الله شيئين، أولاً: بأن الله هو روحٌ وَالَّذِينَ يَسْجُدُونَ لَهُ فَبِالرُّوحِ وَالْحَقِّ يَنْبَغِي أَنْ يَسْجُدُوا (يوحنا 4: 24). وثانياً: بأن المسيح هو المسيا كما يشهد الإنجيلي يوحنا قائلاً: قَالَتْ لَهُ الْمَرْأَةُ: «أَنَا أَعْلَمُ أَنَّ مَسِيَّا، الَّذِي يُقَالُ لَهُ الْمَسِيحُ، يَأْتِي. فَمَتَى جَاءَ ذَاكَ يُخْبِرُنَا بِكُلِّ شَيْءٍ ».قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «أَنَا الَّذِي أُكَلِّمُكِ هُوَ. (يوحنا 4: 25-62)
ومن الجدير بالذكر أنه بعدما أعلن الرب للمرأة السامرية تَرَكَتِ الْمَرْأَةُ جَرَّتَهَا وَمَضَتْ إِلَى الْمَدِينَةِ وَقَالَتْ لِلنَّاسِ: هَلُمُّوا انْظُرُوا إِنْسَانًا قَالَ لِي كُلَّ مَا فَعَلْتُ. أَلَعَلَّ هذَا هُوَ الْمَسِيحُ؟ (يوحنا 4: 28-29).
ويفسر ثيوفيلاكتوس عمل المرأة السامرية هذا أن السامرية أعدت بسرعة ماء المسيح لينبوع يعقوب وأما كيرلس الإسكندري فيقول: تلك التي كانت منذ يومين أو ثلاثةً زوجة لكثيرين بدت الآن وقد ارتفعت بنفسها فوق اهتمامات الجسد. والتي كانت من السهل أن تأسرها اللذات الباطلة، فها هي تعلو الآن فوق الجسد واحتياجاته الضرورية وتهمل حتى العطش والشرب ويعادُ تشكيلها إلى حالة محبة المسيح الجديدة.لهذا فإن المرنم يقول يا رب لقد منحتَ مياه معرفة قدرتك للسامرية الملتمسة لذلك لم تعطش إلى الأبد مسبحةً عِزَتُكَ
عدا عن هذا فإن الرب هو الذي يقول عنه الكتاب مَنْ آمَنَ بِي، كَمَا قَالَ الْكِتَابُ، تَجْرِي مِنْ بَطْنِهِ أَنْهَارُ مَاءٍ حَيٍّ (يوحنا 7: 38) وهذا قَالَه المسيح بحسب شهادة الإنجيلي يوحنا عَنِ الرُّوحِ الَّذِي كَانَ الْمُؤْمِنُونَ بِهِ مُزْمِعِينَ أَنْ يَقْبَلُوهُ.
لقد أصبحت المرأة السامرية إناءً لهذا الروح القدس أي روح المسيا الذي هو المسيح وقد دُعيت فيما بعد باسم فوتيني وأصبحت كارزةً ورسولةً لإنجيل المسيح خاتمةً خدمتها الرسولية بدماء شهادتها على عهد الإمبراطور الروماني نيرون كما يقول كاتب سنكسارها.
وإذ نحن أيها الإخوة الأحبة مكرمين ومعيدين لتذكار القديسة العظيمة في الشهداء والمعادلة الرسل فوتيني المرأة السامرية، فنحن مدعوون اليوم لكي نقتدي ونتمثل ببساطة إيمانها بالله وبمخلصنا يسوع المسيح. قائلين هذا لأن المرأة السامرية قد أعدت من ماء الأرض حكمة الله العلوية أي المشاركة في ألوهة المخلص كما يقول ناظم تسابيح والدة الإله وأم الله: ” أيها الكلمة الغير الملحوظ بجوهرك المبدع الكل لقد ظهرت للبشر إنساناً من النقية والدة الإله واستدعيت البشر إلى مشاركة لاهوتك”.
المسيح قام
ولتكن سنوكم عديدةً مباركةً وسلامية