الكاردينال لويس روفائيل ساكو يكتب:خاطرة عن ثقافة الاعتذار

الإنسان بطبيعته خاضع للخطأ، مهما كان مقامه. لا يوجد إنسان معصوم عن الخطأ، ولهذا نقول الكمال لله.
في مجتمعنا الشرقي الذي يقوم على السلطة والزعامة والمشيخة تكاد تغيب ثقافة الاعتذار. نسمع أحدهم يقول كيف أتنازل وأعتذر؟ الاعتذار يتعارض مع كرامتي وقدري وكبريائي.. والناس تحاول التبرير.. هذه العقلية تعكس شخصية نرجسية.


الاعتراف بالخطأ وطلب الاعتذار والرجوع عنه ليس ضعفاً بل قوة وفضيلة ويزيد احترام الشخص. يقول غاندي: “المسامحة هي حلية الأقوياء”.
الاعتذار يزيل التوتر والتشنج عند الشخص الذي يقدّم عليه ويحرره، ويعبّر عن معرفة الذات والشجاعة، ويفتح المجال للطرفين لنمو الصداقة والثقة.
الاعتذار فن العيش معًا بسلام وسعادة وتوازن، وهو أحد مقومات الحياة المشتركة. ثقافة الاعتذار خطوة بديعة في الحياة خاصة لما تنبع عن الوعي والرغبة الصادقة سوف تتمكن من التنفس والانشراح.
طلب الاعتذار لا يعني أننا أشرار، بل طلب الاعتذار يعبّر عن الرغبة في إصلاح اخطائنا. وعلى الصعيد المسيحي الاعتذار نافذة الى السماء – الله.
يقول أحد الرهبان الروحانيين: “يجب على الإنسان أن يكون متواضعاً بقدر ما يحتاج إلى الهواء الذي يتنفسه”.
اعتذار المؤسسات الدينية
أقدم البابا بندكتس السادس عشر وفرنسيس على طلب الاعتذار عن حالات التحرش الجنسي للقاصرين من قبل بعض رجال الدين وعن أخطاء اقترفها رجالات الكنيسة أو مؤسساتها. وآخر مثل طلب الاعتذار من السّكان الأصليّين في كندا حيث زارهم بالرغم من حالته الصحية الرديئة.
قال لهم: “انتظرتُ صابراً حتى آتي بينكم. ومن هنا، من هذا المكان الذي يحمل ذكريات حزينة، أودّ أن أبدأ ما في قلبي: رحلة توبة. أتيت إلى موطنكم الأصلّي لأقول لكم شخصيًّا إني أشعر بحزن، ولأطلب من الله المغفرة والشفاء والمصالحة، ولأعبِّر عن قربي منكم، ولأصلِّي معكم ومن أجلكم”.
بصراحة ثقافة الاعتذار لم نجدها في مؤسسات أخرى دينية ولا سياسية. هل ستقدّم المرجعيات الدينية الاعتذار عن العنف الممارس ضد المسيحيين سكان الأرض الاصليين لطمأنتهم! إن شاء الله.
يتحتم علينا 
أن نربّي أولادنا على ثقافة الاعتذار وصقل شخصيتهم وإلزامهم إصلاح الخطأ عند وجوده.