أهمية تنشئة شعب الله على الليتورجيا وإعادة اكتشاف جمال الاحتفال الليتورجي وعيش الإفخارستيا، هذا محور رسالة رسولية جديدة للبابا فرنسيس بعنوان Desiderio desideravi نُشرت مع الاحتفال بعيد القديسَين بطرس وبولس.
تزامنا مع الاحتفال بعيد القديسَين بطرس وبولس يوم ٢٩ حزيران يونيو الجاري نُشرت رسالة رسولية جديدة لقداسة البابا فرنسيس بعنوان Desiderio desideravi تتمحور حول التنشئة الليتورجية لشعب الله حسب ما جاء في بيان للدائرة الفاتيكانية للعبادة الإلهية وتنظيم الأسرار. وتابع البيان أن هذه الرسالة موجهة إلى الأساقفة والكهنة والشمامسة والمكرسين والمؤمنين العلمانيين. وتأتي هذه الوثيقة عقب رسالة موجهة إلى الأساقفة لمناسبة صدور الإرادة الرسولية Traditionis custodes.
هذا وأشار بيان الدائرة الفاتيكانية إلى أن نص الرسالة الرسولية الجديدة للأب الأقدس لا يحمل طابع التوجيهات، بل هو بالأحرى تأمل مطبوع بقوة بالإنجيل ويقدم تحفيزات عديدة من أجل فهم جمال حقيقة الاحتفال الافخارستي والذي تنشأ عنه وتتعزز شركة معاشة في المحبة الأخوية والتي هي الشهادة الأولى والأكثر فعالية للإنجيل.
وأشار البيان هنا إلى ما كتب البابا فرنسيس في الوثيقة الجديدة مؤكدا أن احتفالا ليتورجيا لا يبشِّر لا يكون صادقا، ما ينطبق أيضا على إعلان لا يقود إلى لقاء القائم في الاحتفال، كما ويشدد الأب الأقدس على ضرورة أن ترافق شهادة المحبة كلاً من الاحتفال والإعلان وإلا فسيكونان نحاسا يطن أَو صنجا يرن (راجع ١قور ١٣، ١).
وتابعت دائرة العبادة الإلهية وتنظيم الأسرار في بيانها مشيرة إلى أن الأب الأقدس يقدم في هذه الوثيقة الكثير من الأفكار حول المعنى اللاهوتي لليتورجيا، وحول الحاجة الضرورية إلى تنشئة ليتورجية جادة وحيوية لشعب الله بكامله. تحذر الرسالة الرسولية من جهة أخرى حسب ما تابع البيان من الذاتية وأيضا من روحانية مجردة.
وختمت الدائرة الفاتيكانية أننا وأمام رغبة يسوع في جعلنا مشاركين في جسده وفي دمه لا يمكننا إلا أن نقبل الدعوة التي يوجهها قداسة البابا إلى شعب الله بكامله من أجل الابتعاد عن الجدل كي نصغي معا إلى ما يقول الروح القدس للكنيسة، وأن نحمي الشركة ونواصل الانبهار أمام جمال الليتورجيا.
هذا وتجدر الإشارة إلى دعوة البابا فرنسيس في الرسالة الرسولية الجديدة Desiderio desideravi إلى العودة إلى المعنى العميق للاحتفال الافخارستي انطلاقا من المجمع الفاتيكاني الثاني، وإلى تنشئة ليتورجية.
ويشدد الأب الأقدس في هذه الوثيقة على أن الإيمان المسيحي لا يمكن إلا أن يكون لقاءً مع يسوع الحي، ويتابع قداسته أن الليتورجيا توفر لنا فرصة هذا اللقاء مضيفا أننا لسنا في حاجة إلى تذكُّر مبهم للعشاء الأخير، بل إلى أن نكون حاضرين في هذا العشاء.
ويذكِّر قداسة البابا في الرسالة الرسولية بأهمية الدستور الصادر عن المجمع الفاتيكاني الثاني Sacrosanctum Concilium والذي قاد إلى إعادة اكتشاف الفهم اللاهوتي لليتورجيا. ويعرب البابا فرنسيس في الوثيقة الجديدة عن الرغبة في ألا يتعرض جمال الاحتفال المسيحي وتبعاته الضرورية في حياة الكنيسة إلى تشوه بسبب فهم سطحي ومختزل لقيمته، والأسوأ من هذا جراء استغلال في خدمة رؤية ايديولوجية أيا كانت.
ويحذر البابا فرنسيس في الرسالة الرسولية الجديدة من “دنيوية روحية” مضيفا أن الشفاء منها يتطلب إعادة اكتشاف جمال الليتورجيا، ولا تعني إعادة الاكتشاف هذه بحثا عن جماليات طقسية تركز على الشكل الخارجي للطقس. ويشدد الأب الأقدس على ضرورة الاهتمام بكل جوانب الاحتفال الليتورجي، ويؤكد أن الإفخارستيا هي عطية فصح الرب والتي وحين نتلقاها بوداعة تجعل حياتنا جديدة. يلفت الأب الأقدس الأنظار من جهة أخرى إلى أهمية التربية على فهم الرموز، كما ويشير إلى أن كيفية عيش الجماعات المسيحية للاحتفال الليتورجي تتأثر بكيفية ترؤس الكاهن للاحتفال. ويختتم الأب الأقدس الوثيقة داعيا جميع الأساقفة والكهنة والشمامسة ومنشئي الإكليريكيات وأساتذة اللاهوت ومعلمي التعليم المسيحي إلى مساعدة شعب الله على أن يستمد مما هو الينبوع الأول للروحانية المسيحية.