الأنجليكان بعد الفاتيكان بقلم الدكتور جلال فاخوري

كم جميل وأخلاقي أن يعتذر زعيم عالمي عن أخطاء مما ارتبكها سابقوه، مثلا قاما ديغول وماتيران الرؤساء الفرنسيون بالإعتذار عن مجازر فرنسا في الجزائر. وقبل عدة سنوات قام القديس البابا الراحل يوحنا بولس الثاني بالإعتذار لبولندا على المجازر التي إرتكبها النازيون أثناء الحرب الثانية، ثم قام البابا الراحل نفسه بزيارة والصلاة لأجل اليهود في مذابح الهولوكوست، وأبرأ اليهود الحاليين من دم المسيح، وصفح عن من حاول إغتياله في تركيا.وهذه الإعتذارات لا يقوى على القيام بها إلا الكبار وزعماء الدين الذين يقودون شعوبهم على السلّم إلى السماء.


اليوم يقوم رئيس الكنيسة الإنجليكانية بالإعتذار عن الرّق وتجارة العبيد وبيع العبيد بسوق النخاسة. فروعة وكبرياء الكبار وزعماء العالم الديني في تواضعهم يعتبرمثلاً يحتذى في التسامح والصفح والعفو.
ولعّل روعة القداسة لدى البابا الراحل يوحنا بولس الثاني هو التواضع وعمق الإيمان والرجاء لديه وإصراره على منح المسيحية صفة الفخر الإنساني. أما رئيس الكنيسة الأنجليكانية في الإعتذار فيتجلّى في عمق إيمانه بالتسامح والسير على خطى المعلّم المسيح الذي سامح وغفر للزانية ولم يدنها.
إن التسامح هو إشتراك بصلب يسوع ومشاركته بدمه الذي هدر لأجل الغفران لكل مؤمن. نعم، فرئيس الكنيسة الإنجليكانية البريطانية قام بعمل مشرّف للإنسانية وللمسيحية خاصة، فالتسامح هو إعطاء النفس البشرية صفة الألوهية ويخلق منه إنساناً باراً، ويعتبر عمل البابا الراحل الذي تصالح مع الكنيسة اللوثرية القديس يوحنا بولس الثاني ورئيس الكنيسة الإنجليكانية صبغة ميّزت المسيحية وعظّمت قدرها. فالإعتذار عن أخطاء الغير هو بصمة توسم الإبرار المؤمنين.
اصفح عنا أيها الإله القدوس يا من بعثت لنا كباراً رواداً على عتبات السِّلم إلى السماء، فجميلٌ أن يعتذر رئيس الكنيسة الإنجليكانية لأن الإعتذار درس لكل مؤمن. وكم من الضغينة والحقد يفاخر بها صغار رجال الدين الحاقدين كبعض المطارنة.