“هذه هي رسالتكم: أن تعززوا مع المؤمنين الآخرين، بطريقة أخوية وودية، مسيرة البحث عن الله؛ آخذين بعين الاعتبار أتباع الديانات الأخرى لا بطريقة مجردة، وإنما بشكل ملموس، مع قصّة، ورغبات، وجراح، وأحلام” هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في كلمته إلى المشاركين في الجمعيّة العامة لدائرة الحوار بين الاديان.
استقبل قداسة البابا فرنسيس صباح الاثنين في القصر الرسولي بالفاتيكان المشاركين في الجمعيّة العامة لدائرة الحوار بين الأديان وللمناسبة وجّه الأب الأقدس كلمة رحّب بها بضيوفه وقال لقد دخل الدستور الرسولي ” Praedicate Evangelium ” حول الكوريا الرومانية حيز التنفيذ، ولم يفقد هذا القطاع من خدمته للكنيسة والعالم أياً من أهميته.
بل على العكس، لأنَّ العولمة وتسريع الاتصالات الدولية يجعلان الحوار بشكل عام، والحوار بين الأديان بشكل خاص، مسألة حاسمة. وبالتالي أعتقد أنه من المناسب جدًا أنكم قد اخترتم، لهذه الجمعيّة العامة، موضوع الحوار بين الأديان والعيش المشترك، في المرحلة التي تريد فيها الكنيسة بأكملها أن تنمو في السينودسية، لتنمو ككنيسة الاصغاء المتبادل حيث يكون لكل فرد فيها ما يتعلمه.
وبالتعاون مع الكوريا بأكملها، يمكنكم أن تتبنّوا نموذج روحانية المجمع الفاتيكاني التي تم التعبير عنها في القصة القديمة للسامري الصالح، والتي بموجبها يوجد وجه المسيح في وجه كل إنسان ولا سيما في الرجال والنساء الذين يتألمون.
تابع البابا فرنسيس يقول إنَّ عالمنا، الذي أصبح مترابطًا بشكل أكبر، ليس أخويًا وبهيجًا، بل على العكس تمامًا! وفي هذا السياق، إذ تدرك دائرتكم أن الحوار بين الأديان يتم من خلال العمل والتبادل اللاهوتي والخبرة الروحية … تعزز البحث الحقيقي عن الله بين جميع البشر. هذه هي رسالتكم: أن تعززوا مع المؤمنين الآخرين، بطريقة أخوية وودية، مسيرة البحث عن الله؛ آخذين بعين الاعتبار أتباع الديانات الأخرى لا بطريقة مجردة، وإنما بشكل ملموس، مع قصّة، ورغبات، وجراح، وأحلام. بهذه الطريقة فقط سنتمكن من أن نبني معًا عالم يمكن للجميع أن يقيموا فيه بسلام.
وإزاء تتابع الأزمات والصراعات، يحاول البعض أن يهربوا من الواقع باللجوء إلى عوالم خاصة، فيما يواجهها البعض الآخر بعنف مدمر، ولكن بين اللامبالاة الأنانية والاحتجاج العنيف، هناك على الدوام خيار ممكن وهو الحوار.
وختم البابا فرنسيس كلمته بالقول أشجعكم جميعًا على تنمية روح وأسلوب التعايش في علاقاتكم مع الأشخاص من تقاليد دينية أخرى: نحن بحاجة ماسة إلى ذلك اليوم في الكنيسة وفي العالم! لنتذكر أن الرب يسوع كان يتآخى مع الجميع، وأنه رافق أشخاص كانوا يُعتبرون خطأة ونجسين، وأنه شارك مائدة جباة الضرائب دون تحيز. ودائمًا خلال وجبة بهيجة، أظهر نفسه كخادم وصديق أمين حتى النهاية، ومن ثمَّ كالقائم من بين الأموات، الحي الذي يمنحنا نعمة التعايش العالمي.
أيها الإخوة والأخوات الأعزاء، أشكركم على عملكم، لا سيما على عملكم الخفي والأقل ظهوراً، وربما الممل أحياناً. لترافقك العذراء مريم ولتحفظكم في الطاعة الكاملة للروح القدس. أبارككم مع عائلاتكم، وأسألكم من فضلكم أن تصلّوا من أجلي.