في عيد الجسد بقلم الدكتور جلال فاخوري

لم يكن العالم زمن السيد المسيح يشاهدون تمثيلية تُنبأ عن وجود سحِرة ممن يتلاعبون بعقول البشر لتسويق قدراتهم، ولم يكن التلاميذ الذين تناولوا العشاء مع السيد المسيح بل كانوا ممن سلّموا قلوبهم للمسيح ومشوا في خط مختلف عما كان يعيشه الشعب آنذاك.

وبإختلاف القدرات والمعجزات التي أقامها المسيح وبحضور وعِلم معظم التلاميذ بدأ يسري فيهم دماء إيمان حقيقي من أحدٍ تجاوز العقل واخترق الطبيعة بما كان يقوم به من خوارق. وهنا نتوقف قليلا لنسأل، هل يمكن لأحد أن يفعل المعجزات حتى إقامة الأموات ويعجز عن تحويل الجسد إلى مأكل ومشرب؟! هذا سؤال قد يُعجز العامة لكنّه لا يُعجز الله إذ في العشاء يقول لتلاميذه ” خذوا كلوا هذا هو جسدي وهذا هو دمي لمغفرة الخطايا” مدخلاً في النفس البشرية بسّر القربان.

فجسد المسيح ودمه صارا طريقاً عملياً لدخول الملكوت إذ يقول من لا يأكل ولا يشرب دمي فليس له حياة فيّ أو في الملكوت، ويعتبر هذا الحديث هو أحد أهم الأسرار المسيحية. وكان السيد المسيح يشير بعمله هذا إلى موته وقيامته ولتكون عنوان الحياة المسيحية لكل مؤمن في إشارة للفداء. فإذا كان جسد المسيح فداء لنا فما بالنا لا نفتدي المسيح بأوراحنا؟ فكما يتحول الدم إلى منقذ للحياة البشرية فما بالنا بدم المسيح الذي تحوّل إلى خمرٍ وحوّل الماء في عرس قانا الجليل إلى خمر لأن روح الله فيه والقوة التي يمتلكها جسد المسيح لاتقاوم. فالروح القدّوس لا تقاوم، ليس لنا أن نعرف سر تحول الجسد إلى خبز والدم إلى خمر فالإيمان يسوقنا تلقائيا إلى الإيمان بعظمة الروح. كيف لنا أن نعرف المسيح لو لم يكن دم المسيح يجري في عروقنا؟

إن جسد المسيح ودمه هو أعظم سّر يستوجب الإيمان. كلما أكلنا هذا الخبز وشربنا هذه الكأس نخبر بموتك إلى أن تأتي يا رب، أي إذا كنتم تطلبون الحياة فاصنعوا هذا لذكري.